كتاب عربي 21

مطلوب معارضة عميلة

عبد الله المجالي
1300x600
1300x600
تبحث أمريكا أو تعد معارضة سورية تصفها بالمعتدلة لملء الفراغ الذي سينتج عن هزيمة داعش وتقهقرها عن المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، ،إن حصل ذلك.

الغريب أن الثورة السورية التي تدخل عامها الرابع قريبا لم تكن ثورة موالين لنظام بشار الأسد، بل كانت ثورة معارضين، والذين يقاتلون النظام السوري لا أعتقد أنهم موالون له، بل معارضون. وهؤلاء لا يوجدون على المريخ أو زحل، بل هم في قلب سوريا، في ثلثي مساحة سوريا المحررة. أما إذا استثنينا مناطق سيطرة داعش فهم متواجدون أيضا في مساحات شاسعة من سوريا، ويمكن رؤيتهم بالعين المجردة.

إذا عن ماذا تبحث واشنطن، إنها ببساطة تبحث عن معارضة عميلة؛ أجل عن معارضة عميلة مع احترامي لجميع المعارضين الذين يؤيدون دورا لواشنطن في الأزمة السورية.

قد يختلف معي كثيرون، وهذا شيء طبيعي، لكن الجميع يتفق معي على أن لواشنطن وحدها دون غيرها حق تصنيف المعارضة السورية التي ستوجه لها الدعم، أليس كذلك، وإذا كان كذلك، وهو كذلك، فإن واشنطن تبحث عن معارضة على مقاسها، فما هو مقاس واشنطن يا ترى؟

ليس غريبا أن يقول الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر صحفي غداة توجيه جيشه أولى الضربات الجوية ضد داعش، إن بلاده مصممة على تدمير كافة الملاذات الآمنة التي ينطلق منها إرهابيون لتهديد مواطنينا. ضعوا خطا تحت مواطنينا؛ ليس مواطني سوريا الذين ذاقوا الأمرين من حكم آل الأسد، ولا السعوديين أو الإماراتيين أو الأردنيين الذين سارعوا بتنفيذ ضربات جوية في عمق الأراضي السورية في عمليات لم تقم بها السعودية والإمارات، منذ قصف القوات العراقية في حرب الخليج الأولى.

واشنطن تدافع عن مصالحها ومواطنيها، وهي تبحث عن معارضة توفر لها تلك الحماية، وهي بين معارضة عميلة تنفذ المطلوب دون نقاش، أو معارضة مطيعة تماما كالأنظمة العربية المطيعة لواشنطن.
على إن الكيان الإسرائيلي المحتل يقع بالقلب من مصالح واشنطن في المنطقة، وعلى المعارضة المعتدلة خاصة واشنطن أن تضع ذلك في حسبانها، تماما كالأنظمة العربية المطيعة.
غير أننا إذا نحينا جانب البراءة والسذاجة و"الهبل" الذي يغلف تفكيرنا وعواطفنا وتحركاتنا، فإن السياسة الأمريكية التي ما زالت حتى الآن تبحث عن المعارضة المعتدلة الخاصة بها، ربما وجدت ضالتها بنظام الأسد، فكيف لنا أن نتخيل امتلاء سماء سوريا بطائرات التحالف وطائرات النظام السوري بذات الوقت، ثم الأولى تذهب لتقصف داعش في الرقة والثانية تذهب لتقصف المعارضة في إدلب، أليس هناك برج مراقبة واحد ينسق عمليات الطيران تلك؟

الجبهة المشتعلة في الجنوب؛ القنيطرة ودرعا، والتي وصلت مراحل متقدمة لبدء معركة دمشق الكبرى، خمدت بعد استهداف التحالف العربي الغربي لمقرات جبهة النصرة وقتل عدد من قادتها في إدلب، فجبهة النصرة هي الفصيل الرئيس والقوي الذي يقاتل نظام الأسد في الجنوب، ما اضطره إلى إخلاء مقراته ومواقعه، فهل كان هذا صدفة.

الحرب خدعة، وهو ما فعلته واشنطن حين سخّرت كل إعلامها، وسخِرت منا، وجعلت الجميع يعتقد أن الحرب على داعش ستكون في شقه العراقي، وأن الشق السوري دونه تعقيدات كثيرة، فكانت الضربة في سوريا، ولم يكن أحد يتحدث عن جبهة النصرة، فباغتتها الصواريخ وحصدت عددا من قادتها. ومن يمنع أن تستمر الخديعة فيخرج النظام السوري منتصرا في هذه الحرب.

في انتظار المعارضة العميلة التي تحقق مصالح واشنطن والكيان الإسرائيلي، أو ولادة جديدة للنظام السوري الذي سيحقق تلك المصالح، أما الثورة السورية فهي بانتظار رحمة الله والمخلصين من أبنائها.
التعليقات (0)