بدأت الأجهزة الأمنية في الأردن حملة اعتقالات طالت عدداً من النشطاء المناصرين للقضية
الفلسطينية، وتحديداً الذين تحركوا من أجل مناصرة الأسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية، بمن فيهم الأردنيون، إضافة إلى تحركهم من أجل قضية القدس، في الوقت الذي يواجه فيه المسجد الأقصى اعتداءات اسرائيلية متكررة مع حملة استيطانية غير مسبوقة تطال المدينة المقدسة.
واعتقلت الأجهزة الأمنية الأردنية قبل أيام الناشط النقابي المعروف المهندس غسان دوعر، الذي ينشط في مجال الدفاع عن قضيتي القدس والأسرى، وهو باحث ومؤلف عدد من الكتب في هذا المجال، كما اعتقلت قوات الأمن الأردنية ابنه براء، إضافة الى المهندس مازن ملصة، وعدداً من الأسرى الأردنيين المحررين من سجون الاحتلال الاسرائيلي.
وتعتبر الحملة الأردنية ضد الأسرى السابقين ومناصريهم غير مسبوقة، وهي الأولى من نوعها، في الوقت الذي تشن فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي عدواناً شرساً على مدينة القدس المحتلة والأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتلوح في الأفق بوادر انتفاضة ثالثة.
لكن المفاجئ في قضية المهندس غسان دوعر وابنه وعدد من المعتقلين معهم، أن الادّعاء العام في الأردن وجّه لهم تهمة القيام بأعمال من شأنها الاخلال بالنظام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، خلافاً لأحكام قانون منع الإرهاب الجديد، فيما أضيفت للمهندس غسان دوعر تهمة تصنيع مواد مفرقعة وتهمة حيازة تصنيع وحيازة مواد مفرقة لنجله براء دوعر.
ونقلت يومية "السبيل" الأردنية عن المحامي عبد القادر الخطيب قوله إنه قابل المعتقلين الثلاثة (دوعر وابنه وملص) في دائرة المخابرات العامة حيث سمح له بالاطلاع على التهم الموجهة لهم فقط دون السماح له بسؤال المعتقلين عن مجريات التحقيق، مشيراً الى أن التحقيق معهم لا يزال جارياً، وأن التهم الموجهة اليهم لا تزال غير نهائية.
وأكد الخطيب أن التهم الموجهة إليهم لا تستند الى مبرر قانوني، خاصة وأن ما تمت مصادرته خلال تفتيش منازل المعتقلين لا تتعدى كونها أوراق وكتب وأجهزة حاسوب وأجهزة خلوية ومبالغ مالية، مؤكداً أيضاً أن استمرار توقيفهم والتحقيق معهم بدون وجود محامي مخالف لاحكام القانون.
في هذه الأثناء، بدا واضحاً أن النظام في الأردن بدأ حملة دعائية تهدف إلى تشويه المعتقلين وإلصاق التهم بهم مبكراً، تمهيداً لنفي ما يعرفه كل الناس عنهم من أنهم نشطاء متضامنون مع الشعب الفلسطيني، كما أنهم ناشطون نقابيون ولا يمارسون أية أعمال خارجة عن القانون.
وظهرت ملامح الحملة الاعلامية ضد دوعر وزملائه من المعتقلين في التحليل المنشور بجريدة "الرأي" الحكومية، وهو التحليل الذي اعتاد الأردنيون على قراءته على اعتبار أنه "منشور صادر عن المخابرات"، حيث تتلقاه الصحيفة جاهزاً من الأجهزة الأمنية لنشره على صفحاتها.
في التحليل المشار اليه، والمنشور قبل يومين فقط، تتهم جريدة "الرأي" الحكومية جماعة الإخوان المسلمين بأنها تحاول "خلط الأوراق من خلال التصعيد في ملفي الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية وكذلك الاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة"، كما اتهمت الإخوان بأنهم يجرون اتصالات "مع تنظيمات غير أردنية تحت صيغ مختلفة منها صيغ تبادل الاسرى"، في إشارة إلى مطالبة حركة حماس بتضمين الأسرى الأردنيين في أية صفقة تبادل، بعد أن فشل النظام الأردني في إطلاق سراح معتقليه من السجون الإسرائيلية، رغم مرور عشرين عاماً على إبرام معاهدة السلام بين عمان وتل أبيب.
أما الأخطر في الاتهامات الجزافية التي نشرتها جريدة "الرأي" فهو الادعاء بأن "توقيف عدد من عناصر الإخوان المسلمين مؤخراً تم بسبب تورطهم بتشكيل خلايا عسكرية على الساحة الأردنية تستهدف الأمن الوطني الأردني بالتنسيق مع تنظيمات غير أردنية، مستخدمة ملفي القدس والأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية لتغطية هذه الارتباطات والانشطة".
وجاءت هذه الاتهامات للإخوان المسلمين ومعتقليهم، في الوقت الذي لا يوجد تنظيم فلسطيني واحد يعمل على الساحة الأردنية، كما لم يسبق لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية أيضاً أن تبنت العنف أو آمنت به أو روجت له، فضلاً عن أنه لا زال من غير المؤكد ولا المعروف إن كان دوعر وابنه وملص وأي من المعتقلين الآخرين ينتمون لجماعة
الاخوان المسلمين أصلاً أم لا، حيث أن الأردنيين يعرفونهم في كافة الأنشطة المناهضة للاحتلال الاسرائيلي، والمناصرة للقدس والأسرى، وليسوا محسوبين حتى على المعارضة في الأردن.