كتب محمد عمر في موقع "ميدل إيست آي" (مراقبة الشرق الأوسط)، عن حرب
الرواتب والضغط على موظفي
حماس لتقديم استقالاتهم.
ويقول فيه "قام الرئيس محمود
عباس مؤخرا باتهام مسؤولي حماس بالاحتفاظ لأنفسهم بدور قيادي في
غزة، وبإدارة حكومة ظل هناك، بالرغم من اتفاقية المصالحة في نيسان/ أبريل".
مشيرا إلى أن "الاتفاقية كانت تفترض أن تشكل نهاية لسبع سنوات من الفرقة الفلسطينية، وكان الجانبان قد اتفقا على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تقوم بالتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد توقيع اتفاقية المصالحة".
ويضيف "في ظاهر الأمر فإن تهمة عباس صحيحة، فكل المهام وأعمال الحكومة يقوم بها أشخاص مرتبطون بحكومة حماس السابقة، ولكن دون وزراء، حيث قدم كل الوزراء استقالاتهم بعد توقيع الاتفاق، وبقي نوابهم يقومون بعملهم في إدارة قطاع غزة".
وأشار إلى أن في الحكومة الجديدة هناك 4 وزراء من غزة، والباقي جميعا من الضفة الغربية، وهم يرفضون التواصل مع نظرائهم في غزة، ويعزو زكريا الحر المدير العام لوزارة التعليم في غزة المشكلة إلى فشل
السلطة في إدخال الجميع تحت مظلة واحدة؛ "فقد رفضت السلطة الاعتراف بموظفي الوزارات الذين عملوا لثماني سنوات في غزة"، وأضاف أن هناك حوالي 40 ألف موظف لم يستلموا رواتبهم منذ تسعة أشهر، بحسب الموقع.
ويقول الحر "إلى الآن لم يتصل وزير التعليم في حكومة الوحدة بنا، لا خلال الحرب ولا بعد الحرب للاطمئنان على سير الأمور. المشكلة أبعد من ادعاءات عباس بوجود حكومة ظل في غزة، فليأت محمود عباس إلى غزة، وسنسلمه مفاتيح كل الوزارات بموظفيها".
وفي الوقت نفسه فإن وزراء حكومة التوافق الأربعة الموجودين في غزة يقولون أن لديهم سيطرة كاملة على وزاراتهم بما في ذلك وزارة المعابر.
ويعلق الحر بأن عباس يسعى لإضعاف حماس بالضغط على الموظفين لاستقالتهم: "فعباس يريد أن يدجن حماس بظهوره دوليا أنه صاحب القرار، ولا يريد للعالم أن يفهم أن المقاومة انتصرت في الحرب، بل يريد القول إن طريقته فقط هي الصحيحة"، كما أورد الموقع.
ويبين الموقع بأن السلطة ما تزال تدفع رواتب عدة آلاف من الموظفين في الوزارات العاملة، ولكن معظم موظفي الوزارات الذين كانوا يعملون تحت حكم حماس، بمن فيهم موظفو المستشفيات، ما يزالون ينتظرون الرواتب.
ويضيف الحر للموقع إنه من بين 50 ألف موظف هناك "أكثر من 40 ألف عملوا على مدى الأشهر الثمانية الماضية دون أن تدفع لهم الرواتب، بينما يدفع المجتمع الدولي رواتب آلاف الموظفين الجالسين في بيوتهم".
وتدفع السلطة رواتب الموظفين، قبل سيطرة حماس على القطاع عام 2007، وهم جالسون في بيوتهم، وكان من المفروض عودتهم للعمل بعد توقيع اتفاقية المصالحة إلا أنهم لم يفعلوا، وفق الموقع.
ويلفت الموقع إلى أنه منذ أواخر حزيران/ يونيو قبل أن تبدأ حرب غزة كان كثير من موظفي الحكومة لم تدفع رواتبهم لسبعة أشهر، بينما استلم آخرون أجزاء من رواتبهم، وقد قال مسؤولو حماس في وقتها إن الرواتب المتأخرة للموظفين تقدر بمليار دولار.
وهناك حوالي 600 ألف مواطن في غزة (أي حوالي 36% من السكان) يعمل أحد أفراد عائلاتهم مع الحكومة وتأثروا بتجميد الرواتب.
والسؤال الذي لم تتم الإجابة عليه بالنسبة للمراقبين الدوليين، هو كيف تستطيع هذه الوزارات العمل بالرغم من إغلاق الأنفاق بين غزة ومصر، فحتى الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي كانت تستخدم الضرائب التي تجمع من تجارة الأنفاق رواتب لموظفي القطاع العام، وعندما ساءت العلاقة بين مصر وحماس بعد الانقلاب في مصر، اتهمت مصر حماس بالسماح بتهريب مسلحين عبر الأنفاق إلى سيناء، وقامت بتوظيف هذه الذريعة لتدمير 1370 نفقا كانت مصدر تمويل رئيسي لحماس، كما أورد التقرير.
ويرى الكاتب أن الوزارات تدار الآن من الضرائب التي تجمع محليا في القطاع، من أمور مثل ترخيص السيارات السنوي وغيرها، ويرى الحر أنه "كان على وزارة التعليم تخفيض نفقاتها، إذ لم تسلم مشاريع مهمة من هذه التخفيضات، مثل برنامج إعادة تأهيل الطلاب والذي كان مخططا له بميزانية 100 ألف دولار، وانخفضت ميزانيته الآن إلى 20 ألف دولار. وكذلك التخفيض من كوبونات الوقود، حيث كان الموظفون الذين يتنقلون من أماكن بعيدة يحصلون على كوبونات بقيمة 130-150 لتر وقود في الشهر، وأصبحوا اليوم يحصلون على 30 لترا فقط".
وتوقف تبادل التهم بين الجانبين خلال سبعة أسابيع من الحرب الإسرائيلية على غزة، واستبدل باستعراض للوحدة الوطنية، ولكن يبدو أن كل هذا قد انهار، وبدأت التهم من الجانبين بالظهور في الإعلام، بحسب الموقع.
ويبقى الشعب الفلسطيني واثقا من أن اجتماع الفصائل، المزمع عقده في القاهرة هذا الشهر، قد يتوصل إلى أرضية مشتركة. يقول "أبو عبدالهادي" (43 عاما) للموقع، إنه كان يجب على عباس وحكومة التوافق زيارة غزة: "ذُبحنا ولم يفكروا في السؤال عنا، وليس هناك رئيس وزراء لا يتفقد شعبه بعد مذبحة كبيرة".
ولكنه يستدرك "إن الوقت الآن ليس وقت تبادل التهم؛ لأن الوحدة الوطنية يجب أن تنجح، فالشعب الفلسطيني أهم من فتح وحماس، فجميعنا فلسطينيون ويجب أن يوحدنا الدم الذي سفكته إسرائيل".
وكان عباس قد هدد بالتراجع عن اتفاقية المصالحة مع حماس، إن لم تسمح الأخيرة للحكومة بالعمل في غزة.
وكان موسى أبو مرزوق قال خلال ندوة في غزة إن حكومة الوفاق تتحمل مسؤولية أكبر في إعادة بناء غزة، وانتقد تشكيل لجنة لإعمار غزة في الضفة الغربية، وقال إن غزة قادرة على إدارة المشروع بذاتها.
ويعتقد الكاتب أنه بينما تستمر المناكفات فما يثير القلق على أرض الواقع هو من سيدفع ثمن هذه المناكفات السياسية.
وفي زيارة قام بها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي لغزة، ولدى اجتماعهم مع ناشطين في المجتمع المدني، أشاروا إلى أن الاتحاد الأوروبي واسرائيل لا مانع لديهما من أن تدفع رواتب الموظفين في غزة، بحسب ما نشره الموقع.
ويؤكد التقرير أن حماس تلقي باللائمة على عباس. ويتوقع الحر: "نحن متوجهون نحو انفجار ضخم في وجه عباس، حيث بدأ الشعب والإعلام على حد سواء بإدراك أن عباس هو العقبة الوحيدة أمام دفع الرواتب".