لجأ زعيم النظام الانقلابي في مصر إلى الأسطوانة المشروخة ذاتها عند تبرير مقتل الجنود المصريين في
سيناء واعتبر أن ما جرى عبارة "مؤامرة خارجية" وأن الهجوم تم بدعم خارجي دون أن يوضح ما هي الجهات التي دعمت وما هو نوع الدعم.
إلا أن أخطر ما قاله رئيس النظام الانقلابي هو وعيده لقطاع
غزة وإعلانه أنه سيتخذ إجراءات كثيرة في المنطقة الحدودية في خاصة في رفح "لإنهاء المشكلة من جذورها"، وبادر إلى إعلان فرض حالة الطوارئ وحظر التجول في شمال سيناء وإغلاق معبر رفح مع قطاع غزة حتى إشعار آخر.
تصريحات السيسي وإجراءاته على الأرض تعني أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هي المعنية بتهديد السيسي ووعيده، مما يضع قطاع غزة في حالة مواجهة مباشرة مع النظام المصري الانقلابي الحاكم في القاهرة.
بالطبع لجأ السيسي إلى الحل التقليدي والشماعة الجاهزة دائما وهي "المؤامرة الخارجية"، لكنه لم يتحدث إطلاقا عن الحرب المستمرة ضد أهالي سيناء منذ الانقلاب المشؤوم وحتى الآن ولا الجرائم التي ارتكبت بحقهم ولا إهمالهم ومعاملتهم على أنهم ليسوا بشرا.
منذ بداية الانقلاب حتى الآن، وخلال 15 شهرا فقط، قتل نظام السيسي الانقلابي 1050 من أبناء القبائل في سيناء، 70 مواطنا شهريا، واعتقل أكثر من 8000 شخص وجرح 3000 آخرين وهدم 860 بيتا وحرق أكثر من 1000 من عرائش البدو، وجرف أكثر من 120 ألف شجرة زيتون معمرة ومثمرة على الطريق الممتدة من العريش إلى الشيخ زويد ومن الجورة إلى نفس المدينة، وردم 45 بئرا ارتوازيا من الآبار الجوفية في المنطقة، وحرق أكثر من 600 سيارة من سيارات أهل سيناء وقام بتجريف كل الأشجار القريبة من الحدود الفلسطينية في مدينة رفح.
والسيسي نفسه اعترف بقتل 500 "إرهابي"، وهي مجزرة حقيقية بكل المقاييس والمعايير، والسؤال الذي يوجه للنظام : هل من السهولة قتل "500 إرهابي" وهو العدد الذي لم تستطع أن تقتله الطائرات الأمريكية ومعها مقاتلات 10 دول حليفة في عين العرب- كوباني، فهل أمريكا وطائراتها أضعف من الآلة العسكرية لنظام السيسي الانقلابي؟ أم أن الذين يقتلهم السيسي هم عبارة عن ناس عاديين مسالمين ولا علاقة لهم بالإرهاب المزعوم؟
لعبة السيسي ونظامه الانقلابي في سيناء واضحة وجلية، فهو يريد تفريغ شمال سيناء من سكانه، ويكفي الإشارة إلى أن مجلس مدينة رفح والشيخ زويد شكل لجنة وأعد قائمة من 680 منزلا يجب على سكانها مغادرتها وإخلاؤها، لتفريغ المنطقة القريبة من قطاع غزة من السكان، مقابل الحصول على أرض على بعد 30 كيلومترا من الحدود أو تعويضات مالية، مما أثار غضبا شعبيا بين سكان رفح والشيخ الزويد، وكان ردهم: إن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع أن يجبرهم على مغادرة بيوتهم وهجر أراضيهم وممتلكاتهم، واتهموا الجيش وقادته بأنهم يريدون الاستيلاء على الأرض وليس محاربة الإرهاب كما يدعون، فالمسلحون موجودون في الجبال وليس في المدن.
مشكلة حكام القاهرة أنهم لا يفهمون "السيكولوجية البدوية" ولا يقدرون معنى الدخول في صراع مع البدو، ولا يعرفون أن الثأر عن البدوي لا يموت أبدا، وأنه يعيش حياته كلها من أجل الحصول على حقه بالقوة، وإن كل الناس الذين قتلوا وجرحوا لهم أهل سيثأرون لهم عاجلا أم آجلا. ومع هذا يستمر الجنرالات الانقلابيون في حماقاتهم لدفع فاتورة "الاعتراف بهم ومنحهم الشرعية" عبر التحول إلى أداة في "حلف كوباني لمحاربة الإرهاب" بهدف حماية إسرائيل واقتلاع حماس وكل الفصائل الجهادية الفلسطينية.
اللعبة في سيناء كبيرة، وكرة النار ستكبر، وستكون أكبر من قدرة الجنرالات الانقلابيين على احتوائها، وتفريغ سيناء من سكانها وتحويلها إلى منطقة عازلة لن يجدي نفعا، بل على العكس سيتحول كل سكان سيناء إلى أعداء شرسين للنظام الانقلابي.
أما حماس فإذا كانت "إسرائيل" بكل قوتها لم تقدر عليها، فهل سيقدر عليها الجنرالات الانقلابيون الذين يقودون نظاما مهترئا؟ هذا صعب إن لم يكن مستحيلا، واجتثاث سيناء وغزة حلم مستحيل سيتحول إلى كابوس يؤرق الجنرال السيسي وانقلابييه.
(بوابة الشرق)