روى ناجون من هجمات بالكلور في شمال
سوريا لمحققي منظمة حظر الأسلحة
الكيميائية كيف ينتشر غاز "بلون العسل" ببطء فيزرع الموت بين القرويين الفارين من القصف.
وجاءت هذه الروايات المروعة للهجمات بالغاز التي نفذتها مروحيات في تقرير أصدرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء وأكدت فيه الاستخدام "المنهجي" للكلور كسلاح في سوريا.
وتحقق المنظمة في اتهامات موجهة إلى نظام دمشق بشن هجمات بالكلور في هذا البلد الذي يشهد نزاعا مستمرا منذ العام 2011.
وجاء في التقرير أنه "في الحدائق نفقت الطيور والحيوانات الأليفة كما ذبلت أوراق النبات المواجهة لمكان سقوط القنبلة مثل: أوراق خريفية".
واستجوب فريق تقصي الحقائق الذي شكلته المنظمة 37 شخصا من ضحايا وشهود وأطباء حول الهجمات التي وقعت في نيسان/أبريل في شمال سوريا وخلص إلى أن عمليات القصف هذه كانت مختلفة عن القصف الذي اعتاد القرويون أن تشهده بلداتهم.
وكتب المحققون أنه "حين يتم إلقاء قنبلة، يرتفع صوت حاد مثل صفير قبل أن ترتطم بالأرض. شبه البعض هذا الصوت بصوت طائرة مقاتلة تسقط، صوت أقرب إلى تحطم طائرة بسرعة فائقة منه إلى انفجارات قوية".
عندها ترتفع سحابة من الغاز "الأصفر بلون العسل" من النقطة التي تصيبها القنبلة، بحسب روايات الناجين "ثم ترتفع سحابة الغاز إلى حوالى ستين أو سبعين مترا قبل أن تعود وتهبط حتى تكاد تلامس الأرض وتنتشر ببطء مع الريح".
وتعرض فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في أيار/مايو لهجوم حال دون وصوله إلى الموقع الذي أفيد فيه عن إحدى هذه الهجمات في قرية كفر زيتا.
والتقى الفريق الشهود في مكان سري وآمن.
وسوريا التي سلمت أسلحتها الكيميائية إلى الأسرة الدولية من أجل إتلافها، لم تضطر إلى الإعلان عن مخزونها من الكلور.
والكلور مادة صناعية معدة بصورة عامة للاستخدامات التجارية والمنزلية غير أنها يمكن أن تكون قاتلة في حال استخدامها كسلاح كيميائي.
وقال المحققون أن "طفلا كان قريبا من موقع انفجار القنبلة قتل بسبب تعرضه للمادة الكيميائية بدون أن يظهر عليه أي جرح يشبه الجروح الناجمة عن قنبلة تقليدية".
ويتبادل نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلو المعارضة الاتهامات باستخدام عناصر كيميائية منها الكلور منذ اندلاع هذا النزاع الدامي في أذار/مارس 2011.
كما وقعت هجمات بالكلور بحسب التقرير في 21 و24 نيسان/أبريل في قرية تل مينيس البالغ عدد سكانها عشرين الف نسمة، ما أدى إلى إصابة اكثر من مئتي شخص بالغاز السام.
وذكر التقرير أن "امرأة وفتاة وصبيا في السابعة قتلوا إثر تعرضهم لمعدلات قاتلة" من الكلور.
وبعد هجوم 21 نيسان/أبريل، "حاول القرويون الفرار إلى ملاجئهم الاعتيادية بدون أن تساورهم أي شكوك. لكن غيمة الغاز انجرفت في الاتجاه نفسه ووقع العديد من الضحايا".
واحتمت عائلة في حمام فيما حاول البعض "بدون نجاح حماية أنفسهم بأقنعة من الورق لم تنجح سوى في ردع الغبار".
ونجا رضيع كان نائما لأن رأسه كان مغطى بشرشف لحمايته من الحشرات".
وفي قرية التمانعة المجاورة وقعت هجمات بالكلور خلال الليل، بحسب التقرير.
وكتب المحققون أن "حوالى 150 شخصا وقعوا ضحايا هذه الهجمات وأصيب ثمانية منهم إصابات بالغة ومعظمهم نساء وأطفال قضوا" جراء الهجوم.
وجرى آخر هجوم ذكره التقرير في 28 آب/أغسطس في قرية كفر زيتا على مسافة 30 كلم من حماه.
وخلص التقرير إلى أن "وجود الضحايا بحد ذاته في المستشفيات أدى إلى انتشار رائحة قوية شبيهة برائحة سوائل التبييض ومساحيق التنظيف التي تحتوي على الكلور أو حتى الكلور في المباني".
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أعلنت الأربعاء أنها ستواصل تحقيقاتها بشأن اتهامات جديدة بوقوع هجمات مماثلة في سوريا.