تُراقب محافظات جنوب
اليمن، بقلق بالغ تطورات الأوضاع في الشمال وسيطرة جماعة أنصار الله "
الحوثيين" على العاصمة
صنعاء، حيث يشهد الشارع الجنوبي نشاطاً مكثفاً لفصائل "الحراك الجنوبي" استعداداً لإحياء الذكرى الـ51 لثورة 14 من تشرين الأول/ أكتوبر ضد المحتل البريطاني1963 بتظاهرة في مدينة عدن، وسط خشية كثيرين من الاتجاه نحو مسارات أخرى.
ويرى مراقبون أن فرص دعوات الانفصال في
جنوب اليمن باتت أوفر؛ بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في ظل عملية سياسية هشة مهددة بالانهيار في أية لحظة، والتدهور غير المسبوق في أجهزة الدولة المختلفة.
الأكاديمي والباحث في مركز الجزيرة للدراسات نجيب غلاب قال إن "الاستراتيجية التي تحكم كل أفعال الحراك الجنوبي هي الانفصال، والوضع الراهن الذي فرضه الحوثيون في صنعاء، يمكن أن تستغله قوى الحراك في إتمام مشروع الانفصال واقعيا".
وأضاف لــ"عربي 21" أن الحوثيون صاروا اليوم رأس حربة الانفصال حيث يعملون بجهد عالٍ على إضعاف وتدمير الحاضنات السياسية والاجتماعية للوحدة شمالا وجنوبا، وكل أفعالهم تقود إلى تهيئة الجنوب للانفصال ولديها خطوط تواصل مع تيارات جنوبية في هذا السياق" على حد وصفه.
وبيّن أن "الحوثية هي الوجه الآخر للانفصال، وتكاملها مع أشد أصوات التطرف الجنوبي -الحراك الجنوبي فصيل البيض- واضح وكلاهما تربطهما صلة بإيران"، لافتا إلى أن "جنوب اليمن مرتبط بالتحولات الدراماتيكية في الصراع القائم في صنعاء ومصيره ستحدده طبيعة تلك التحولات فالانفصال وإن كان خيار تيارات جنوبية معروفة، إلا أن تحققه متصل بنسق الأحداث في الشمال والأقاليم ناهيك عن الاستراتيجيات الغربية الغير معلنة".
من جهته، نفى رئيس المجلس الأعلى للثورة الجنوبية صالح يحيى سعيد نية الحراك إعلان الانفصال من طرف واحد في الوقت الحالي، كما نفى سعيه لإسقاط المدن والمقار الرسمية عسكرياً، أو النية في فتح مخيمات اعتصام ثابتة في عدن، إلا أنه توقع أن تشهد الساحة الجنوبية أحداثاً هامة وكبيرة في الأيام القادمة.
وقال سعيد في تصريحات صحفية إن "كل ما يجري الحديث عنه إشاعات تروج لها بعض الجهات، أما الموقف الرسمي للحراك فسيعلن عنه في فعالية الاحتفاء بذكرى ثورة 14 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، مشيراً إلى أن "ما يجري حالياً في صنعاء ليست له علاقة مباشرة بالجنوب، ولكن أي أحداث لها علاقة بالجنوب فسيتم الاستفادة منها قدر المستطاع"، حد قوله.
وشدد على "رفض الحراك لموضوع الأقاليم والفدرالية ونتائج الحوار، وأن هدفه الرئيسي هو التحرير واستعادة الدولة عبر تفاوض بين القيادة في الشمال والقيادة في الجنوب وتحت رعاية عربية ودولية".
مؤكدا أن "التأييد والتعاطف الدولي مع الجنوب سيزداد كلما أثبت الحراك وجوده على الأرض من خلال تصعيد النضال السلمي بمختلف أشكاله، والنشاط السياسي والدبلوماسي الخارجي والعصيان المدني، وترك الخيارات الأخرى مفتوحة عندما تفشل الطرق السلمية" حسب تعبيره.
وفي السياق ذاته أكد الصحفي المتخصص في شؤون الحراك الجنوبي أنيس منصور أن "تداعيات سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين على المشهد في الجنوب، كشف حقيقة تجاهلها لطالما تم تجالها من قبل البعض وهي أن الحوثيين استخدموا دعم الحراك وتحالفه مرحليا فقط لإضعاف الدولة وإرهاقها من خلال اللعب على وتر القضية الجنوبية وقناعتهم بالانفصال".
وأضاف لــ"عربي21" أن "الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، أنصدم كثيرا بخطاب زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي مؤخرا، الذي أكد أن القضية الجنوبية مطلبية وليست سياسية، ما أثار حفيظة حلفاءه في الحراك"، موضحا أن "قيام بعض قوى الحراك بتشكيل مجالس عسكرية بالمحافظات الجنوبية، مجرد فرقعات إعلامية، ومحاولات يائسة لاستدعاء تجربة الحوثيين في إسقاط المدن عسكريا".
وذكر منصور أن "الواقع اليوم في جنوب اليمن، تغيّر بعد وصول الفئة الصامتة إلى قناعة بعدم جدوى بقاء الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب، وأضحت كثير من النخبة الجنوبية تفضل فك ارتباطها تماما بالشمال، مع الإبقاء على العلاقات والتنقلات والمعاملات بينهما، لكن الخوف يتزايد من سقوط المحافظات الجنوبية بأيدي مقاتلي جماعة "
أنصار الشريعة " أخطر أجنحة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، والذي سبق انهيار المؤسسة الأمنية والعسكرية بسرعة في الشمال أمام مليشيا الحوثي، فيما يسود الاعتقاد بانهيارها في جنوب البلاد أمام القاعدة"، حسب تعبيره.
وتبقى الأوضاع في جنوب اليمن، مفتوحة على كافة الاحتمالات ومرهونة بمخرجات التحركات المكثفة لتيارات جنوبية، خلال الأيام القادمة، والذي سبق وشكلّت مجالس عسكرية في بعض المحافظات هناك.