أجبرت قوات الاحتلال
الإسرائيلي الاثنين عائلة فلسطينية على العيش "في كهف" بعد أن هدمت المنزل الذي كانت تعيش فيه في خربة الطويل شرق مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة.
وقال المواطن الفلسطيني أسامة بني فضل الذي كان يعيش في المنزل الذي هدمته إسرائيل مع أبنائه الثمانية وزوجتيه فيما كان يقف أمام منزل بني في أربعينات القرن الماضي من الحجارة: "لقد سكنت هنا قبل ما يقارب أربعة أشهر بعد أن هدموا بيتا آخر كنت أسكن فيه هنا".
وأضاف "إنهم يحاولون طردنا من المنطقة حتى يعطوها للمستوطنين، ولكننا لن نغادر بعد أن هدموا منزلي، اليوم انتقلت للعيش في الكهف."
كان المنزل "الكهف" له باب يمتد إلى الداخل في باطن الأرض.
وأوضح بني فضل وهو في الأربعينات من العمر أن أصغر أطفاله الثمانية عمره سنة ونصف وقد يكون العيش في هذا المكان غير صحي له بسبب الرطوبة ولكنه يفضل العيش هنا على أن ينتقل هو وعائلته إلى مكان آخر.
وقال "نحن هنا في هذا المكان أبا عن جد" واستطرد، وهو يشير إلى بؤرة استيطانية جديدة على التلة المقابلة "، كما ترى أنهم (المستوطنون) يزحفون نحونا."
وأضاف مشيرا إلى الحرب التي اندلعت في يوليو تموز الماضي "خلال الحرب على غزة قام المستوطنون بالاستيلاء على آلاف الدونمات وهم يمنعونا من الرعي فيها لقد أحضروا أبقارا وأغناما معهم إلى المنطقة."
وسبق أن هدمت السلطات الإسرائيلية في نيسان/ إبريل الماضي مسجدا ومساكن وحظائر للأغنام في خربة الطويل بزعم البناء دون ترخيص.
وقال باسم بني جابر المسؤول المحلي في خربة الطويل لرويترز "لقد حضرت جرافات الاحتلال صباح اليوم إلى خربة، وهدمت ثلاثة مساكن، ودمرت خطا للمياه، إضافة إلى تدمير جزء من الطريق المؤدي إلى المساكن في الخربة."
وأضاف "يسكن في الخربة 18 عائلة، والواضح أمام الجميع أن سلطات الاحتلال تواصل التضييق عليهم من أجل ترك المكان وتمكين المستوطنين من السيطرة عليه."
وتابع قائلا "لن نكرر تجربة سكان خربة الدوا (القريبة) الذين أجبرتهم سلطات الاحتلال على الرحيل عنها واليوم أقيم على أرضها بؤرة استيطانية جديدة."
ويقول سكان قرية يانون المجاورة لخربة الطويل والتي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات إنهم يعانون من التمدد الاستيطاني، ويرون أن الحكومة الإسرائيلية تقدم دعما كبيرا للمستوطنين للاستيلاء على أراضيهم.
وقال راشد مرار رئيس مجلس محلي يانون لرويترز: "لقد تحولت قريتنا التي تسكن حاليا فيها ست عائلات إلى سجن كبير بعد تمدد السرطان الاستيطاني ليحيط بها من كل الجهات."
وأضاف "نجحنا في العام 2002 بالعودة إلى مساكننا بمساعدة عدد من المتضامنين الأجانب بعد أن تم إخلاؤنا منها، ومن ذلك الوقت ونحن شوكة في حلق التمدد الاستيطاني".
وتمكن مرار بدعم من السلطة الفلسطينية من إقامة مدرسة في القرية في مبنى مستأجر يدرس فيها سبعة تلاميذ ويعمل بها سبعة موظفين.
وقال أيمن شهاب مدير المدرسة لرويترز فيما كان يجلس على مكتب متواضع في غرفة صغيرة: "ربما نكون أصغر مدرسة في الشرق الأوسط فلكل طالب موظف."
وأضاف "وجود هذه المدرسة ساعد الناس على الصمود في هذا المكان وعدم الرحيل عنه".
ولا يخفي شهاب خوفه على الطلبة من المستوطنين الذين "يأتون أحيانا إلى القرية ويتجولون فيها".
وتبدو القرية كأنها بين فكي كماشة بعد تمدد الاستيطان إليها في السنوات الأخيرة بشكل متسارع.
وقال مرار: "نشهد في السنوات الأخيرة تسارعا كبيرا لتمدد السرطان الاستيطاني في المنطقة حيث أقيمت في الفترة الأخيرة العديد من البؤر الاستيطانية الجديدة بعضها يحمل أسماء مثل جدعونيم وجفعات علام وبعضها يحمل أرقاما مثل777."
وأضاف "المشكلة ليست في قطعة الأرض التي يتم إقامة الكرفانات (منازل متنقلة) أو الخيام عليها، وإنما في مساحة الأرض التي يتم الاستيلاء عليها.
"خسرت يانون ما يقارب 85 في المئة من أراضيها البالغ مساحتها 14450 دونم". ويقدر الفدان بنحو أربعة دونمات.
ويرى مرار أن الهدف من إقامة هذه البؤر الاستيطانية بعلم كامل من الحكومة الإسرائيلية التي تشق لهم الطرق، وتوصل لهم الكهرباء، وتوفر لهم الحراسة، هو إقامة حزام استيطاني يمتد من شرق نابلس حتى الأغوار أو نهر الأردن.
وقال "إن إخلاء أي منطقة من السكان يجعلها لقمة سائغة للمستوطنين."
وذكر غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في محافظة نابلس "أن سلطات الاحتلال انتقلت من هدم المساكن الجديدة في الخربة إلى هدم المباني القديمة التي يعود بعضها لأكثر من مئة عام إضافة إلى تدمير البنية التحتية."
وقال لرويترز خلال تواجده في خربة الطويل بعد عمليات الهدم التي جرت اليوم: "سنعمل كل ما نستطيع لمساعدة السكان هنا على عدم مغادرة المكان."
ويمثل الاستيطان إحدى العقبات الرئيسية في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ أشهر.
وتريد إسرائيل الاحتفاظ في أي اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين ببعض التجمعات الاستيطانية الرئيسية.
ومن المقرر أن يعقد اجتماع في واشنطن اليوم بين وفد فلسطيني يضم صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري لبحث سبل استئناف المفاوضات.
ويأمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يسعى إلى تقديم مشروع في مجلس الأمن لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي تعارضه الولايات المتحدة بأن يتم التوصل إلى صيغة مقبولة من الجانب الأمريكي.
وقال عباس أمس الأحد في بداية اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "عندنا وفد الآن في واشنطن للحوار مع الإدارة الأمريكية حول مضمون هذا القرار" المقترح تقديمه إلى مجلس الأمن.
وأضاف "نأمل أن نتوصل إلى صيغة مفيدة، وهذه الصيغة المفيدة هي أن يشمل القرار أن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس هي أرض دولة فلسطين، ولا بد من تحديد زمن ووقت لإنهاء الاحتلال."
ويخشى الفلسطينيون أن يجعل استمرار النشاط الاستيطاني ومواصلة الحكومة الإسرائيلية في طرح مناقصات لبناء وحدات استيطانية جديدة حلم إقامة دولتهم المستقلة أصعب من أي وقت مضى.