مرسوم رئاسي لحماية المبلغين عن قضايا فساد بالجزائر

أعلنت الحكومة الجزائرية، الاثنين، التزامها بحماية المبلغين عن قضايا الفساد و الرشوة وضمان حياة الشهود، بعد سنوات من مطالبة نشطاء محاربة الفساد بالبلاد، بضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات فعلية من أجل حماية كل من يكشف عن قضية فساد بأي هيئة من الهيئات الرسمية للدولة.

جاء ذلك بمضمون الجريدة الرسمية، للجمهورية الجزائرية، صدرت، الاثنين، وتتضمن أهم فصل ضمن "الاتفاقية العربية لمحاربة الفساد" ويتعلق بـ"حماية المبلغين و الشهود"، في قضايا الفساد التي تصل المحاكم بالجزائر.

وكشف مرسوم رئاسي وقعه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، التزام الحكومة، بالاستجابة لواحدة من المطالب الجوهرية التي ظل يرفعها لسنوات، خبراء مكافحة الفساد، ومنظمات حقوق الإنسان، المحلية و الدولية.

ويتزامن إصدار المرسوم مع تصديق الجزائر، الاثنين، على " الاتفاقية العربية لمحاربة الفساد" التي أعلن عنها بالقاهرة مارس/ آذار، العام 2010.

وأورد المرسوم الرئاسي، أن "الدولة توفر الحماية القانونية اللازمة للمبلغين عن قضايا الفساد و الشهود و الخبراء و الضحايا الذين يدلون بشهادة تتعلق بأفعال تجرمها هذه الاتفاقية وتشمل هذه الحماية أقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم من أي انتقام أو ترهيب محتمل".

وجاء بالمرسوم الرئاسي أيضا أن " الدولة تعمل على توفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم وعدم إفشاء المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن تواجدهم، وان يدلي المبلغون بقضايا الفساد و الخبراء و الضحايا بأقوالهم على نحو يكفل سلامتهم مثل الإدلاء بالشهادة عبر استخدام تقنية الاتصالات".

وينص المرسوم كذلك على عقوبات "بحق كل من أفشى معلومات متعلقة بهوية أو بأماكن تواجد المبلغين أو الشهود أو الخبراء أو الضحايا".

وقال فاروق قسنطيني، رئيس "اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها" التابعة للرئاسة، بالجزائر " نرحب بهذا المرسوم إذ لا بد على الدولة أن تتخذ إجراءات فعلية لحماية كل من يملك دلائل موثقة ويدلي بشهادة أمام المحكمة بخصوص قضية فساد".
 
وأفاد قسنطيني في تصريح ل"عربي 21" الاثنين" إن الفساد تحول إلى رياضة وطنية وعلينا إحاطة مكافحة الظاهرة بكل الوسائل الممكنة"، وأضاف" إن لم نحمي المبلغين عن المفسدين و المرتشين وناهبي المال العام فكيف نحارب الفساد".
 
ولاحظ قسنطيني، مسارا "معوجا" في محاربة الفساد، بالجزائر،طيلة السنوات الماضية، إذ سنت الحكومة العديد من التشريعات، لكنها أغفلت "حماية المبلغين و الشهود".
 
وتراجعت ديناميكية محاربة الفساد بالجزائر بسبب مخاوف الكاشفين من تعرضهم للانتقام حال تبليغهم عن ملفات فساد.
 
وقال قسنطيني " من حق أي إنسان أن يخاف على نفسه وعائلته، إن هو تجرأ وأبلغ النيابة العامة في البلد عن قضية اختلاس أو رشوة في أي هيئة من الهيئات الرسمية بالبلد"، وتابع " حاليا أظن أن هذه المشكلة قد زالت، إذ يمكن حتى الإشهاد أثناء المحاكمة عن بعد من خلال تقنية اتصال خاصة تصل الشاهد بالقاضي مباشرة".
   
لكن مصطفى بوشاشي، الحقوقي النشط بمجال محاربة الفساد، يشكك في أن تقدم الحكومة الجزائرية على تطبيق نص المرسوم الرئاسي الذي كشفت عنه الرئاسة بالجزائر، اليوم.

 وقال بوشاشي في تصريح ل"عربي21"، الاثنين" نحن بمنطقة عربية حيث رموز النظام هم من يرتكبون جرائم الفساد وليس المواطنين".
 
وأضاف " تصديق الحكومة الجزائرية على الاتفاقية العربية لمحاربة الفساد، أمر إيجابي، لكن لا يمكن تطبيق المرسوم الدال على ذلك، في ظل غياب سيادة القانون الذي يطبق حاليا بإنتقائية".
 
ويعتبر بوشاشي أنه" مرحليا يمكن لنشطاء محاربة الفساد المستقلين أن يتخذوا المرسوم، ركيزة قانونية تحميهم من المتابعات القضائية المجحفة ".
 
وبالتوازي، تحضر الحكومة الجزائرية، للإعلان عن مسودة الدستور الجديد للبلاد ويتضمن بند إضافي يجعل من محاربة الفساد" مسألة دستورية لا تراجع عنها"، ويجبر كل مسؤول استلم وظيفة جديدة، أن يصرح بممتلكاته أمام هيئة خاصة، قبل بدء عمله.

 لكن  جيلالي حجاج، رئيس " الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد" أكد  لـ"عربي21"، الإثنين،" ليس لدينا ثقة في السلطة عندما تتحدث عن دسترة مكافحة الفساد".