أصدر الرئيس عبد الفتاح
السيسي، الاثنين، قانونا جديدا أصبحت بموجبه كل المنشآت العامة والطرق في البلاد منشآت عسكرية، وهو ما حول
مصر إلى معسكر كبير تابع للجيش، وفق مراقبين.
ووفقا للقانون الذي يتيح لقوات الجيش مشاركة الشرطة في تأمين المنشآت العامة والمرافق الحيوية بالدولة لمدة عامين قادمين، أصبح إتلاف منشأة عامة أو عرقلتها عن تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، أو تعطيل سير العمل أو الطرق، أو "تكدير صفو العمل" يستوجب محاكمة أمام
القضاء العسكري.
وتضمنت المنشآت التي سيحميها الجيش محطات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز، وحقول البترول، وخطوط السكك الحديدية، والطرق والكباري والجامعات، وغيرها من الممتلكات العامة، وما في حكمها.
ويشارك الجيش المصري بالفعل في حماية المنشآت الحيوية في مصر منذ الأيام الأولى لثورة كانون الثاني/ يناير 2011، بعد انهيار الشرطة وانسحابها من الشوارع، لكن الجديد هذه المرة أن
القانون الذي أصدره السيسي اعتبر كل المنشآت العامة منشآت عسكرية، وهو ما يعني تحويل أي شخص يعتدي عليها أو يضر بها إلى القضاء العسكري لمحاكمته، بحسب ناشطين.
محاكمة كل الشعب عسكريا
من جهتها علقت جبهة "استقلال القضاء" على القانون بالقول إن التعديلات الأخيرة التي أقرها السيسي تلغي النظام الجمهوري للبلاد، وتعطل الدستور، وتهدد الأمن القومي، وهي بمثابة جرائم جديدة يرتكبها نظامه.
وأكدت الجبهة في بيان لها وصل "عربي21" نسخة منه، أن كل قرارات قيادات الانقلاب باطلة، لأن "السيسي ومن ساعده في جريمة الانقلاب العسكري لا يملكون أي شرعية لإصدار أي قرارات أو قوانين"، مطالبة الجيش بالعودة إلى ثكناته، وتسليم السلطة للرئيس محمد مرسي.
والسسيسي وصل الحكم من خلال قيادته انقلابا عسكريا على حكم أول رئيس منتخب بعد "ثورة يناير" (محمد مرسي).
وأكدت الجبهة أن التوسع في توريط القضاء العسكري في محاكمة المدنيين واقتحام الجامعات وعسكرة الدولة المصرية المدنية يهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة.
من جهتها، أعلنت حركة "لا للمحاكمات العسكرية" -التي تشكلت إبان حكم المجلس العسكري لمصر في عام 2011- عن رفضها لمحاكمة المتهمين بالاعتداء على المنشآت العامة أمام المحاكم العسكرية، مشيرة إلى أن أهالى بعض القرى الذين يتظاهرون احتجاجا على انقطاع المياه عنهم لأشهر طويلة سيتم محاكمتهم عسكريا وفقا لهذا القانون.
وحذرت الحركة -في بيان لها- من أن هذا القانون سيجعل كل المصرين بلا استثناء عرضة للمحاكمة العسكرية، موضحة أن القوات المسلحة تشارك بالفعل في تأمين المنشآت الحيوية بالدولة منذ "ثورة يناير"، مطالبة بضرورة أن يتم محاكمة المدنيين أمام "القضاء الطبيعي"، وليس العسكري، لأن قضاة المحاكم العسكرية هم ضباط بالجيش يتم تعيينهم وإقالتهم بقرار من وزير الدفاع، و"بالتالي فالقضاء العسكري ليس مستقلا، ولا يقدم أي محاكمة عادلة".
تأخر كثيرا
وفي اليوم التالي مباشرة لإصدار القانون، انتشرت قوات الجيش في محيط الجامعات الحكومية أحكمت سيطرتها علي محيطها لمواجهة مظاهرات الطلبة التي لم تتوقف منذ بدء العام الدراسي الجديد قبل ثلاثة أسابيع، واقتحمت بعضها مثل جامعة المنصورة وعين شمس بالمدرعات.
وبدوره، قال المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، إن القرار الجمهوري بتأمين الجيش للمنشآت العامة يشمل الجامعات والطلاب المحتجين، لافتا إلى أن "القرار تأخر كثيرا، حيث تمر البلاد بحالة حرب حقيقية تحتاج لقرارات استثنائية لمواجهة الإرهاب"، على حد زعمه.
وطالب رئيس مجلس الدولة الأسبق، المستشار محمد حامد الجمل، بضرورة إحالة جميع وكل القضايا المتعلقة بالإرهاب وتقديم جميع قيادات جماعة الإخوان وأعضائها للمحاكمات العسكرية، مؤكدا أن ذلك هو الحل الوحيد لمواجهة العنف والإرهاب فى الشارع المصري، على حد قوله.
وأوضح مساعد رئيس هيئة القضاء العسكري السابق، اللواء نبيل عزت، أنه بموجب القانون الجديد فإن جرائم الإرهاب التي يتم التحقيق فيها الآن بواسطة القضاء الطبيعي سيتم إحالتها إلى النيابة العسكرية لتستكمل التحقيقات ومن ثم نظرها أمام القضاء العسكري، مشيرا إلى أن خضوع الجرائم التي ترتكب ضد المنشآت الخاضعة لتأمين الجيش للقضاء العسكري أمر طبيعي يقره القانون.
التعريف بأهمية القضاء العسكري
وبررت رئاسة الجمهورية -في بيان لها الاثنين- هذا القانون بأنه يأتي في إطار "الحرص على تأمين المواطنين، وضمان إمدادهم بالخدمات الحيوية، والحفاظ على مقدرات الدولة ومؤسساتها وممتلكاتها العامة"، مشيرة إلى أن هذا القرار تم إصداره بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس الوزراء ومجلس الدولة.
وأعلنت الإذاعة المصرية الحكومية عن إطلاق حملة جديدة لتوعية المواطنين "بأهمية القضاء العسكري"، ما أثار استهجان الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد رئيس الإذاعة، عبد الرحمن رشاد، أن الحملة تهدف إلى توضيح الصورة الحقيقية للقضاء العسكري، متهما جماعة الإخوان ومن أسماهم "مرتزقة حقوق الإنسان والطابور الخامس" في تشويه صورته، مشيرا إلى أن الحملة يشارك فيها خبراء وقضاة عسكريين سابقين، للتأكيد على أن القانون الجديد يتوافق مع الدستور، على حد قوله.
وشدد رشاد على أن القضاء العسكري ليس قضاء استثنائيا، وأنه يطبق نفس القوانين التي تطبقها المحاكم العادية، لكنه يتميز بسرعة الفصل في القضايا، و"هو ما سيساهم بشكل كبير في القضاء على الإرهاب، وأن قضاة المحاكم العسكرية على أعلى مستوى من الكفاءة والنزاهة"، على حد وصفه.