بينما جاءت حركة "تمرد" كغطاء للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الشرعي محمد مرسي، عبر الدعوة لمظاهرات 30 يونيو 2013، واستطاعت حملة "بأمر الشعب"، أن تكون سببًا يستند عليه وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، للترشح لمنصب الرئيس، تحاول أحزاب سياسية جمع توقيعات في حملة باسم "حاكموهم" لرفض الحكم ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجال نظامه، في قضية قتل متظاهري ثورة 25 يناير 2011.
لكن شبح فشل حملتي "تجرد" و"مؤيد" اللتين كانتا مناهضتين لحملة "تمرد"، وحملة "باطل" التي عارضت حملة "بأمر الشعب"، يطارد الحملة الأخيرة التي أعلنت عنها أحزاب منضوية تحت اسم "التيار الديمقراطي"، الأسبوع الماضي، لرفض براءة مبارك، ونجليه ووزير داخليته، ومساعديه.
جورج إسحق، القيادي بتحالف التيار الديمقراطي، قال: إن التيار قرر جمع مليون توقيع في حملة خلال فترة زمنية من 10 أيام إلى 15 يومًا، للمطالبة بإعادة محاكمة مبارك في قتل المتظاهرين والفساد السياسي، وهي التوقيعات التي سوف يسلمها التيار للرئاسة لاتخاذ اللازم.
إسحق الذي اعتبر "تكرار جمع التوقيعات الشعبية"، ظاهرة صحية، أضاف: "
المصريون في حاجة دائما إلى فرصة للتعبير عن آرائهم، ولا يقبل أحد ببراءة مبارك، ولو كان هناك برلمان لكنا لجأنا إليه بدلاً من التوقيعات".
والأحزاب التي يضمها التحالف هي "التحالف الشعبي الاشتراكي"، و"الديمقراطي الاجتماعي"، "الكرامة"، و"العدل"، و"الدستور"، و"مصر الحرية"، و"التيار الشعبي" (تحت التأسيس)، و"العيش والحرية" (تحت التأسيس).
ورغم اتباع نفس فكرة حركة تمرد، وهي جمع التوقيعات، غير أن هناك اختلافاً واضحاً بين المشهدين، حيث كان عام 2013 زاخراً بتأييد وسائل الإعلام المصرية لـ"تمرد"، التي لم تكتف بجمع التوقيعات وتسليمها، لكنها دعت في الوقت نفسه إلى مظاهرات تطالب بسحب الثقة من الرئيس وعدم بقائه في الحكم.
إلا أن وسائل الإعلام، في الوقت الحالي، لم تتبن حملة "حاكموهم"، وهو الأمر الذي يفسّره جمال عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية والخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي) بأنه يرجع إلى سببين رئيسين: الأول اختلاف طبيعة المطالب بين الحملتين، حيث ينأى عدد من وسائل الإعلام، التي ساندت
حملة تمرد، عن التعليق على أحكام القضاء بشأن براءة مبارك، الثاني تعاطف عدد من صناع القرار من إعلاميين وساسة مع مبارك.
ورأى أن "اللجوء إلى جمع توقيعات في هذا التوقيت بسبب نقص المؤسسات السياسية والتمثيلية في البلاد، وهو ما يدفع المعترضين على الأوضاع باللجوء إلى صاحب التفويض الأصلي وهو المواطن".
وفسّر عبد الجواد عدم الدعوة إلى مظاهرات عقب جمع التوقيعات إلى ما أسماه "عدم وجود شهية لدى المصريين للاحتجاج مجددًا، وبالتالي فإن التوقيعات حالياً بمثابة احتجاج رمزي على براءة مبارك".
وتعتبر حملة "حاكموهم" الخامسة، التي تستهدف جمع توقيعات المصريين، في نحو عامين، منذ انطلاق حملة تمرد التي أحدثت زخمًا إعلاميًا، وسياسيًا، قبل أن تفضي إلى مظاهرات أفضت بالانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي.
وفيما يلي عرض للحملات الأربع السابقة:
* حملة تمرد (نيسان /أبريل 2013)
دعا إليها عدد من الشباب، بتأييد من جبهة الإنقاذ المعارضة وكانت تضم نحو 22 حزبًا سياسيًا، وهدفت إلى جمع 15 مليون توقيع؛ لسحب الثقة من الرئيس آنذاك محمد مرسي في ذكرى مرور عام على توليه منصب رئاسة البلاد في 30 يونيو2013.
وفي 3 تموز/ يوليو 2013 قام الجيش بالانقلاب على الرئيس مرسي بمشاركة قوى دينية وسياسية عقب احتجاجات ضده.
* حملتا "تجرد" و"مؤيد" (أيار/ مايو 2013)
حملتان أطلقهما مؤيدون للرئيس مرسي آنذاك، للتأكيد على شرعيته كرئيس منتخب ودعم استمراره في منصبه حتى انتهاء مدته بعد نحو 3 سنوات.
ورغم إعلان حملة "تجرد" جمع من 25 إلى 26 مليون توقيع في 30 حزيران/ يونيو قبل الماضي، لكنها لم تستطع مواجهة حملة تمرد، بعد خروج المظاهرات المناهضة لمرسي في ذلك الوقت، وتدخل الجيش في المشهد والانقلاب على مرسي.
* حملة بأمر الشعب (أيلول/ سبتمبر 2013)
دعا إليها مؤيدون لوزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، بغرض جمع توقيعات تطالبه بالترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014.
وكانت الحملة ضمن حملات كثيرة مماثلة حملت نفس الهدف، من بينها حملة "نريد" وحملة "كمل جميلك"، لكنها كانت الأكثر زخماً في فترة ما قبل إعلان السيسي ترشحه في 26 آذار/ مارس 2014.
وفسّر الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي استقالته من منصبه آنذاك كوزير للدفاع، وترشحه للرئاسة بقوله إن الأمر كان "امتثالا لنداء جماهير واسعة من الشعب المصري طلبت منه التقدم لنيل هذا الشرف".
* حملة باطل (تشرين الأول/ أكتوبر 2013)
دعا إليها عدد من الشباب، الرافض للسلطات الحالية، وهدفت إلى جمع 30 مليون توقيع لإنهاء ما يصفونه بـ"الانقلاب العسكري"، لتسليمها إلى جهات ومنظمات دولية.
وتنص استمارة حملة "باطل" على: "عدم الاعتراف بالانقلاب العسكري ولا بما يترتب عليه من تغيرات في منصب رئيس الجمهورية أو الحكومة أو الدستور وغير ملتزم بسداد أي أموال منحتها حكومات دول خارجية لحكومة الانقلاب وأعلن تمسكي بثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والعمل على تحقيق أهدافها والقصاص للشهداء ومحاكمة قادة الانقلاب".
وكان آخر إعلان للحملة عن عدد التوقيعات التي جمعتها، في 26 أيار/ مايو الماضي، حيث أعلنت جمع 14 مليون توقيع.
وفي التاسع والعشرين من الشهر الماضي، قضت محكمة مصرية بعدم جواز نظر دعوى الاتهامات الموجهة لمبارك بـ"التحريض على قتل المتظاهرين"، وبراءته من تهمة "الفساد المالي عبر تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة"، وانقضاء دعوى اتهامه ونجليه علاء وجمال بـ"التربح والحصول على رشوة" لمرور المدة القانونية لنظر الدعوى والمحددة بعشر سنوات، موضحة أن نص القانون كان عائقاً أمام محاسبة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونظامه.
وعقب الحكم دعا عدد من الأحزاب والقوى الشبابية لتنظيم مظاهرات، احتجاجا على حكم براءة مبارك، ومن ثم الإعلان عن حملة "حاكموهم".