أثار الإعلان عن إنشاء إدارة جديدة في وزارة الداخلية
المصرية تحت مسمى "
الشرطة المجتمعية"، الجدل بين المصريين، حيث سيتم منح صفة "الضبطية القضائية" لبعض المدنيين لاعتقال أي مواطن في حالة "ارتكب جريمة".
وفي حين يرى البعض أن "الشرطة المجتمعية" ستساعد أجهزة الأمن المصرية في تحقيق "الانضباط في الشارع"، أكد آخرون من معارضي الانقلاب في مصر أنها لن تكون سوى "آلية جديدة لشرعنة العنف، وتقنين للبلطجة، وقمع المعارضين السياسيين".
وكان قسم التشريع بمجلس الدولة وافق على تعديل
قانون هيئة الشرطة -الذي اقترحته وزارة الداخلية وينتظر تصديق رئيس الجمهورية عليه- بما يسمح باستحداث فئة جديدة تسمى "معاون الشرطة المجتمعية" لتحقيق "الانضباط الأخلاقي" على أن تكون مقارهم داخل الأحياء السكنية.
تقنين للبلطجة
وأثارت الصلاحيات الواسعة التي يمنحها القانون لفئة الشرطة الجديدة مخاوف عديدة من فتح الباب على مصرعيه للنظام الحاكم لضم مؤيديه من "البلطجية" إلى أجهزة الأمن الرسمية، والسماح لهم بمواجهة المعارضين السياسيين، ولكن بشكل قانوني وبغطاء رسمي على خلاف ما حدث منذ عدة سنوات.
وفي هذا السياق، حذرت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" من أن استحداث فئة "معاون شرطة مجتمعية" ومنحها حق الضبطية القضائية، "سيكرس للعنف المجتمعي، ولن يحل المشكلات الأمنية الراهنة".
وقالت التنسيقية في بيان لها، الاثنين - تلقت "عربي21" نسخة منه - إن الفئة الجديدة المرتقبة ستكون امتدادا لعصر المخلوع مبارك في استخدام "البلطجية" في مواجهة الشعب.
وتابعت بأن استحداث "الشرطة المجتمعية" خاصة في هذا التوقيت لن يؤدي سوى إلى مزيد من شرعنة العنف و"
البلطجة" في المجتمع، خاصة وأن معتادي الإجرام هم الفئة المرشحة الأولى لشغل تلك الوظيفة، ما يعني تكريس الإجرام في المجتمع ومنحه غطاء قانونيا".
واختتمت بيانها بالتحذير من زيادة مخاطر وجود "حروب شوارع" خاصة بين العائلات وفي أماكن العصبيات في الصعيد والمناطق البدوية، وكذلك زيادة انتشار السلاح بين شريحة أكبر في المجتمع، "غير واعية وغير مدربة".
ومن جهته، رأى نائب رئيس حزب الوسط ووزير الشؤون البرلمانية الأسبق، الدكتور محمد محسوب، أن "تضخم أجهزة الأمن وما أسماه "بعثرة" صفة الضبطية القضائية على مؤيدي السلطة الحالية والاستعانة بشركات أمن خاصة وشرعنة فرق البلطجة والمخبرين، هو سلوك كل سلطة قمعية مذعورة تشعر بقرب زوالها".
وبدوره حذّر نائب رئيس حزب "الوطن" السلفي، الدكتور يسري حماد، من أن "استحداث جهاز الشرطة المجتمعية يمثل مزيدا من التصعيد الذي يقود إلى حرب أهلية".
وأضاف حماد - عبر صفحته في "فيسبوك " أن "الداخلية تدرك قرب سقوطها في حال انسحاب الجيش إلى ثكناته، وأن الميليشيات المسلحة التي قررت وزارة الداخلية إنشاءها ستعمل كبديل مناسب".
وأوضح أن جهاز الشرطة المجتمعية سيخضع للداخلية في الترخيص والتدريب والتوجيه، لكن الوزارة سوف تخلي مسؤوليتها عنه عندما يقوم بتنفيذ "أعمال قذرة"، مشيرا إلى أن الجهاز سيكون بتمويل خارجي عن طريق بعض رجال الأعمال، لزيادة أعداد رجال الأمن والمساهمة في التصدي لمظاهرات متوقعة كبديل عن "المواطنين الشرفاء".
واعتبرت حركة شباب "6 إبريل" إنشاء الشرطة المجتمعية، بمثابة تحويل البلطجية لمليشيات أمنية مسلحة.
كما انتقدت جبهة "استقلال القضاء" فكرة الشرطة المجتمعية، ومنح أفرادها الضبطية القضائية، واصفة إياها بأنها "بلطجة مقننة"، ودعوة صريحة للاقتتال المجتمعي.
واتهمت الجبهة -في بيان لها الاثنين- مجلس الدولة بتوسيع منح الضبطية القضائية رضوخا لرغبات قادة الانقلاب العسكري على الرغم من أن برلمان 2012 رفض التوسع في منح الضبطية القضائية.
ضرورية لمواجهة المظاهرات والتحرش
وقال وزير الداخلية المصري، محمد إبراهيم، إن مشروع القانون يهدف إلى تحقيق التوافق والترابط بين ما يطمح إليه المواطن من الشعور بالأمن، مع مراعاة المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، على حد قوله.
وأشار إبراهيم في تصريحات صحفية إلى أن هذا النظام معمول به في عدد من دول العالم من بينها بريطانيا والسعودية والإمارات، لمد جسور التواصل بين المواطن المصري والشرطة، خاصة بعد أن تسببت تصرفات بعض رجال الأمن في خلق صورة سيئة عن الشرطة.
ويشترط في المتقدم لهذه الوظيفة أن يكون مصريا، ويتراوح عمره بين 19 و23 عاما، وحاصلا على الشهادة الإعدادية كحد أدنى، على أن يخضع لدراسة في معاهد الشرطة مدتها عام ونصف.
يشار إلى أن حزب البناء والتنمية -الذراع السياسي للجماعة الإسلامية- كان قد أعلن في آذار/ مارس 2013 عن مشروع قانون لتقنين أوضاع اللجان الشعبية التي عرفتها مصر إبان "ثورة يناير" بعد انهيار الشرطة، بهدف بناء جهاز يعاون الشرطة، لكن المشروع واجه في ذلك الوقت انتقادات واسعة ومقاومة شديدة من معارضي الرئيس محمد مرسي، الذين يبدون الآن ترحيبهم بذات الفكرة.
وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء مدحت جمال، في تصريحات صحفية، إن الشرطة المجتمعية ستساعد الأمن في مواجهة جرائم جديدة انتشرت في المجتمع مؤخرا، مثل المظاهرات والتحرش الجنسي، مضيفا أنها ستسهم أيضا في توظيف عدد كبير من الشباب العاطل عن العمل.