اختراق كبير حققته منظمة العفو الدولية في علاقتها مع الحكومة
المغربية عبر تجاوز الأزمة بين الطرفين، من خلال موافقة وزارة العدل والحريات على عرض
المعتقل الإسلامي "علي
أعراس" المعتقل في إطار قانون مكافحة الإرهاب، على خبرة طبية مستقلة.
وعلمت "عربي21" أن عرض "علي أعراس" على خبرة طبية مستقلة، كان من بين نتائج اللقاء التي تسربت من اللقاء الذي جمع كلا من وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد، ووفد عن منظمة العفو الدولية "أمنسنتي أنترنشيونال".
ووافق وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، على مقترح قدمته منظمة العفو الدولية "
أمنستي"، يقضي بعرض علي أعراس المعتقل ضمن ملف ذو صلة بالإرهاب، على خبرة طبية مستقلة، مكتفيا بوضع شرط أساسي يتمثل في أن يكون الطبيب الذي سيُجري الخبرة مغربي الجنسية، وفي المقابل عاب على المنظمة إدراج المغرب في تقرير لها ضمن خمس دول تمارس التعذيب.
وكشفت مصادر "عربي21"، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن اللقاء الذي عقد بمقر وزارة العدل والحريات ليل الأربعاء بالرباط، بين كل من الرميد ووفد عن "أمنستي" الدولية، تمحور بشكل أساسي حول "التعذيب في المغرب"، إذ أعاد وفد المنظمة طرح قضية "أعراس" أمام الوزير على الرغم من فتح تحقيق فيها، حيث شدد الوفد على ضرورة "استقلالية التحقيقات" خصوصا فيما يتعلق بـ"الخبرة الطبية" التي اقترح أن تكون على يد طبيب "مستقل".
وشددت المصادر على أن وزير العدل والحريات لم يتردد في قبول الفكرة، مسجلا على أن شرطه الوحيد يتمثل في "مغربية" جنسيته، مشيرا إلى أن الجمعية لها الحق في اختيار أي طبيب تريد.
وتابعت المصادر أن الرميد لم يفوت الفرصة دون أن يعيب على المنظمة تقريرها الأخير الذي صنف المغرب ضمن الدول الممارسة للتعذيب، مشددا على أن المغرب يتميز بوضع متقدم في حقوق الإنسان مقارنة مع دول أخرى، وهو الشيء الذي "لا يتلاءم مع المجهودات المبذولة والواقع الحقوقي المعاش".
إلى ذلك أصدرت وزارة العدل والحريات بيانا سجلت فيه أن الحملة التي تقودها منظمة العفو الدولية لها إيجابيات وسلبيات، وأن من بين إيجابياتها دفع المغرب إلى مزيد من الحرص على الإجراءات اللازمة في مواجهة حالات التعذيب الفردية، ومن بينها المنشور الذي عممته وزارة العدل والحريات على النيابات العامة والذي يحثها على الاستجابة لطلبات إجراء الخبرة الطبية على من يدعون التعرض للتعذيب، يضاف إلى ذلك الإجراءات الجديدة التي تضمنتها مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية والكفيلة بمنع التعذيب.
وشدد الوزير في البيان الذي حصل "عربي21" على نسخة منه، على أنه سيتم التعامل بحزم، ولن يتم التسامح مع من يمارس التعذيب أو من يقوم بتشهيره في وسائل الإعلام من أجل التشهير فقط أو المزايدات السياسية.
وقد انتقدت الحكومة المغربية في وقت سابق، التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" فرع المغرب، الذي اتهم المغرب بممارسة التعذيب على المعتقلين أثناء الاحتجاز، حيث عبرت الحكومة في بيان سابق لها، عن أسفها بخصوص "عدم صدقية وموضوعية" التقرير، حيث قالت في هذا السياق، إنه كان على منظمة العفو الدولية "التأكد من المعطيات التي تم الإعلان عنها وعدم إطلاق الأحكام المتسرعة قبل القيام بالمجهود المطلوب للتحليل الموضوعي والمنصف لكل المنجزات والمكتسبات، خاصة وأن التقرير ذهب إلى حد تبخيس ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة التي أضحت نموذجا ضمن خمسة نماذج مرجعية على الصعيد الدولي".
وأضاف البيان أن الحالتين الواردتين بتقرير المنظمة المذكور "تهمان سنتي 2012 و2013، وسبق التحري بشأنهما حيث لم يثبت ما تم ادعاؤه من تعذيب، كما أنهما مازالتا معروضتين على القضاء صاحب سلطة البت في صحة هذه المزاعم والقول الفصل فيها"، مؤكدا أن أي حالة تعذيب مدعاة ستخضع للبحث والتحري الصارم والزجر اللازم في إطار ما يقضي به القانون.
والانفراج الأخير في ملف "علي أعراس" يعتبر اختراقا كبيرا في العلاقة بين الدولة المغربية ومنظمة العفو الدولية، انطلق مع تصنيف المغرب ضمن الدول الخمس لانطلاق حملة مناهضة التعذيب، وصلت بعدها إلى مرحلة صعبة تمثلت في منع السلطات المغربية مخيمات صيفية تنظمها "أمنستي" بشراكة مع هيئات حقوقية لفائدة الشباب المغربي قبل شهر من الآن.