تصاعد الهجمات التفجيرية بالطرق ذاتها تقريبا في جميع أرجاء العاصمة
المصرية القاهرة، وما يصاحبها من تفجيرات أقل عنفا في باقي محافظات الجمهورية، يسلط الضوء على مدى قدرة
الأجهزة الأمنية أو الآخرين من ناحية، وعلى المستفيد من تلك العمليات التي لن تقضي على الجهاز الأمني، ولن تغير من المعادلة السياسية، من ناحية أخرى.
في قضية التفجيرات يقف الناس في مصر في معسكرين، المعسكر الأول النظام بكل أجهزته الأمنية والاستخباراتية ومتحدثيه ومحلليه من السياسيين والإعلاميين والخبراء الأمنيين، الذين تنحصر خبرتهم في - رأي الطرف المعارض - بإلصاق كل التهم بجماعة الإخوان المسلمين بمجرد وقوع الحادث دون عناء من بحث وتدقيق، أو قانون وقضاء.
يقول اللواء محمد نور الدين في تصريح لـ "عربي 21": "كل الجماعات الإرهابية في مصر بمختلف مسمياتها هم قتلة بالوكالة عن جماعة الإخوان التي لا تؤمن بالأوطان، إنما بالخلافة كدولة العراق والشام، وغيرها من المسميات".
إلصاق التهم الجاهزة سمة المؤيدين للنظام
يستغل المعسكر الأول تلك الحوادث، بحسب منتقديه، بإلصاق تهم الإرهاب والعنف بالإخوان وأنصارهم لتأليب الرأي العام ضدهم، وإغلاق جميع منافذ الحوار، وتسويقها في المحافل الدولية على أن الدولة تجابه إرهابا غاشما، وكسب تأييدهم وتعاطفهم، ومنافقتهم أحيانا بأنهم في مركب واحد، ويواجهون الأخطار نفسها.
كما يستغلها في تهيئة الأجواء لاتخاذ قرارات سياسية كاعتبارهم جماعة إرهابية، وحل حزبهم ومصادرة أموالهم، ومن قبل الزج بهم في السجون في قضايا بحسب المعارضين انتقامية، وملفقة، وغير دستورية، كالتظاهر دون إخطار وهو الاتهام نفسه الذي جاء بالنظام الحالي على رأس السلطة القائمة في احتجاجات 30 يونيو.
التفجيرات تشويه واختراق ورد فعل
المعسكر الآخر، يرى أن تلك التفجيرات الغرض منها هو تشويه صورتهم، وتسويقها للخارج، في بعض نواحيها، واختراقا أمنيا يعكس فشل الأجهزة الأمنية، ورد فعل على ممارسات وانتهاكات جهاز الداخلية، في بعض نواحيها الأخرى؛ التي خلقت ثأرا بينها، وبين ضحاياها في غرف التعذيب، ومعسكرات الاعتقال.
ويرى حزب مصر القوية الذي يرأسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أنه لا يمكن إطلاق التهم على الآخرين جزافا، وفي حديث لـ "عربي 21" قال المتحدث باسم الحزب أحمد الإمام: "يجب عندما ندين أحدا بالعنف، أن تكون الإدانة مبنية على تحقيقات"، مشيرا إلى أن "إلصاق التهم بفصيل أو جماعة بعينها يرسخ فكرة أن المتهم جاهز طوال الوقت، وما يحدث من أعمال عنف يعد تقصيرا أمنيا وعلى القيادة السياسية أن تساعد في تفريغ حالة الاحتقان الأمني، ومحاسبة المتورطين من الجهاز الشرطي في انتهاكات حقوق الإنسان، وعدم تسيس الجهاز لصالح طرف بعينه".
المحاكم العسكرية والطوارئ ضد الإرهاب ..هما الحل
وقال اللواء محمد نور الدين: "كل الجماعات الإرهابية في العالم خرجت من تحت عباءة الإخوان"، بحسب قوله.
وأضاف أنه للقضاء على تلك المجاميع الإرهابية نهائيا ينبغي على الدولة؛ أولا أن تقدم جميع المتورطين في أعمال عنف إلى محاكمات عسكرية، ثانيا، إعلان حالة الطوارئ ضد الإرهاب، وعدم الإكتراث لمطالب الغرب وانتقادات منظمات حقوق الإنسان الأجنبية التي تهدف إلى تكبيل الدولة المصرية، بحسب قوله.
وبحسب بعض المراقبين فقد تشير الهجمات التي تستهدف بعض قادة ورجال الأمن إلى جانب هوية الضحايا ومناصبهم داخل جهاز الشرطة، إلى تداعيات انخراط المؤسسة الأمنية في الصراع السياسي الدائر، بل والعمل في أحيان كثيرة على قمع وقهر خصومها السياسيين.
المصالحة وفتح باب الحوار هو الحل
يرى حزب مصر القوية ضرورة إجراء مصالحة حقيقية وشاملة، وعلى الدولة أن تتقدم خطوة إلى الأمام في هذا الشأن باعتبار أنها من بيدها السلطة.
ويقول المتحدث باسم الحزب: "الحل للأزمة في مصر هو حل سياسي، وينبغي فتح الأبواب نحو جهود المصالحة والحوار، وعدم تعميق الهوة أكثر من ذلك، وجر البلاد إلى الهاوية، ويجب أن يبقى القضاء بعيدا عن التجاذبات السياسية وعدم تسيسه".
وبموازاة ذلك يبقى إلصاق تلك الهجمات المنظمة بعناصر مجهولة وتنظيمات من وحي خيال وسائل الإعلام فقط، بحسب الكثير من المعارضين، مسار جدل وقلق بشأن فشل الجهاز الأمني في تقديم مرتكبي هذه الأفعال إلى العدالة، وقدرته على حسم معركته أمام ما يطلق عليه "الإرهاب".
وقد بات
استهداف أفراد الداخلية ومقار الشرطة، ظواهر تزيد من مخاوف المواطن إزاء خروقات تتعرض لها الأجهزة الأمنية المكلفة بحمايته، بعد أن أصبحت - في نظره - غير قادرة على حماية نفسها.