أعرب عدد من الحقوقيين
المصريين (المؤيدين للانقلاب) عن غضبهم الشديد من قيام الجنرال عبد الفتاح
السيسي بإصدار قرار جمهوري بتعديل قانون العقوبات في مادته رقم 78 حول تمويل
الأنشطة الأهلية، مؤكدين أن التعديل يختزل قوانين الطوارئ في مادة واحدة، وينتهك الدستور.
ونشرت الجريدة الرسمية "القرار الجمهوري بتعديل المادة "78" من قانون العقوبات"، لتشديد العقوبة على طلب وتلقي أموال من أشخاص أو منظمات محلية ودولية.
وينص التعديل على تجريم "كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها أو من شخص اعتباري أو من منظمة محلية أو أجنبية أو أي جهة أخرى لا تتبع دولة أجنبية، ولا تعمل لصالحها، أموالا سائلة أو منقولة أو عتادا أو آلات أو أسلحة أو ذخائر أو ما في حكمها أو أشياء أخرى أو وعد بشيء من ذلك، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو في حكمها أو أشياء أخرى أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام".
وينص التعديل على "العقوبة بالسجن المؤبد، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه إذا كان الجاني موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة في زمن الحرب أو تنفيذا لغرض إرهابي".
ووصف النائب الأول لرئيس أول حكومة عينها العسكر بعد الانقلاب سابقا، الدكتور زياد بهاء الدين، التعديل بأنه "يخالف ضوابط وأسس التشريع المصري، ويعلق سيفا على رقاب كل من له نشاط عام، بما في ذلك الأحزاب والنقابات وأي نشاط أهلي أو اجتماعي"، على حد تعبيره.
وأضاف أنه برغم أن القانون لم يتضمن سوى تعديل المادة (78) من قانون العقوبات، إلا أنه تضمن تعبيرا غريبا تم إقحامه في نهاية التعريف، هو (وأي أشياء أخرى)؛ لنجد أنفسنا أمام نص جنائي يجرم الحصول على أشياء غير محددة، ويرتب على ذلك عقوبة تصل للإعدام، متجاهلا مبدأ دقة النص الجنائي، وقطعية دلالته".
ومتفقا معه، قال نجاد البرعي، المحامي بالنقض والشريك الرئيس للمجموعة المتحدة، إن تعديل المادة "78" من قانون العقوبات يشوبه العوار، ويتنافى مع مبدأ "شرعية الجرائم والعقوبات" الذي أقرته المحكمة الدستورية العليا.
وأضاف أن القوانين لا يجب أن تتضمن عبارات إنشائية ومائعة مثل التي تضمنتها تعديلات المادة "78" من قانون العقوبات، متوقعا الحكم عليها بعدم الدستورية.
وأشار البرعي إلى أن قانون العقوبات يتضمن 7 مواد تعاقب منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية حال وقوع المخالفات المالية والإدارية، إضافة إلى العقوبات التي يتضمنها قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002.
وقال: "لا توجد ظروف اضطرارية تستدعي تغليظ العقوبات على منظمات المجتمع المدني".
ومن جهته، حذر جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، من أن الصياغة المطاطية للمادة تجعلها تنسحب على الصحفي الذي يعمل في صحيفة عربية أو دولية أو من يعمل في شركات استثمارية أو هيئات دولية او جمعيات خيرية كجزء من المجتمع المدني، بل يمكن أن تنطبق على أي شخص مرتبط أو متزوج بأجنبية وحصل منها على هدية.
وشدد عيد على أن المادة تختزل قوانين الطوارئ والعقوبات والإرهاب في مادة واحدة مصاغة بشكل إنشائي غير قانوني لتسمح بمعاقبة كل من ترغب الحكومة في عقابه، وليس كل من يخالف القانون.
وتضم شبكة الجمعيات الأهلية في مصر -بحسب الهيئة العامة للاستعلامات لعام 2009- أكثر من 16ألفا و800 جمعية تمارس أنشطة متباينة.
مؤيدون للتعديل
في المقابل، ذكر حزب الجيل الديمقراطي أن التعديلات "ضرورية، وتقتضيها مصلحة البلاد واستقرارها، وضرورات الأمن القومي"، بحسب بيان أصدره الحزب.
وأضاف البيان أن هذه التعديلات تأخر إصدارها عقدا من الزمان، "ما كون جيلا من العملاء تحت مسميات مختلفة براقة تتعلق بحقوق الإنسان وكرامته، وهم غير مؤمنين بها، وينفذون أجندات الأعداء، ويتحركون بحرية تحت حماية الدول المانحة للتمويل، والطامعة في هز استقرار البلاد وتقسيمها".
وقال عاطف المغاوري نائب رئيس حزب التجمع، إن القرار الجمهوري يؤكد أن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح نحو تجفيف منابع الإرهاب والعمالة للخارج.
وأشار إلى أن موقف حزب التجمع منذ البداية يرفض بشكل قاطع
التمويل الأجنبي، أيا كانت أهدافه أو الجهات المستفيده منه، قائلا: "نحن نعتبر التمويل الأجنبي كله حراما، ويضر بالأمن القومي المصري، لأن من يعطيك أموالا اليوم ينتظر منك المقابل غدا".
وفي سياق متصل، أعلن ائتلاف "الجبهة المصرية" أن التعديلات ضرورية، وتقتضيها مصلحة البلاد واستقرارها.
ممولون.. ومتمولون
من جهتها، تبارت صحف ومواقع صحفية مصرية في رصد منظمات ومؤسسات دولية تمنح ملايين الدولارات للنشطاء في مصر، كما أنها ذكرت أسماء أهم المؤسسات الحقوقية المصرية التي حصلت على ملايين الدولارات من هذه المؤسسات التي قالت إنها تتبع المخابرات الأمريكية والغربية، وكلها تؤيد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.
فقد أشارت تلك الصحف والمواقع إلى أنه يعمل في مصر 6 منظمات ومؤسسات دولية مانحة لملايين الدولارات واليورو هي: مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية، ومبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، والوقفية الأمريكية الديمقراطية «NED»، والمؤسسة الأمريكية الدولية لأنظمة الانتخابات، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة المجتمع المفتوح التي يرأسها الأمريكي اليهودي جورج سورسي.
أما المنظمات الحقوقية المصرية التي حصلت على تمويل أجنبي فتضمنت: المعهد المصري الديمقراطي، وحركة 6 إبريل، والمركز العربي لاستقلال القضاء للمحامي ناصر أمين، والمجموعة المتحدة للاستشارات القانونية لنجاد البرادعي، ومركز هشام مبارك للقانون، ومؤسسة أحمد سيف الإسلام حمد، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة الاجتماعية، ومؤسسة سهم الثقة للتنمية بالإسماعيلية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أسسها المحامي جمال عيد، ومركز المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي أسسه حسام بهجت.
كما أن القائمة تضمنت ما يلي: مركز دعم التنمية والتأهيل المؤسسي والمكتب العربي للقانون، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي التي أسسها المحامي محمد زارع، ومركز موارد التنمية، ومركز دار المستقبل للاستشارات القانونية ودراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني.