كشفت صحيفة "الشروق"
المصرية الصادرة الاثنين، النقاب عن النص الكامل لمشروع قانون "مكافحة جرائم الإبادة الجماعية والحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية"، الذي سارعت الحكومة المصرية بإخراجه من الأدراج، وإقراره فورا، الأربعاء، بمجرد إعلان منظمة "
هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان تقريرها الذي يطالب بمحاكمة الجنرال عبدالفتاح السيسي وكبار مساعديه عن جريمة الفض الدموي لاعتصامي رابعة والنهضة الذي اعتبرته المنظمة "جريمة ضد الإنسانية" الثلاثاء.
ومن المقرر أن يرسل مجلس الوزراء مشروع القانون إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته، ثم إرساله مرة ثانية إلى الجنرال السيسي نفسه، باعتباره رئيس البلاد، ليقوم بإصداره في قرار بقانون، باعتبار أن سلطة التشريع في يده، أي أن السيسي سيصدر قانونا يُحاسَب به السيسي!
وكان مجلس الوزراء وافق على المشروع الأربعاء بعد تعديل المادة (33) منه، الخاصة بمحاكمة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها فيه، بحيث تخصص دائرة أو أكثر من دوائر محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة لنظر هذا النوع من الجرائم، لضمان سرعة الفصل فيها، بحسب بيان المجلس.
لكنّ مراقبين قالوا إن العجلة التي تمرر بها السلطات المصرية القانون سببها الرغبة في سرعة قطع الطريق على أي آمال لخصوم السيسي في تقديمه، هو وأركان نظامه، إلى المحاكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "الشروق" عن أن القانون ينص على تجريم القتل العمد والتهجير والاغتصاب والاحتجاز القسري لأفراد مجموعات عرقية أو سياسية أو دينية في الداخل والخارج، وأن القائد العسكري والسياسي مسؤول عن جرائم مرؤوسيه إذا علم بأفعالهم وتعمد عدم منعهم أو لم يطلب التحقيق.
وأضافت أن القانون يمنح سلطات واسعة للنائب العام أو المدعي العسكري في أثناء التحقيق تشمل تجميد الأموال والحجز على الممتلكات، مشيرة إلى سريان القانون على الداخل والجرائم الخارجية إذا وُجد الجاني في مصر أو خطط فيها أو مس أمنها، كما أنه ينص على برنامج لحماية الشهود يتضمن سرية الجلسات، وإنشاء إدارة مختصة بالداخلية، وإلزام القضاء والشرطة بالتعاون الدولي.
ونقلت "الشروق" عن مصادر حكومية -وصفتها بأنها مطلعة- زعمها أن المشروع أعدته وزارة العدل في النصف الثاني من العام الماضي، وفقا لنموذج قانوني وضعته جامعة الدول العربية، وأقره وزراء العدل العرب منذ سنوات عدة، وأنه يهدف لإلحاق مصر بركب الدول التي يتكامل تشريعها الداخلي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة هذه الجرائم سواء وقعت داخل أو خارج مصر، بحيث تتاح معاقبة الأشخاص الضالعين فيها سواء كانوا داخل أو خارج مصر وفقا لضوابط محددة.
وأضافت المصادر، أن المحكمة الجنائية الدولية تمتنع عن نظر القضايا الخاصة بالدول التي ينظم تشريعها الداخلي معاقبة هذه الجرائم وكيفية التحقيق فيها، سواء وقعت على أراضيها أو مست أمنها القومى أو وقعت فى الخارج، وتم التخطيط لها على أراضيها، مرجعة سبب تأخر إقرار المشروع إلى عرضه على جهات عدة، منها القوات المسلحة، إذ إنها أبدت ملاحظات عدة وافق عليها مجلس الوزراء.
نصوص القانون
بحسب "الشروق"، عرّف الفصل الأول الأشخاص المشمولين بالحماية بأنهم من يتمتعون بالحد الأدنى للحماية عند وقوع نزاع مسلح له طابع دولي، بما في ذلك تمتعه بمعاملة إنسانية دون أي تمييز ضار بسبب العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو العرق أو اللغة أو المولد أو الثروة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي.
وينطبق هذا على الأشخاص غير المشاركين فى الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا بأسلحتهم والعاجزون عن القتال والجرحى والأسرى.
ويختلف تحديد نطاق الحماية حسب نوع النزاع، ففي النزاعات المسلحة الدولية يقصد بهم المشمولون باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وملحقها الأول عام 1977، وهم من لم يعودوا قادرين على القتال لأي سبب، وفي النزاعات غير الدولية يقصد بهم الأفراد غير المشاركين في الأعمال العدائية، على أن يعرف النزاع المسلح الدولي بجميع حالات القتال المتبادل بين القوات المسلحة لأكثر من دولة ينهي ما بينها من علاقات سلمية سواء صدر بذلك إعلان رسمي أو لا.
أما النزاع المسلح غير الدولي فهو حالات القتال المتبادل بين دولة وفرد أو مجموعة من الأفراد أو جماعة معارضة أو حركة تحرير أو بين جماعات متنازعة داخل الدولة.
وتنص المادة الثالثة على تطبيق القانون أيضا على كل من ارتكب خارج مصر جريمة حرب أو ضد الإنسانية، إذا كان الجاني أو المجني عليه متمتعا بالجنسية المصرية أو عديم الجنسية وموطنه الدائم بمصر، أو إذا ارتكبت الجريمة على متن وسيلة نقل مصرية، أو إذا كان الجاني أجنبيا ووجد فى مصر بعد ارتكابها أو الشروع في ارتكابها ولم يتم تسليمه، أو إذا تم الإعداد للجريمة والتخطيط لها في مصر، أو إذا كان من شأن الجريمة إلحاق ضرر بأي من مواطني مصر والمقيمين فيها أو أمنها أو مصالحها بالداخل والخارج.
وتنص المادة الرابعة على ألا تنقضي الدعوى الجنائية ولا تسقط العقوبة المحكوم بها في الجرائم المنصوص عليها في القانون بمضى المدة، ووفقا للمادة الخامسة: لا يجوز العفو عن المجرمين المؤثمين في القانون، وتنص المادة السادسة: على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للشخص أو الحصانات المقررة له كسبب لإعفائه من المسؤولية الجنائية أو تخفيف عقوبة ارتكابه جريمة حرب أو ضد الإنسانية.
ويؤثم القانون الشروع في جرائم الحرب بذات عقوبة ارتكابها، كما أنه يعاقب على التحريض على الجرائم حتى ولو لم يترتب عليه أثر بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، سواء كان ذلك موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان التحريض عاما علنيا أو غير علني وأيا كانت وسيلة التحريض، ويعاقب على الاتفاق والمساعدة حتى لو لم تقع الجريمة بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة.
ويرتب القانون مسؤولية على القيادات العسكرية، سواء أشرفوا على الجرائم أو امتنعوا عن وقفها، فتنص المادة 10 على معاقبة كل قائد عسكري أو شخص قائم بأعماله إذا ارتكبت القوات الخاضعة لإمرته أو سلطته الفعليتين الجرائم، أو إذا علم بذلك وامتنع عمدا عن اتخاذ ما تفرضه عليه سلطته الفعلية من أوامر أو إجراءات لمنع أو وقف ارتكابها أو إبلاغ السلطات المختصة بالضبط والتحقيق والمحاكمة لاتخاذ شؤونها، كما تنص المادة 11 على سريان المبدأ السابق على كل رئيس ارتكب الجريمة مرءوسوه الخاضعون لسلطته.
ولا يعفي القانون وفقا للمادة 12 أي شخص ارتكب جريمة حرب أو ضد الإنسانية بحجة أنه كان يمتثل لأمر الحكومة أو القائد أو الرئيس عسكريا كان أو مدنيا إلاّ إذا توافر شرطان، هما: أن يكون هناك التزام قانوني على الشخص بإطاعة أوامر الرئيس، أو إذا لم يكن الشخص على علم بأن الأمر غير مشروع إذا كانت الجريمة غير ظاهرة.
وتعاقب المادة 14 بالإعدام أو السجن المؤبد المشدد بحد أدنى 10 سنوات كل من ارتكب أثناء السلم أو النزاع المسلح فعلا يقصد به إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو دينية، كليا أو جزئيا، متضمنا ذلك جرائم القتل العمدي والإضرار الجسدي والعقلي والإخضاع لأحوال معيشية مهلكة أو فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة أو نقل طفل أو أكثر من هذه الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
وتعاقب المادة 15 بالإعدام أو السجن المؤبد المشدد بحد أدنى 10 سنوات كل من ارتكب بنفسه أو الاشتراك مع غيره هجوما واسع النطاق أو ممنهجا ضد مجموعة من السكان المدنيين متضمنا القتل العمد، أو فرض أحوال معيشية قاسية عليهم، ترحيلهم أو نقلهم قسرا، السجن والحرمان من الحرية البدنية، التعذيب البدني والنفسي والاحتجاز القسري تحت سيطرة المهاجمين، الاغتصاب بمواقعة أنثى بغير رضاها أو هتك أعراض بالقوة والإكراه أو التهديد، استرقاق شخص أو أكثر، الإكراه على ارتكاب أفعال جنسية، احتجاز نساء أجبرن على الحمل بنية التأثير في التكوين العرقي، حرمان شخص من القدرة على الإنجاب، الاضطهاد بحرمان مجموعة من حقوقها الأساسية، الإخفاء القسري للأشخاص، والفصل العنصري.
وتعاقب المادة 16 بالإعدام أو السجن المؤبد كل من ارتكب جرائم في سياق نزاع مسلح دولي أو غير دولي مثل القتل العمد والتعذيب وإحداث عاهة مستديمة وانتهاك الكرامة الشخصية والاغتصاب ونقل سكان مدنيين إلى دولة أو أراض أخرى وإخضاع الأشخاص للتجارب البيولوجية التي لا يبررها العلاج الطبي وقتل المقاتل الذي ألقى سلاحه ولم تعد لديه وسيلة للدفاع.
وتعاقب المادة 17 بالسجن 5 سنوات على الأقل وغرامة من 500 ألف إلى مليون جنيه كل من حرم أسير حرب من المحاكمة التي تتوافر فيها الضمانات القضائية والإجرائية التي يكفلها القانون، أو أجبر أسير حرب على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية، بينما تنص المادة 18 على عقوبة السجن المؤبد أو المشدد بحد أدنى 5 سنوات وعقوبة من مليون إلى 5 ملايين جنيه لمن ينهب ممتلكات الطرف العدو في النزاعات الدولية أو المحلية بقصد الاستعمال الشخصي، ومن يدمر ممتلكات العدو بطريقة لا تقتضيها ضرورات الأعمال العسكرية، ومن يحرم رعايا العدو من حقوقهم القانونية في اللجوء إلى المحاكم، وتعاقب المادة 19 بالسجن وغرامة من مليون إلى 3 ملايين جنيه كل من يهاجم أشخاصا أو منشآت أو مواد أو وسائل نقل تستخدم في مهام مساعدة الإنسانية أو حفظ السلام.
وتعاقب المادة 21 بالإعدام أو السجن المؤبد كل من ارتكب في نزاع دولي أو غير دولي جرائم حرب باستخدام أساليب قتالية محظورة مثل مهاجمة السكان المدنيين والأماكن غير العسكرية والمباني الدينية والتعليمية والعلمية والخيرية والآثار والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى أو إسقاط الأمان عن الجميع بإعلان أنه لن يبقي أحدا على قيد الحياة أو الأمر بتشريد السكان المدنيين.
وتطبق العقوبة ذاتها وفق المادة 22 على جرائم الحرب التي تستخدم فيها أسلحة متطورة مثل المواد السمية والغازات الخانقة والرصاص المحظور الذي يتمدد أو يتسطح بسهولة في الجسم ويضاعف الألم والجرح والرصاص ذو الغطاء الصلب والطلقات محززة الحواف، وتتكرر العقوبة في المادة 23 بالنسبة لمرتكبي جريمة العدوان بانتهاك سيادة الدولة أو سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي، وذلك من خلال الغزو الدائم أو المؤقت وفرض الحصار على الموانئ والسواحل والمجال الجوي والهجوم على الأسطولين التجاري أو البحري وإرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو ميليشيات أو مرتزقة لتقوم ضد دولة أخرى بعمل عسكري.
وأفرد المشروع الفصل الثالث لإجراءات التحقيق، حيث حظرت المادة 25 البدء في التحقيق أو الاتهام إلاّ بناء على إذن النائب العام أو المدعي العام العسكري، وفي حضور محامٍ يدافع عن المتهم، ويجوز في حالة أن الجاني أجنبي أن يأذن النائب العام بتسليمه إلى دولته لمحاكمته أمام قضائها الوطني، وتسمح المادة 28 باتخاذ إجراءات الاستدلال والتحقيق والتدابير التحفظية بما فيها من تجميد للأموال والمنع من التصرف فيها أو إدارتها، وذلك وفقا للقواعد المذكورة في المواد 208 مكررا «أ، ب، ج، د» من قانون الإجراءات الجنائية.
وتجيز المادة 29 للنائب العام والمدعي العسكري الأمر بالاطلاع على حسابات المتهمين في الجرائم التي يعاقبها القانون، وكذلك ودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك والمعاملات المتعلقة بها، وأيضا الحصول على أي بيانات أو معلومات عنها إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في أعمال الاستدلال والتحقيق.
ويجوز وفقا للمادة 30 إصدار أوامر بغلق المقار والأماكن والمساكن ومحال الإيواء المشمولة في التحقيق على أن يصدر القرار من رئيس نيابة على الأقل، وتعتبر الأمتعة المضبوطة في حكم الأشياء المحجوز عليها إداريا بمجرد ضبطها حتى يفصل في الدعوى نهائيا، وتسلم بعد جردها وإثباتها في محضر إلى حارس يكلف بحراسة الأختام الموضوعة على المقر المغلق، بينما تنص المادة 31 على اختصاص النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بنظر جميع الجرائم ذات الصلة بالقانون.
وتنص المادة 32 على أن تخصص دائرة أو أكثر من دوائر محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، يكون رئيس كل منها بدرجة رئيس بالاستئناف، لنظر هذا النوع من الجرائم، وفي حالة اختصاص القضاء العسكري تخصص دائرة أو أكثر من دوائر محاكم الجنايات العسكرية لنظر الجرائم، فيما تحظر المادة 33 محاكمة أي شخص عن وقائع صدر بشأنها حكم نهائب بالبراءة أو الإدانة من محكمة قضائية محلية أو دولية.
وتلزم المادة 34 الجهات القضائية والشرطية المصرية بالتعاون مع الشرطة الجنائية الدولية والجهات الأجنبية المماثلة لها فيما يتعلق بمكافحة وملاحقة جرائم الحرب والإبادة وضد الإنسانية، بما في ذلك تبادل المعلومات وإجراء التحريات والمساعدات والإنابات القضائية وتسليم المجرمين والأشياء واسترداد الأموال، وتجيز المادة 35 للجهات القضائية الأجنبية أن تطلب اتخاذ الإجراءات القانونية لتعقب أو ضبط أو تجميد الأموال المتحصل عليها في أي من الجرائم.
ويضع القانون برنامجا لحماية المجني عليهم والشهود والمبلغين في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للمادة 37، بأن تتوافر له السلامة الجسدية وصون حرمته وكرامته وهويته، وتعريفه بالإجراءات الإدارية والقانونية، وتوفير حق الاستماع إليه وأخذ آرائه ومصالحه بعين الاعتبار، والحق في مساعدته قانونيا وتوكيل محامٍ له، واتخاذ التدابير التي تمنع التأثير على الشهود بما قد يقتضيه ذلك من عدم الإفصاح عن هويتهم ودون الإخلال بحق الدفاع ومبدأ مواجهة الخصوم ببعضهم.
وتسمح المادة 38 بأن تجري المحاكم والنيابات جلساتها سرية أو تسمح للمجني عليهم والشهود بتقديم الأدلة بوسائل خاصة إلكترونية أو غيرها بما يتفق مع حالات ضحايا العنف الجنسي أو غيرها من صور الجرائم، على أن تنشأ إدارة بوزارة الداخلية تسمى «إدارة الحماية» تختص بحماية الشهود والمجني عليهم وتباشر عملها تحت إشراف النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، وتنص المادة 39 على أن تخصص 50% من عقوبة الغرامات والأموال المحكوم بمصادرتها لتمويل هذه الإدارة.