حذرت صحيفة
مصرية من أن سد "النهضة" الذي تقوم إثيوبيا بإنشائه حاليا بدأ فعليا بحجز المياه عن مصر. واستندت الصحيفة في ذلك إلى صور الأقمار الصناعية.
وقالت صحيفة "التحرير" الصادرة الأحد إنه بتحليل الصور الفضائية التي التقطتها الأقمار الصناعية يوم 11 آب/ أغسطس 2014 الجاري يتكشف بوضوح موقع بناء
سد النهضة الرئيسي علي النيل الأزرق، ما نتج عنه اختناق المجرى الرئيس للنهر بين الكتفين اليمنى واليسرى للسد، وأصبح عرض قطاع النهر أقل من 100 متر، وبدأت بحيرة السد في الظهور أمام أكتافه نتيجة ضيق المجرى الحالي لتصريف المياه، وارتفاع أكتاف السد فوق مستوى
السهل الفيضي بمنطقته.
وأضافت "التحرير" أن الصور الفضائية توضح غمر قطاع كبير من السهل الفيضي لمجرى النيل الأزرق بالمنطقة، ووصول عرض قطاع بحيرة السد إلى 600 متر، ما يدل على بداية حجز المياه، ودخول سد النهضة في مرحلة البدء في تخزين المياه، وبذلك فإن الكمية النهائية التي سيحتجزها سوف تتوقف على ارتفاعه والسد المساعد الذي يجري إنشاؤه حاليا بالتزامن مع سد النهضة على هضبة مرتفعة غرب مجرى النهر بنحو 100 متر لكي يساعد في رفع سعة تخزين بحيرة النهضة.
وأضافت الصحيفة أنه نظرا إلى حجب الجانب الإثيوبي المعلومات الأساسية عن ارتفاع السد والسد المساعد، وعدم الاطمئنان إلى الأرقام المعلنة على مواقعهم الرسمية، لجأت الصحيفة إلى نماذج الارتفاعات الرقمية المتوفرة لكل منطقة حوض النيل لعمل سيناريوهات تحاكي شكل البحيرة الناتجة ومساحتها وسعة التخزين عند المستويات المختلفة حتى يتم تقويم الآثار الفعلية على مصر.
وأكدت أنه بتطبيق نظم التحليل الهيدرولوجي والمعلومات الجغرافية وفقا للدكتور محمد البسطاويسي الأستاذ بهيئة الاستشعار عن بعد، اتضح أن إنشاء السد الرئيسي بارتفاع 100 متر سوف يؤدي إلى تكون بحيرة مساحتها 745 كم مربعا وسعة التخزين بها نحو 18 مليار متر مكعب يتم خصمها لمرة واحدة فقط من إجمالي الإيراد المائي موزعة على عدد السنوات التي سيستغرقها إنشاء السد.
وحذرت الجريدة من أن اكتمال ظهور شكل السد المساعد المرتفع أساسا 100 متر عن مستوى السد الرئيسي يقلل من احتمال إنشاء السد الرئيسي بارتفاع 100 متر فقط، ومن ثم تم عمل نماذج أخرى لبحيرة السد، أهمها النموذج الذي يحدد ارتفاع السد الرئيسي بـ145 مترا والسد المساعد بـ45 مترا، وهكذا يتضح أن سعة التخزين سوف تبلغ 73 مليار متر مكعب، وأن مسطح البحيرة يبلغ 2350 كم مربعا.
وترجع أهمية مساحة سطح البحيرة الناتجة إلى أنها ستؤدي -بحسب "التحرير"- إلى فقد نحو مليار ونصف المليار متر مكعب سنويا لكل 1000 كم مربع تقريبا، ما يسهم بصورة دائمة في تقليل حصة مصر من المياه بهذه القيمة بعد اكتمال بحيرة السد.
وعلق الدكتور نادر نور الدين خبير الموارد المائية على تقرير الجريدة بالقول: ما يتضح من خلال الصور الحديثة هو إضافة سد فرعي، وقيام الإثيوبيين بتعلية السد من الجانب الأيمن في مسافة بين جبلين، ما سيؤدي إلى عودة المياه للانحدار إلى النيل الأزرق مرة أخرى.
وأشار إلى أن الإثيوبيين حاليا في مرحلة بناء السد الإضافي بطول ما يقرب من 5 آلاف متر، ما سيؤدي إلى حجز 60 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى الـ14 التي سيتم تخزينها من السد الرئيسي ليصبح إجمالي ما تخزنه البحيرة عن مصر 74 مليار متر مكعب.
وأشار إلى أن مصر لو وافقت على سد النهضة فسيعني ذلك الموافقة على بناء 4 سدود ستخزن 200 مليار متر مكعب، موضحا أن سد النهضة سيخزن 75 مليار متر مكعب، بينما يخزن سد كارادوبي 47 مليار متر، وأندايا 40 مليار متر، ومافل 40 مليار متر.
وأضاف أن الإثيوبيين يريدون مصادرة مياه النيل لحسابهم لعشرات السنوات، والحل الوحيد أن تستغني
أثيوبيا عن السد الفرعي، أما السد الأسمنتي الرئيسي فليس بالمشكلة الكبيرة، لافتا إلى أن الجانب الإثيوبي يعمل على الانتهاء من السدود خلال 3 سنوات، لأنه متعاقد على توليد الكهرباء بحلول 2017، وهو ما يعني أن البحيرة الرئيسية يجب أن تكون ممتلئة، لذا يتضح أن الجانب الإثيوبي يراوغ، وأن المسؤولين عن المفاوضات في مصر دون المستوى، على حد تعبيره.
وأكد نور الدين أن مصر في الوقت الحالي تعاني من عجز في المياه يقدر بـ30 مليار متر مكعب سنويا، إذ إن مواردها 61 مليار متر مكعب مجمعة بين النيل والجوفية، والفلاحون يستغيثون بسبب عجز المياه، وليس لدينا من يطرح حلولا لسد العجز الذي يتفاقم سنويا مع تزايد المواليد، وثبات حصتنا من المياه التي ستنخفض سنويا، وستصبح إثيوبيا تاجر المياه الأكبر في شرق إفريقيا.
قوة عسكرية إثيوبيةـ سودانية مشتركة
إلى ذلك، كشفت وزارة الدفاع الإثيوبية عن التوصل لاتفاق مع نظيرتها السودانية لتشكيل قوة عسكرية تخضع لقيادة مشتركة من الجانبين، بهدف حماية سد النهضة من أي اعتداءات محتملة.
وكشفت صحيفة "سودان تريبيون" السودانية عن أنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق العسكري خلال الاجتماع السوداني ـ الإثيوبي الـ11 لوزراء الدفاع الأسبوع الماضي في أديس أبابا.
ونقلت الصحيفة عن سيراج فيجيسا وزير الدفاع الأثيوبي أن القوة العسكرية المشتركة سيتم تشكيلها بحلول نهاية أيلول/ سبتمبر المقبل، على أن تنتشر على ثماني جبهات على الحدود المشتركة للبلدين، بهدف تأمين المناطق الحدودية، ودعم التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين.
ومن ناحيته، أكد عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع السوداني أن القوة العسكرية المرتقبة من شأنها تعزيز التعاون بين الجانبين، إذ تستند إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين من قبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجانب الإثيوبي ينظر إلى
الاتفاقية العسكرية بين الجانبين كاستراتيجية دفاعية للتصدي لأي أعمال تخريبية محتملة تستهدف مشروع سد النهضة الذي يقع على بعد 40 كيلومترا من الحدود السودانية. كما أن الصحيفة رصدت المخاوف المصرية من تأثير السد المرتقب علي حصتها من مياه نهر النيل.