"
الأنفاق" كلمة تعدد استخدامها في
سوريا منذ ثلاثة أعوام؛ فقد استخدمت للتهريب، سواء كان تهريب الأسلحة أم البشر أم الغذاء أم التنقل بين المناطق المحاصرة، كما أنه شاع مصطلح "تفجير الأنفاق" كوسيلة تم استخدامها من قبل طرفي النزاع في سوريا، في حالات فشل كل منهما باستخدام الوسائل الأخرى نتيجة تمترس الطرف الآخر وتحصنه بنقاطه.
ويقول مصدر عسكري معارض بريف دمشق الغربي في حديث خاص لـ "عربي21": "استوقفتني كلمات سمعتها بعد أن نجح
الثوار باختراق موجة لاسلكي تابعة للنظام، عندما أمر ضابط من
النظام قائد إحدى مجموعات اقتحام داريا في ريف دمشق بالتقدم للسيطرة على إحدى نقاط تمركز الثوار، فرد عليه القائد الذي فقد أغلب عناصر مجموعته في الاشتباك وطلب المؤازرة عدة مرات، بكلمات نطقها بصعوبة: "سيدي ضربت الميغ على االنقطة ولسا في مقاومة أنا شو فيني اعمل؟".
وتابع المصدر، بأن الضابط أمر قائد المجموعة بـ"التقدم وأخبره بضرورة السيطرة على النقطة مهما كلف الأمر من أرواح، فصمت الملازم مصدوما مما سمع".
وبحسب المصدر، فإن أساليب المقاومة تطورت عند الثوار، مبينا أن العديد من المدن صمدت أمام حملات همجية يومية يدافع عنها ثلة قليلة من المقاتلين المتمرسين الصابرين الذين ليس بحوزتهم إلا القليل من العدة، كالبنادق والقواذف وعبوات بسيطة صنعوها بأنفسهم، مقابل أعداد ضخمة من قوات النظام المدعومين بالدبابات والآليات العسكرية، بالإضافة إلى القصف المدفعي والطيران الحربي.
لكنه أشار إلى أن حرب المدن تسقط فيها موازين القوة لتعلو موازين الخبرة والهمة والمقاومة، خاصة أن التقدم بالنسبة للثوار شديد الصعوبة ويكلف الكثير من الأرواح والخسائر، لذا فإنه كان لا بد لهم من استخدام أساليب جديدة كـ"الأنفاق".
وقال المصدر العسكري بريف دمشق، إن "انفجارا ضخما هز مدينة حلب مطلع شباط/ فبراير الماضي، تبين أنه استهدف فندق الكارلتون الذي تتحصن فيها قوات النظام، حيث فخخت المعارضة المبنى بعد حفر نفق باتجاهه"، وبعدها تم تنفيذ عدة عمليات مماثلة استهدفت مواقع لقوات النظام كثكنة هنانو ومبنى القصر العدلي وغرفة الصناعة، وجميع هذه المواقع وصفتها المعارضة بأنها "عسكرية".
ونفذت فصائل المعارضة عدة أعمال مشابهة بحرستا والمليحة عند استهداف مجمع "تاميكو" مستخدمة الأساليب البدائية بالحفر، متغلبين على مشاكل التهوية في عمق يزيد على سبعة أمتار تحت الأرض، إذ تم استخدام نفس التكتيك في داريا لتأمين الإمداد وبهدف الهجوم على نقاط النظام، ناهيك عن الأنفاق التي تستخدم للتنقل بين المناطق المحاصرة.
بالمقابل، استخدم النظام نفس السياسة رغم تفوقه العسكري على المعارضة، حيث فجر في جوبر الواقعة على أطراف العاصمة دمشق عدة أبنية وصل إليها عن طريق أنفاق حفرها من مناطق نفوذه.
وبين المصدر العسكري، أن الأنفاق التي يحفرها النظام قد تكون وسيلة دفاعية ضد أنفاق المعارضة، بهدف كشفها أو تفخيخها أو استخدامها لصالح النظام لتنفيذ كمين تحت الأرض، بحسب ما أفاد به.
أما في داريا، فقد أعلن الثوار في الأيام الماضية عن اكتشافهم نفقا حفرته قوات النظام على الجبهة الشمالية للمدينة باتجاه عمق البلدة، ففخخوا النفق وفجروه ليسقط من فيه من قوات النظام بين قتيل وجريح، حيث تحدثت الصفحات الموالية للنظام عن سقوط 7 قتلى و15 جريحا من قوات النظام داخل النفق.