أكدت الحكومة
السودانية حرصها على أمن واستقرار ليبيا، وشددت على أنها لا تجد مصلحة في التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، كما أنها لا تجد مصلحة في استمرار حالة عدم الاستقرار في ليبيا، خاصة في ظل هذه الأوضاع الإقليمية الراهنة.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية السودانية يوسف الكردفاني في تصريحات له أذاعتها مصادر سودانية رسمية الاثنين، أن السودان ظل دوما يحافظ على مساحة متساوية مع كل الفرقاء الليبيين، وقال: "انطلاقاً من مقررات مؤتمر دول الجوار الليبي الذي انعقد نهاية آب (أغسطس) الماضي بالقاهرة، فإن السودان أكد استعداده للعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الفصائل والمجموعات الليبية المختلفة بهدف رأب الصدع بينها".
وأبان المتحدث باسم الخارجية أن الطائرة التي أشارت بعض وسائل الإعلام إلى هبوطها بمطار الكُفرة، ظلت تقوم برحلات منتظمة لتزويد القوات السودانية الليبية المشتركة بالمؤن والغذاء والذخيرة، وفقاً لاتفاقية إنشاء هذه القوات لحماية حدود البلدين ولم تهبط اضطرارياً.
وأضاف الكردفاني أن "رحلة الطائرة الأخيرة يوم الخميس الماضي كانت رحلة راتبة وتمت بطلب من القوات المشتركة التي يمثلها من الجانب الليبي قائد القوات الليبية المشتركة، وهو الذي أذن بهبوطها في مطار الكُفرة".
وأكد الكردفاني أن الطائرة لم تكن متوجهة إلى مطار معيتيقة ولم تهبط اضطرارياً في
مطار الكفرة، وإنما هبطت هبوطاً عادياً بترتيب مسبق مع قائد القوات الليبية السودانية المشتركة، كما قال.
وتتهم جهات مقربة من اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر السودان بنقل ذخائر وعدات عسكرية إلى الجماعات المسلحة في غرب ليبيا.
وتشير مصادر سياسية سودانية مطلعة، إلى أن الخرطوم تتابع بقلق كبير تنامي دور القوى السياسية الليبية القديمة ذات الصلة بالنظام السابق، وأنها تخشى من عودتها إلى الحكم واستمرار علاقاتها بالحركات المسلحة المتمردة في السودان عامة وفي
دارفور على وجه الخصوص، وأنها تنحاز أكثر إلى
قوى الثورة الجديدة بغض النظر عن انتماءاتها الحزبية والفكرية.
لكن الخرطوم، وهي أحد أطراف ما يُعرف بـ "دول الجوار الليبي" ومن المنتظر أن تحتضن اجتماعا لهذا الإطار الشهر الجاري، تريد أن تبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية وتنأى بنفسها عن التدخل المباشر في الصراع الدائر في ليبيا. وهو موقف قد لا يصمد كثيرا في ظل تزايد تدخل بعض القوى الإقليمية وتحديدا الإمارات العربية ومصر ووقوفهما إلى جانب اللواء اللليبي المتقاعد خليفة حفتر والقوى المقربة منه في طبرق.
وحسب ذات المصادر، فإن السودان تمتلك إرادتها المستقلة فيما يتصل برسم سياساتها الخارجية، وأنها تبني ذلك على أساس أمنها الوطني، لا سيما بعد أن تمكنت من استعادة الأمن والاستقرار إلى إقليم دارفور، وهي تخشى في حال عودة أنصار نظام القذافي إلى الحكم أن تشتعل مجددا، وأن تكون ليبيا بوابة لمن تبقى من الحركات المسلحة في دارفور لاستعادة دورهم مجددا.
أما عن العلاقة بين القاهرة والخرطوم وتأثيرها على مواقف السودان من الأزمة الليبية، فتقول المصادر: "العلاقات السودانيةـ المصرية تغيرت كثيرا، وبلغت مستوى من الندية يصعب فيه إملاء أي سياسات مصرية على السودان، فالخرطوم تمتلك من أدوات القوة الكثير مما يجعلها قادرة على رسم سياساتها الخاصة بها إقليميا، فقد تمكنت مؤخرا من ممارسة ضغوط كبيرة على القاهرة لمنع مؤتمر كانت المعارضة السودانية تعتزم عقده في القاهرة، وهي أيضا تمتلك علاقات قوية بأثيوبيا، ولها أهمية كبيرة بالنسبة لإدارة مياه النيل، ويمكنها أن تكون سندا لمصر في الحصول على مستحقاتها المائية من النيل، وهذا كله من شأنه أن يجعل من القرارات السياسية السودانية الخارجية قرارات سيادية غير قابلة للضغط"، على حد تعبير المصادر.