بدأت العاصمة الأندونيسية جاكرتا ببناء "سور عظيم" في البحر، هو واحد من أكبر السدود في العالم، لدرء
الفيضانات عن المدينة المترامية الأطراف، لكن البعض يشكك في إمكانية نجاح المشروع.
والسور الذي سيمتد 35 كلم على طول خليج جاكرتا على الساحل الشمالي للمدينة -16 مترا تحت البحر وسبعة أمتار فوقه- هو حجر الزاوية لمشروع طويل الأمد تقدر تكلفته بما يفوق 40 مليار دولار، ويتضمن القيام بعمليات ردم للبحر واستحداث جزر.
وسيتخذ مجمل المشروع شكل النسر الأسطوري (غارودا) الشعار الوطني لأندونيسيا.
ويتعرض هذا البلد في جنوب شرق آسيا الذي يسوده مناخ استوائي، لفيضانات كبيرة سنويا خلال فصل الامطار.
وتقع جاكرتا على أرض غير مستقرة مشبعة بالمياه، وتغور فيها رويدا رويدا.
وإذا كان الهدف الأساسي "للسور العظيم" الوقاية من الفيضانات، سيتيح المشروع الجديد أيضا إسكان مليون شخص على 17 جزيرة جديدة، في مدينة يناهز عدد سكانها عشرة ملايين نسمة وتكبر باستمرار، وتشهد ضغطا سكانيا قويا جدا.
ويعتبر مهندسو المشروع الذي تنفذه الحكومة الأندونيسية بمساعدة خبراء هولنديين، أنه الحل الوحيد لحماية جاكرتا على المدى البعيد.
وبدأ تنفيذ المشروع رسميا الأسبوع الماضي.
وقال بوربا روبرت م. سيانيبار وهو المسؤول في وزارة الاقتصاد التي تأخذ المشروع على عاتقها: "هذه مسألة حياة أو موت"، معتبرا أن الفيضانات الكبيرة تهدد حياة مئات الآلاف من الأشخاص إذا لم تتخذ أي إجراءات.
إلا أن البعض يشكك في جدوى هذا المشروع الكبير في بلد تعتبر مشاريعه على صعيد البنى التحتية الجديدة سيئة، على غرار مشروع بناء خط حديد أحادي في جاكرتا، الذي ترافق مع قضية
فساد كبيرة قبل ست سنوات، وتم تجميده منذ ذلك الحين.
واعتبر المنسق في وزارة الشؤون الاقتصادية، شايرول تانجونغ، منذ إطلاق "السور الكبير" أن خلافات مع الحكومات المقبلة يمكن أن تؤدي إلى تأخير كبير في إنجازه.
ويشكك آخرون في الجدوى الشاملة للمشروع، معتبرين من جهة أنه لن يمنع غرق المدينة في الأرض، وأنه مهدد من جهة أخرى بالفساد الناجم عن منح شركات استدراجات عروض في مقابل رشاو.
وترددت أصداء هذا التحذير في 2007 لدى ظهور نوع جديد من الفيضانات التي أغرقت أحياء بكاملها تحت المياه، عندما تخطى المد العالي السدود المقامة لاحتواء مياه البحر، وهي ظاهرة لم تحصل من قبل.
ويمكن تفسيرها بازدياد عمليات ضخ مياه الطبقة الجوفية لتلبية حاجات السكان الذين ازداد عددهم سريعا في السنوات الأخيرة.
وأدت عمليات الضخ إلى خسوف الأراضي، ولوحظت هذه الظاهرة في مدن ساحلية أخرى مثل بانكوك، وهو شي منه المدينة.
وبنيت بعض أحياء الساحل الشمالي لجاكرتا على طبقة من الصلصال الرخو، وتغور 14 سنتيمترا في السنة، ما يعرضها للغرق بضعة أمتار تحت مستوى البحر في غضون عقود، كما يقول مسؤولون يشاركون في مشروع السد.
ويعني هذا الخسوف أن الأنهار الثلاثة عشرة في جاكرتا قد تغور أيضا تحت مستوى البحر، وتتوقف بالتالي عن الجريان، ما يزيد من خطر حصول فيضانات.
وبعد الفيضانات الكبيرة في 2007 التي أرغمت مئات آلاف الأشخاص على مغادرة منازلهم، بدأت السلطات في التحضير لهذا المشروع.
وسينجز بناؤه على بعد ستة إلى ثمانية كيلومترات عن الساحل، بين 2025 و2030، فيما قد يستغرق بناء منازل على الجزر الجديدة عقدا إضافيا.
وسيقام خزان هائل بين الجزر والسد لتخزين طوفان الماء، وتجنيب المدينة خطر الفيضان، حسب المشروع.