مدونات

ماذا يعني أن تقود سيارة في غزه...؟

محمد العطار
محمد العطار
قيادة السيارة في غزه أثناء الحرب هي مهمه ليست بالسهلة مثلما يتصور العالم الخارجي.. فهذه المهمة هي مهمة حربيه ولا تحتاج فقط لرخصه قياده محليه أو دوليه بل تحتاج قلب شجاع قلب قوي تحتاج لعقل متفتح , لعيون صقر , لسمع مرهف , لاستشعار ليلي لخفاش ..

ان تقود سيارة في غزه أثناء الحرب يعني انك لا تعرف هل ستصل إلى المكان الذي تقصده أم ان طائره زنانة ( بدون طيار ) تترصد لك وربما تكون أنت هدف اللعبة التي يلعبها محركو هذه الطائرة المجنونة بالريموت كونترول من تل أبيب .....

فعندما تقرر قياده سيارتك هنا ستجد تردد كبير ينتابك قبل اتخاذ هذا القرار واذا اتخذت قرارك فستراودك الأفكار الكثيرة وأنت تقف أمام سيارتك وتقول في نفسك هل أقود تلك السيارة أم الأفضل أن أمشي أسلم وأمن لي؟

هل سأصل أم سأكون هدفا سأتحول بعده لكتله من اللحم الذي سياتي أفراد الدفاع المدني لمحاوله تفريقه وانتزاعه من ما تبقى من معدن السيارة بعد قصفها؟

هل وهل وهل...؟؟؟

ولكن لابد من الانطلاق فالوقت يمضي والعمل أو إحضار حليب طفلك لا ينتظر ....

ثم تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتقنع نفسك بان القدر والمكتوب واحد ولكن هناك من يذكرك بان البقاء هو فرار من قدر الله إلى قدر الله.....

عموما ..الآن جلست بالسيارة وقبل الانطلاق ستقرأ دعاء الركوب وسوره الكرسي وتتمنى لو الوقت يسعفك لقراءة حصن المسلم كاملا والقران كاملا ولكن لا وقت ...فالوقت يمضي بسرعه ...فهناك من ينتظر...

الآن تفتح المذياع على قران ولا شيء غير القران ستسمعه الآن بعد ان تخلصت من اشرطه أم كلثوم وفيروز وحرقتها قبل ان تبدا هذه المهمة الكبيرة التي شاء القدر أن تكون أنت صاحبها....!

انطلقت السيارة الآن ....

يا ترى هل اسرع أم البطيء أفضل ولكن حسب معلوماتي الأمنية البسيطة أن هذه الطائرات المجنونة لا تقصف السيارة إلا عند تخفيف سرعتها ولكن شوارع غزه لا تجعلني إلا مخففا السرعة بدون إراده مني....آه ثم آه...ما هذه الورطة..

الأفكار الشيطانية ما زالت تراودني وأنا الآن بنصف الطريق ...عموما لا أسمع صوت طائره تزن الآن ..ربما ابتعدت لتضرب هدفا آخر هدفا أجمل بالنسبة لها...ربما علمت بمقاوم بالقرب من هذا الشارع أو ذاك....ربما ربما ....الله أعلم.

اقتربت من الوصول لهدفي الآن...

بدأت نبضات قلبي أن تهدأ وبدأ العرق يخف مع أن مكيف السيارة يعمل بأقصى قوته....ولكن هناك صوت يزن...هو يقترب بل هو قريب ... لا لا....هو فوقي الآن اني اسمعه.....هل اقفز هل ابقى هل أتوقف ...لا أدري,,, عقلي شل تفكيره الآن وفي هذه اللحظة...

الأفكار الشيطانية تراودني مره أخرى....هل سأكون أنا الخبر القادم...هل سأصل لمبتغاي....هل سأرى أطفالي...هل سأجلس مع أصحابي.....هل وهل وهل..............!!

ولكن ما هذه المفاجأة الآن.....لقد وصلت ....لقد وصلت.....

أطفات السيارة بسرعه ونزلت مبتعدا ..وشعوري كأني وصلت إلى باريس فاتحا ومنتشيا بانتصاري....
ونظري ما زال يرقب تلك الطائرة المبتعدة بازدراء وكبرياء المنتصر لأبلغها ..

أيتها الطائرة اللعينة ....اني قد وصلت ....قد وصلت.....قد انتصرت....
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم