في الوقت الذي تتعالى فيه صرخات جميع
المصريين - بلا استثناء - بالشكوى جراء انقطاع
الكهرباء عدة مرات يوميا، اكتفى عبد الفتاح
السيسي - أول رئيس لمصر بعد الإنقلاب - بإصدار توجيهات للحكومة بقطع الكهرباء عن المواطنين بالتساوي وعدم تفضيل مناطق على أخرى في الإنارة.
ولم يسفر الإجتماع الذي عقده السيسي الأربعاء مع رئيس الوزراء إبراهيم
محلب ووزير الكهرباء محمد شاكر عن نتائج تذكر، أو حلول مقترحة لحل الأزمة التي باتت المنغص الأكبر لحياة المصريين.
وقال وزير الكهرباء " - في مؤتمر صحفي بعد الإجتماع - إن السيسي طالبه بتخفيف أحمال الكهرباء بين كل المواطنين بطريقة عادلة، وطالبه كذلك بقطع التيار عن الرئيس شخصيا مثل أي مواطن عادي".
كما أكد رئيس الوزراء أنه طالب وزارة الكهرباء بقطع التيار عن منزله كباقي المواطنين حينما لاحظ استثناءه من خطة تخفيف الأحمال.
نوع جديد من الفساد
وأفرزت أزمة الكهرباء في مصر نوعا جديدا من الفساد لم تعرفه من قبل وهو محاباة بعض المسؤولين الكبار والمقربين من النظام الحاكم وعدم قطع الكهرباء عن منازلهم، وتحميل العبء الأكبر لباقي المواطنين.
وأعرب مواطنون كثيرون لـ "عربي 21" عن استيائهم البالغ من عدم قطع الكهرباء عن مناطق يقطن بها قيادات في الجيش والداخلية وقضاة ورجال أعمال مقربون من النظام.
وقال أحمد إبراهيم، مسؤول ميبعات في شركة إطارات، إن بعض الأماكن الهامة لا تنقطع بها الكهرباء، وكذلك الكنائس، وأكد أن منزل حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق لا تنقطع عنه الكهرباء بسبب مجاملة المسؤولين الحاليين له.
وقالت صحيفة "المصري اليوم" إن المناطق غير المسموح بقطع التيار بها لا تتجاوز 10% من إجمالى انتاج الشبكات، لكن المحسوبية والمجاملات أضافت 30% أخرى لترفع نسبة المناطق المستثناة إلى 40%.
وأوضحت مصادر بمركز التحكم القومي للكهرباء أن رفع نسبة المناطق المحظور قطع التيار عنها، يزيد من معدل الانقطاعات بالمناطق الأخرى، ويجعل المواطنين في تلك المناطق فقط يعانون من تخفيف الأحمال.
ووفقا لبيانات المركز القومي للتحكم في الطاقة فقد احتلت محافظة المنوفية المركز الأول في قطع الكهرباء على مستوى الجمهورية، حيث وصلت مدد قطع التيار في بعض القرى إلى أكثر من 12 ساعة يوميا، ويتم قطع التيار عن 75% من سكان المحافظة على مدار الساعة.
وأعلن وزير الكهرباء أنه سيتم مراعاة العدالة في قطع الكهرباء عن جميع المناطق، موضحا أن الأزمة يعاني منها الكل في مصر، وأنه شخصيا يعاني من قطع التيار عن منزله 4 مرات يوميا.
وأضاف شاكر أن الأزمة الحالية تراكمية منذ فترة طويلة من الزمن وهي ناتجة عن المواصفات الخاطئة لتصميم شبكات الكهرباء في مصر، مؤكدا أنه خلال شهر أغسطس سيتم رفع كفاءة الشبكات مما سيؤدي إلى حدوث تحسن حقيقي في أزمة الكهرباء.
وحول المناطق التي لا تنقطع بها الكهرباء، قال الوزير إن الأماكن الأمنية والاقتصادية والطبية الهامة لا يمكن قطع التيار عنها، مشيرا إلى أن المدن السياحية كالغردقة وشرم الشيخ لا تنقطع بها الكهرباء".
وتابع: الحكومة ملتزمة بعدم قطع التيار عن المستشفيات الحكومية فقط، أما المستشفيات الخاصة فيجب أن توفر مولدات كهربائية لتغطية إحتياجاتها من الكهرباء في فترات انقطاع التيار.
رقابة على الظلام
وبحسب بيان لوزارة الكهرباء، فقد طالب الوزير رؤساء شركات توزيع الكهرباء ومراكز التحكم في التيار بتحقيق المساواة بين جميع المواطنين في فترات ومرات الانقطاع بالتيار في جميع المحافظات، وشدد على ضروة وجود رقابة على جداول تخفيف الأحمال وعدم قطع التيار عن مناطق دون أخرى.
واتفق الوزير مع رؤساء الشركات على عدم قطع التيار عن المرافق والأماكن الحيوية المهمة فى جميع أنحاء الجمهورية وهي المستشفيات الحكومية ومحطات المياه والصرف الصحي والمنشآت الأمنية والعسكرية وقصور الرئاسة والمزارات السياحية، والمدن السياحية - كشرم الشيخ والغردقة - والمنشآت التعليمية ومحطات المترو والموانئ والمناطق الصناعية.
لكن عاملون في المناطق السياحة في الأقصر وأسوان أكدوا أن قطع الكهرباء يتكرر بالمحافظتين أكثر من مرة في اليوم الواحدة بشكل أصبح يعصف بصناعة السياحة ويثير غضب السياح.
وأصبحت المعابد والمتاحف الأثرية مظلمة وخاوية بعد أن قاطعها السياح، وهو ما يهدد بتعرضها للسرقة في ظل التواجد الأمني الهزيل بها.
وفي مطلع يوليو الماضي أصدرت هيئة مفوضي الدولة - وهي هيئة قضائية تابعة لمجلس الدولة - حكما يلزم وزير الكهرباء بإصدار قرار يعرف المشتركين في شبكة الكهرباء بأماكن وتوقيتات قطع التيار، وإعلان جدول يوضح سياسية تخفيف الأحمال بالمواعيد والأماكن المتطلبة ذلك.
جاء ذلك في دعوى أقامها بعض المواطنين ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وعدد من الوزراء والمسئولين عن مرفق الكهرباء مطالبين بكشف دوافع ومواعيد إنقطاع الكهرباء.
وأكد التقرير ضرورة تطبيق سياسة تخفيف الأحمال وفق قاعدة المساواة بين المواطنين بما يجسد تحقيق العدالة، وأن يكون ذلك في إطار من الشفافية والوضوح حماية لحقوق المواطنين.