أثار نقل وحدات الوقاية المدنية بعض ضحايا الفيضانات بإقليم گلميم، جنوب
المغرب، بشاحنات نقل الأزبال، بدلا من سيارات نقل الأموات موجات غضب طالبت بمحاسبة المسؤولين عن إهانة الموتى، في غياب غير مفهوم لسيارات الإسعاف، ما قلص الآمال بالعثور على ناجين ليهدد بارتفاع الحصيلة إلى ما فوق 40 قتيلا.
وأظهرت صور انتشرت الاثنين، استعانة السكان، الذين شاركهم بعض أفراد الوقاية المدنية الذين حلّوا بعد ذلك بعين المكان، بشاحنة مخصصة في الأصل لنقل الأزبال وتابعة للمجلس الجماعي، في نقل ثلاث جثت تسلموها من الساكنة، مثيرة موجة من الغضب والاستياء لاعتبار ذلك هدرا لكرامة الموتى وإهانة لحرمتهم.
وعاش مواطنون من جماعة تيمولاي بإقليم كلميم، لحظات جد مؤثرة، بحسب شهود عيان، وهم ينتشلون جثت ضحايا فاجعة بويزكارن، بعد غرق 17 شخصا بواد "تيمسورت" الواقع على بعد ستة كيلومترات من مدينة بويزكارن، بگلميم، والذي جرفت مياهه الهادرة ليلة الأحد الضحايا.
وعاين السكان مشاهد الجثث، وهي عالقة بين الصخور والأشجار المتواجدة على ضفتي الوادي، وخرجوا بإمكانياتهم البسيطة ليحلوا مكان عناصر السلطات والوقاية المدنية التي انسحبت مبكرا من عمليات البحث عن المفقودين بعد يأس عناصرها من إيجاد أي من المفقودين.
واضطر القائمون بالعملية إلى الاستعانة بأغطية مستقدمة من المنازل حتى يغطوا الجثامين الموضوعة غير بعيد من الوادي، بعد تمكن المتطوعين من انتشال تسعة من الجثامين التي عثروا عليها تباعا على مجرى النهر، في وقت كانوا ينتظرون فيه تدخل السلطات المختلفة لتسخير الوسائل اللوجيستيكية والبشرية.
على مشارف الأربعين غريقا
وإلى حدود صباح الثلاثاء، لم تعلن مصالح الداخلية عن إنقاذ المفقودين الستة، ما يهدد برفع عدد ضحايا الفيضانات خلال الأيام الثلاثة الماضية، إلى 40 شخصا، بحسب الرواية الرسمية، وسط حديث عن أن ما ظهر للإعلام ليس إلا وجها ظاهرا للكارثة، وأن الحقيقة أكبر مما تظهر الصحافة، كما قال أحمد صدقي برلماني عن دائرة مدينة ورزازات المنكوبة أيضاً.
وأعلنت وزارة الداخلية المغربية، عن وفاة 32 شخصا نتيجة الفيضانات التي أصابت مناطق واسعة من الجنوب والجنوب الشرقي للمغرب خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، في وقت قدّرت فيه وزارة التجهيز وجود أكثر من 300 قنطرة مهددة بالانهيار، بالتوزي مع إغلاق عشرات الطرق الوطنية والرئيسية الرابطة بين المدن الجنوبية.
وقالت وزارة الداخلية، في بلاغ حصلت "عربي21" على نسخة منه، إن التساقطات المطرية التي شهدتها بعض جهات المملكة، أودت بحياة 32 شخصا، من بينهم 24 بإقليم كلميم، مشددة على أن البحث متواصل عن ستة أشخاص آخرين في عداد المفقودين.
وانتشلت مصالح "الدرك الملكي/ الجندرمة" جثث 19 ضحية، الاثنين، فيما لا يزال تسعة أشخاص في عداد المفقودين، بالتوازي مع انتشال فرق الإنقاذ الجثث التي جرفتها سيول وادي "تلمعدرت" حوالي 14 كيلومترا شمال مدينة كلميم، وسيول وادي "تمسورت" حوالي سبعة كيلومترات عن مدينة بويزكارن في الجنوب الشرقي للمغرب.
وأضاف البلاغ أن عمليات الإنقاذ تمكنت إلى الآن من إنقاذ 214 شخصا، تم إنقاذ 14 منهم صباح اليوم بواسطة طائرات مروحية تابعة للدرك الملكي.
وكانت وحدات مشتركة من الوقاية المدنية الدرك والقوات المساعدة، قد انتشلت فرق الإنقاذ جثث 13 شخصا، فيما تُواصل فرق تتكون من تقنيين من وزارتي الداخلية والتجهيز والنقل، بمساعدة من الجيش والدرك، على عمليات إعادة تشغيل الطرق البرية المقطوعة وإجلاء السكان في القرى المنكوبة بالفيضانات.
انقطاع الطرق وانهيار القناطر
أفاد مصدر مقرب من وزير التجهيز والنقل أن حجم السيول والعواصف قد تسببت في شل الحركة بعدد من الطرق، ويتعلق الأمر بست طرق رئيسية توقفت فيها حركة المرور للسيارات والشاحنات بعد الفيضانات، والوضع ذاته سجلته 18 طريقا ثانوية، و29 طريقا فرعية، وفي هذه الأمطار القياسية انهار 83 منزلا من الطين في كل من مدن ميدلت ومراكش والسمارة، في الجنوب المغربي.
وكشف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح لموقع "عربي21" أن الوزارة أحصت القناطر وتوصلت إلى وجود 7500 قنطرة عبر أنحاء المملكة، منها 1500 في حالة جيدة، و3500 متوسطة، و1000 مهددة، بينها 200 قنطرة تستوجب تدخلا مستعجلا، قبل حدوث ما لا يحمد عقباه.
ورشد ذات المتحدث لعنه لأول مرة في تاريخ المغرب، تضع الوزارة "استراتيجية وطنية لإصلاح القناطر" كانت في عهد الوزير رباح، وأن الوزارة حددت مبلغ المخصصات المالية للقناطر في حوالي 400 مليون درهم سنويا، ما يقارب 60 مليون دولار، تدخل فيها القناطر المهيكلة والقناطر الموجودة بالوسط القروي.
ولم يستطع مصدر الموقع تحديد عدد القناطر التي انهارت بفعل السيول الجارفة، مشددا على أن جل هذه القناطر قديمة ولم تعرف إصلاحات منذ إنشائها، باستثناء قنطرة جديدة واحدة تم بناؤها في العهد الحالي، انهارت لأنها لم تكتمل بعد في بنائها.
توقعات بالمزيد
ومن المتوقع أن يستمر تساقط الأمطار في إقليم الجنوب الشرقي خلال اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، بحسب الأرصاد الجوية المغربية، التي تتوقع أيضا نزول ثلوج فوق قمم جبال الأطلس الكبير والمتوسط.
فيما يرتقب أن تعرف المنطقة موجة جديدة من التساقطات ابتداء من الخميس، وسط مخاوف من أن تكون أخطر من سابقتها، حسبما أفادت به مصالح الأرصاد الجوية المغربية، داعية إلى أخذ الحيطة والحذر.
وتستمر عزلة مدن كورزازات وطاطا في إقليم الجنوب الشرقي، جراء انقطاع الطرق بعدما فاضت عليها مياه الوديان وتم تدمير جزء منها نتيجة قوة اندفاع المياه.
وأصدرت الأرصاد الجوية المغربية نشرات تحذيرية من أمطار غزيرة ستعرفها مناطق متفرقة من الجنوب الشرقي المغربي، ففي مدينة ورزازات، كبرى مدن الجنوب الشرقي المغربي، سقط 120 ميلمترا من الأمطار الغزيرة، في رقم قياسي لم تسجله المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
تقديم الدعم للضحايا
ووجه العاهل المغربي محمد السادس بـ"اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لتقديم كل أشكال الدعم للسكان المتضررين" من الفيضانات التي عرفتها مدن في الجنوب الشرقي المغربي خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وفي بلاغ للديوان الملكي المغربي، عبر الملك محمد السادس، عن "مشاطرته لأسر الضحايا والمفقودين آلامهم"، وقرر "التكفل بلوازم دفن جثامين الضحايا، ومآتم عزائهم، وكذا بتكاليف علاج المصابين".