مر 100 يوم على حكم الرئيس عبد الفتاح
السيسي لمصر دون كثير من كلام أو لغط أو جدال حول ما قدمه الرجل أو ما عجز عن تحقيقه، بل لم يدرك كثير من الناس أنه أتم المائة يوم .. لماذا؟
صَمَتَ الإعلام ُعن ذكر ذلك، وتحركت له كل الأبواق، واحتفت الصحف القومية والخاصة بشهادات قناة السويس الجديدة، وتحطيمها الأرقام القياسية، بغض النظر عن الفائدة الفلكية التي رصدتها الدولة لشرائها، وتغاضت أيضا عن الوقوف ولو لبرهة من الزمن للسؤال عما تم إنجازه خلال الـ100 يوم.
لم يلزم السيسي نفسه بشيء، ولم يعد غيره بشيء، وأقبل ملايين
المصريين على انتخابه، ورغم أنه لم يحصل على نصف أصواتهم، وفق إحصائيات رسمية، إلا أنه حقق نسبة عالية من الذين شاركوا في الانتخابات، ويرى كثيرون أن بعض هؤلاء غير راضين عن سياساته.
من صوّت للسيسي .. صوّت لشخص .. وليس لبرنامج
صَوّتَ المصريون لشخص السيسي الذي اعتبروه طوق النجاة لهم من مرحلة الاهتزاز العنيف الذي كانت تمر به البلاد، وظنوا أن بضغطة زر منه سيتوقف الزلزال، ويهدأ كل شيء، فكل من صوت له لم يصوت لبرنامج انتخابي معلوم الخطط والأهداف.
من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة: "المصريون صوتوا لشخص، وليس لبرنامج، لكي يحقق أهدافهم، ولكنها لم تتحق بعد، ويمكنهم مراجعة أنفسهم لمعرفة السبب".
وتساءل نافعة في حديث لـ"عربي 21": "هل الوقت الممنوح للسيسي انتهى؟"، وأجاب: "مازال هناك المزيد من الوقت، لكن بسقف زمني غير مفتوح، ويتعين عليه اتخاذ خطوات سياسية واضحة؛ لإنه يفتقد لرؤية سياسية جادة، وعليه أن يحدد المسار الذي ستكون عليه البلاد من خلال رؤى أكثر شفافية".
قد يجد البعض للسيسي مندوحة في عدم محاسبته على ما تم تحقيقه في 100 يوم الأولى، وذلك بسبب ضخامة المشاكل التي تعاني منها مصر، والصعاب الاقتصادية والأمنية التي تواجهها.
وفي هذا الصدد، يقول القيادي في حزب الدستور، أحمد دراج، لـ"عربي 21": "من المفترض أن لا يسأل أحد عما تم تحقيقه في تلك الفترة، مع هذا الكم الهائل من المشاكل بسبب سوء إدارة المؤسسات بالكامل لملف الأزمات، التي بحاجة إلى عمل ضخم وكبير، والسيسي يدرك ذلك، بدليل أنه لم يحدد جدولا زمنيا، ولكنه أعطى نفسه جدولا زمنيا طويلا لمدة سنتين".
سياسة مد اليد في جيوب المواطنين .. سوف تفلسهم
القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها في الـ100 يوم صدمت في بعضها الكثيرين، خاصة تلك المتعلقة برفع جزء كبير من الدعم على أسعار الطاقة، والوقود، والتي تبعها ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية والمعمرة، وزيادة تعريفة المواصلات، دون زيادة حقيقية في الأجور، سواء على مستوى القطاعين العام أو الخاص.
بدورها، اعتبرت حركة "ضنك"، أن جميع القرارات تصب في مصلحة رجال الأعمال، ولها عواقب وخيمة على المواطنيين الغلابة الذين لا يجد الكثيرون منهم قوت يومهم، بالإضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل الدولة، على حد قولها.
وقالت الحركة: "إن سياسة الحكومة بمد يدها في جيوب المواطنيين، سوف تؤدي إلى إفلاسهم، كما أفلست مؤسسات الدولة المدينة للبنوك والخارج، والقائمة على المنح، وهي سياسة سوف تقوض دعائم الدولة عاجلا أم آجلا".
تراجع الحريات.. تجاوزات الشرطة.. وخروقات أمنية
ملف الأمن خلال الـ100 يوم ، شهد خروقات كبيرة كادت أن تكون كارثية، بحسب بعض الحركات المعارضة في الشارع، والتي كانت كفيلة بإقالة وزير الداخلية بل ومحاسبته، ومعاقبته، والإطاحة بالحكومة المرتعشة من بعض المظاهرات هنا أو هناك.
وطالبت حركة "ضدك" بالكف عن ملاحقة المتظاهرين، والتعامل معهم بعنف ووحشية، والزج بهم في السجون والمعتقلات، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في حرية التعبير، ورفض سياسيات النظام الفاشية، والتعسفية، على حد وصفها.
وبالتوازي مع تعطل الملف الأمني، وفشل الشرطة في تحقيق الأمن حتى في الشوارع، وزيادة معدلات السرقة، والتحرش، والسطو المسلح، وظهور البلطجة بقوة، وتكرار تجاوزات رجال الشرطة، شهد ملف الحريات تدهورا بحسب القائمين على مراكز الدفاع عن
حقوق الإنسان، وطالبوا بضرورة احترام كرامة المواطن وحريته في التعبير عن رأيه، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، والذين تم تلفيق التهم لهم بقوانين غير دستورية.