كتب فيليب ستيفنز في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن خيارات الرئيس الأميركي باراك
أوباما في
سوريا، وقال إنها تزداد سوءًا.
ويقول الكاتب إن باراك أوباما محام جيد ولكنه ليس قائدا جيدا، مشيرا للنقد الذي وجهه إليه وزير الدفاع والسي أي إيه السابق ليون بانيتا في مذكراته التي صدرت حديثا.
ويؤكد ستيفنز أن بانيتا لديه كتاب يريد بيعه، ولكن نقده يقدم نفس الرؤية، التي قدمها مسؤولون سابقون متقاعدون أو استقالوا، حول "حذر" الرئيس الشديد، وهي نفس المظاهر التي يقدمها حلفاء أميركا، ويتساءل الكاتب هل هو في الحقيقة رئيس؟
ويرى ستيفنز أن حصار بلدة كوباني في شمال سوريا على يد مقاتلي تنظيم الدولة أضاف للنقد الموجه لأوباما. فقبل أسبوعين أعلن الرئيس عن خطته لإضعاف وتدمير تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش"، والآن يهدد سقوط كوباني بسيطرة "داعش" على مناطق واسعة في شمال سوريا.
ويبين الكاتب أن الولايات المتحدة لم تتلق دعما من حليفتها الاسمية
تركيا، فأنقرة حذرة حول مصير كوباني، حيث يشير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعلاقة الوثيقة بين مقاتلي كوباني وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، وهو ما يجعلهم، حسب رأيه، إرهابيين مثل "داعش". وعلى ما يبدو فهو راض برؤيتهم محاصرين من قبل الجهاديين السنة، حسب الصحيفة.
ويرى ستيفنز أن أردوغان يحاول استخدام كوباني كوسيلة للضغط على الولايات المتحدة وجرها للحرب الأهلية السورية. فقد اشترطت أنقرة عدة شروط للدخول في الحرب إلى جانب التحالف ضد "داعش"، وهي موافقة الرئيس أوباما على نشر قوات أميركية ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وعليه فتركيا ستوافق على الدخول في حرب ضد "داعش" في حالة وعدت الولايات المتحدة بقتال الأسد أيضا.
ويضيف الكاتب "إن ما يفترض أنها (القوة الثالثة) في سوريا لا تعيش إلا في خيالات الغرب". ومن هنا فيطلب من الولايات المتحدة الدخول وقتال طرفي الحرب في سوريا، "داعش" والنظام. وهو أمر مثير للغرابة حتى في مقاييس الشرق الأوسط.
ويعتقد ستيفنز أن اقتراحات أردوغان مثيرة للسخرية، ولكن المنطقة الآن منقسمة إلى قسمين، بين من تعتبرهم أعداءها ومن تراهم حلفاء لا يمكن الوثوق بهم. وحتى الدعم الذي تحظى به الولايات المتحدة من أعضاء التحالف يظل محدودا ومشروطا. فالسعودية ودول الخليج مستعدة للضغط ومواجهة الإسلاميين المتشددين الذين دعمتهم في حالة واحدة، وهي أن لا تؤدي هزيمة "داعش" لتقوية
إيران وحلفائها في دمشق وبغداد.
ويشير الكاتب إلى أن جرّ الولايات المتحدة إلى حرب يسمح لحلفائها بتجنب تحمل مسؤولياتهم ولإخفاء نقافهم المتعدد "ادفع باراك أوباما لإرسال قوات على الأرض، وعندها فسيلوم كل واحد الأميركيين على الفوضى والعنف الذي أصبح قصة الشرق الأوسط".
هناك من يقول إن على أوباما ألا يلوم غير نفسه. بسبب الخطأ القاتل الذي ارتكبه عند تردده في استخدام قواته العسكرية ضد الأسد، فقد وضع خطا أحمر حول استخدام الأسلحة الكيماوية ثم تراجع، فقد قلل الرئيس من قدرة الولايات المتحدة على تشكيل الأحداث، وفق ستيفنز.
ويمضي ستيفنز قائلا "حسنا، لو تم التخلص من الأسد، هل كان الحكم سيقع في أيدي المعتدلين الذين لا يراهم أحد، فقد كان ممكنا أن يقود "داعش" أو جبهة النصرة الزحف نحو دمشق، وهو وضع كان يدعو الكثيرين للطلب من أوباما إعادة نشر القوات التي سحبها من العراق".
ويجد الكاتب أن حذر أوباما له علاقة بالأخطاء التي ارتكبها سلفه. ومهما فكر الواحد منا في أثناء حرب العراق وأفغانستان فالنصر السريع لا يعتبر بديلا عن الاستراتيجية. فما حاول جورج بوش تقديمه على أنه استعراض للقوة الأميركية "صدمة وترويع" انتهى، كي يقدم درسا حول حدود القوة الأميركية.
ويلفت ستيفنز إلى أن أوباما تبنى مدخلا ذكيا ورؤية حول موقع الولايات المتحدة في العالم، ولكن القوة الأميركية التي لا يمكن الاستغناء عنها أصبحت قوة غير ضرورية في منطقة الشرق الأوسط. وكل هذا لا يعني أن الرئيس استخدم القوة بطريقة جديدة، فرئيس أقوى دولة في العالم لديه نقطة ضعف حول كيفية استخدام القوة، فالتحليل الكثير يؤدي أحيانا إلى الشلل. فنقاد أوباما يأخذون عليه إحالته للموضوعات للمستشارين السياسيين الذين يملأون أروقة البيت الأبيض، والذين ربما أخبروه أن الجلوس متفرجا قد يؤدي لدفع ثمن أكبر من التحرك، لكن أوباما فشل في الإمساك بهذا المفهوم. فمن السهل الحديث عن عدم فعالية السياسة الخارجية وغياب التماسك.
ويخلص ستيفنز إلى أن هناك حاجة كي يبدأ الغرب بالتفكير من أن إيران الشيعية هي التي تمنح الاستقرار للمنطقة وليست الأتوقراطيات السنية.