في ديسمبر/ كانون الأول عام 1967، نجح الطبيب "كريستيان برنارد" من مدينة كيب تاون، في جنوب أفريقيا في إجراء أول
جراحة لزراعة قلب في العالم، وسرعان ما انتشرت هذه العملية، لاستبدال القلب المصاب بالقصور بآخر يقوم بجميع وظائفه، إلى أن حقق أطباء أستراليون إنجازا طبيا هو الأول من نوعه في تاريخ الطب، بعد نجاحهم في زرع 3 قلوب "ميتة" بعد إنعاشها لتوقفها عن النبض، ما يزيد عدد الأعضاء المتوفرة للزرع.
وفى السابق كانت تأتي تبرعات القلب من أشخاص بالغين، تأكدت وفاتهم دماغيا، في حين تستمر قلوبهم في النبض بصورة سليمة، لكن فريق من مستشفى "سانت فينسنت"، في مدينة سيدني الأسترالية، استطاع إحياء قلب كان قد توقف عن النبض لمدة 20 دقيقة، ثم زرعه في جسد مريض بنجاح.
وعادة ما تؤخذ القلوب النابضة من المتوفين دماغيًا، وتحفظ لمدة حوالي 4 ساعات قبل زرعها في أجساد المرضى.
والقلب هو العضو الوحيد بالجسد الذي لا يمكن زرعه بعد التوقف عن العمل، لكن الأطباء الأستراليون اعتمدوا على تقنية جديدة لإنعاش القلب، من خلال جهاز أطلقوا عليه اسم "القلب في صندوق"، حيث يُدفأ القلب، ثم يُستعاد النبض، ويُحفظ في سائل إنعاش يساعد على تقليل تلف عضلة القلب.
وأنجز الفريق الطبي الأسترالي العمليات الثلاث، قبل أكثر من شهرين، حسبما ذكرت صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية على موقعها الإلكتروني، لكنهم أعلنوا عن نجاح العمليات الثلاث وتفاصيل إنجازهم في وسائل الإعلام الجمعة الماضية.
وكانت المريضة "ميشيل جريبيلاس"، (57 عاما)، التي تعاني من عيب خلقي في القلب، أول شخص يخضع لهذه الجراحة.
وتقول "جريبيلاس": "أصبحت شخصية مختلفة تمامًا، أشعر كما لو كان عمري 40 عامًا، أنا محظوظة جدا"، وقد أجريت عمليتان ناجحتان بنفس الطريقة لاحقا.
من جانبه، قال "بيتر ماكدونالد"، رئيس وحدة
زراعة القلب في مستشفى "سانت فينسنت": "يعتبر هذا الإنجاز خطوة كبيرة تجاه تقليل العجز في التبرع بالأعضاء".
وأضاف "ماكدونالد" أن الفريق الطبي كان يعمل على تطوير تقنية "القلب في صندوق" منذ 20 عامًا، لكنه كثف العمل عليها خلال السنوات الأربع الماضية.
وأوضح أن الهدف الأساسي من التقنية هو كيفية تنشيط القلب، وإعادته للعمل بعد توقفه، وذلك من خلال حفظ القلب في وعاء يحتوى على محلول كيمياوي بعد نزعه من المتبرع، وربطه بدائرة كهربائية معقمة تبقيه دافئا وبعد ذلك يبدأ القلب بالنبض.
وأشار إلى أنه يتم حفظ كل قلوب المانحين في هذا الجهاز لمدة 4 ساعات قبل عملية الزرع، وبمراقبة أداء القلب على الجهاز، يمكن للأطباء أن يحددوا ما إن كان هذا القلب سيعمل بشكل سليم بعد زرعه أم لا.
ويتوقع "ماكدونالد" أن ينقذ جهاز "القلب في صندوق" حياة المزيد من المرضى، ويزيد الأعضاء المتوفرة للزرع بنسبة 30%.
في المقابل، قال "جيمس نيوبيرجير"، المدير المساعد لوحدة الدم، وزراعة الأعضاء بالخدمة الطبية الوطنية بالمملكة المتحدة، إن "الجهاز فرصة لزيادة أعداد وجودة الأعضاء المتاحة لزراعتها، لكن من المبكر توقع أعداد المرضى الذين يمكن أن تنقذ هذه التكنولوجيا حياتهم كل عام، إن تبنينا هذه الطريقة في زرع الأعضاء في المستقبل".
ولم تتوقف محاولات الأطباء عند زراعة القلب من المانحين فقط، فقد أجرى فريق طبى بمستشفى "جورج بومبيدو" بالعاصمة الفرنسية باريس، بنجاح أول عملية لزراعة قلب صناعي من إنتاج شركة "كارمات" الفرنسية، لا يحتاج إلى بطارية لتشغيله، وكان ذلك في كانون الأول/ ديسمبر عام 2013.
لكن المستشفى الفرنسي، أعلن عن وفاة المريض، بعد 75 يوما من إجراء العملية، ولم يحدد الأطباء آنذاك سبب وفاة الرجل، البالغ من العمر 76 عامًا، على وجه الدقة.
يذكر أن أول محاولة لزراعة أعضاء من أحد المتبرعين المتوفين، كانت على يد الجراح الأوكراني "يو يو فورونوي" في ثلاثينيات القرن العشرين، لكن رفض جسد المتلقي للعضو المنقول أدى إلى فشل العملية برمتها.
وتعد الكلى أول عملية ناجحة لزراعة عضو من إنسان لآخر، وأجريت على يد الجراحين الأمريكيين "جوزيف موراي"، و"جي هارتويل هاريسون" عام 1954، وكانت بين توأمين متماثلين، ويرجع نجاح هذه العملية إلى عدم الحاجة إلى تثبيط المناعة في حالات التوائم المتطابقة وراثيا.