شهدت بنغازي الليبية معارك عنيفة الخميس بعد الهجوم الذي شنته القوات الموالية للواء المنشق خليفة
حفتر ومدنيين مرتزقة، على مقاتلي مجلس
ثوار بنغازي الذين يسيطرون على ثاني كبرى المدن الليبية.
وأفادت مصادر طبية بأن 25 شخصا على الأقل قتلوا خلال 24 ساعة منذ صباح الأربعاء في هذا الهجوم الجديد الذي شنته قوات حفتر بما فيها كتائب الجيش الموالية له.
وقالت المصادر إن 13 شخصا قتلوا منذ ليل الأربعاء خلال اشتباكات قوات حفتر مع الثوار وأعمال قتل متفرقة في مدينة بنغازي.
ولقي الأربعاء 12 شخصا مصرعهم في الاشتباكات وأعمال قتل متفرقة في المدينة، ما يرفع الحصيلة إلى 27 قتيلا خلال 24 ساعة.
وأكد مصدر في مركز بنغازي الطبي إن "سبعة جثث نقلت إلى المركز الخميس".
وأوضح أحد موظفي المشرحة في المركز طالبا عدم ذكر اسمه أن "القتلى السبعة الذين تلقتهم المشرحة بينهم ثلاثة عسكريين قتلوا في معارك بنينا وشخص آخر يدعى عبدالعزيز مفتاح عبدالعزيز تم اغتياله وسط المدينة من قبل مسلحين"، دون أن يحدد الجهة التي يتبعها.
وتابع بأن "ثلاثة آخرين وجدوا مقتولين بالرصاص غرب بنغازي"، لافتا إلى أن "المركز تلقى جثثا لخمسة قتلى آخرين ليل الأربعاء الخميس".
ويشارك مدنيون مسلحون إلى جانب قوات اللواء حفتر التي شنت هجوما جديدا بهدف السيطرة على مدينة بنغازي التي يسيطر عليها الثوار.
والأربعاء أعلنت قوات حفتر أنها استولت على مقر كتيبة "17 فبراير" الإسلامية الواقع في مدخل بنغازي الغربي، ونفت مصادر مقربة من ثوار بنغازي ذلك وقالت إن قولت حفتر تكبدت خسائر هائلة.
ويوم الخميس أعلن مصدر عسكري أن قوات حفتر "اضطرت لاحقا إلى الانسحاب من هذه القاعدة العسكرية بعد أن استهدفها المقاتلون الإسلاميون بقذائف صاروخية"، على حد قوله.
وأضاف المصدر أنه تم في اللحظة الأخيرة إفشال عملية انتحارية ضد نقطة تفتيش بالقرب من معسكر الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة في منطقة طابلينوا غرب بنغازي.
وأوضح أنه تم "قتل السائق قبل أن يتمكن من تفجير السيارة المفخخة".
وذكر مراسلون من وكالة فرانس برس أن دوي انفجارات وإطلاق نار سمع ليلا في أحياء مختلفة من بنغازي، ويبدو أن حدة المعارك تراجعت صباح الخميس في بنغازي في حين حلقت مروحية ومقاتلة عسكريتان فوق المدينة.
لكن الهدوء الحذر الذي ساد صباح الخميس سرعان ما تبدد مع اندلاع مواجهات عنيفة بين الكتيبة 21 والمسلحين المساندين لها، وبين ثوار
ليبيا والجماعات الإسلامية في محيط منطقة قاريونس والقوارشة عند المدخل الغربي لمدينة بنغازي.
ويقع مقر الكتيبة 21 ومقر اللواء 204 دبابات المواليين لحفتر على مقربة من مقر الكتيبة 17 فبراير .
وقال شهود عيان إن اشتباكات عنيفة وحرب شوارع تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة تدور في محيط منطقة قاريونس والقوارشة.
وأكد هؤلاء الشهود حدة المعارك، فيما لفتوا إلى أن "آلاف السكان عالقون في محيط تلك الاشتباكات التي تقع على مقربة" من منطقة سكنية.
وليل الأربعاء نفى قيادي في كتيبة 17 فبراير أية سيطرة أو اقتراب من مقر الكتيبة من قبل قوات حفتر، قائلا إنهم "غنموا عدة آليات ودبابة من القوات التي كانت تنوي الهجوم على الثكنة".
وحتى مساء الخميس لم تنتشر وحدات حفتر داخل المدينة كما كان متوقعا، حيث لم تنزل قواته بعد من حيث تتمركز في مرتفعات الرجمة الواقعة في الضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة.
وأمام هذا التأخر بدأ الثوار باصطياد المسلحين المرتزقة الذين انضموا إلى قوات حفتر بعمليات اعتقال وقتل، وفقا لما أفاد مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه.
يشار إلى أنه بعد اشتباكات الأربعاء تعرضت الصيدلية المركزية بمدينة بنغازي لإصابة مباشرة جراء سقوط قذائف صاروخية.
وذكر موقع وزارة الصحة بالمنطقة الشرقية أن سقوط القذائف والصواريخ على هذه الصيدلية أدى إلى اندلاع النيران بها وإتلاف أجزاء كبيرة من محتوياتها قبل أن يتم إخماد الحريق.
وما تزال الحركة في المدينة مشلولة فيما شهدت مختلف المصالح الحكومية والخاصة تعطيلا تاما بسبب الاشتباكات الدائرة في المدينة.
وتعتبر بنغازي الأكثر اضطرابا في بلد تعمه الفوضى وتسيطر عليه الميليشيات منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي بعد نزاع دام ثمانية أشهر في 2011.
وأمام ضعف الحكومة الانتقالية شن اللواء حفتر الذي شارك في الثورة على القذافي، هجوما في أيار/ مايو على كتائب الثوار التي يصفها بأنها "إرهابية".
واتهمت السلطات الانتقالية اللواء حفتر حينها بمحاولة "انقلاب"، وأعلنت كتائب من الجيش الليبي دعمها عملية اللواء حفتر وهجومه على بنغازي.
وزعم المحلل الليبي فرج نجم المؤيد لحكومة الثني المشكلة في طبرق وللواء حفتر، أن الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي ويقودها عبد الله الثني "ليس أمامها من خيار سوى الاقتراب من حفتر الذي ينظر إليه على أنه منقذ ليبيا".
وتابع بأنه "خلافا لخصومهم ليس للحكومة ميليشيات تساعدها على فرض نفوذها"، علما بأن
حكومة الثني تم تعيينها من قبل نواب موالين لحفتر.
وانتقد تحالف الميليشيات المسلحة، لا سيما الإسلامية المتحدرة من مدينة مصراتة (شرق طرابلس) والتي تسيطر على العاصمة منذ آب/ أغسطس ، هذا التقارب بين حفتر والسلطات الانتقالية.
ووسع التحالف الذي أطلق عليه اسم "
فجر ليبيا" والذي شكل مؤخرا، هجومه إلى غرب طرابلس.
ومنذ أيام تدور معارك ضارية بين "فجر ليبيا" وقوات الزنتان (غرب البلاد) وحلفائهم، لا سيما من مدينة ككلا على مسافة مئة كلم جنوب غرب طرابلس.
وأوضح نجم أن "النزاع في الغرب هو نتيجة صراع على السلطة والمال، بعد هزيمة الإسلاميين في الانتخابات التشريعية في حزيران/ يونيو"، زاعما أن معارك الشرق ما هي إلا "ضد مجموعات (متطرفة) تعارض العملية الديمقراطية وإقامة دولة".
ويرى المحلل أن تجدد أعمال العنف قد يعرقل الحوار السياسي الذي أطلقته الأمم المتحدة نهاية أيلول/ سبتمبر من أجل إنهاء الفوضى المؤسساتية في البلاد.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارة إلى طرابلس السبت الماضي إلى وضع حد لأعمال العنف مطالبا خصوصا بوقف "المعارك بين قوات حفتر والإسلاميين"، على حد قوله.