اهتمت الصحف الغربية بالتقرير الذي أصدرته منظمة "
هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء حول مجزرة فض
اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والنتائج التي يمكن أن تترتب عليه.
وذكرت المنظمة الحقوقية - التي تتخذ من مدينة نيويورك الأمريكية مقراً لها - أن "قوات الأمن
المصرية قتلت أكثر من 1150 شخصاً من المتظاهرين السلميين، خلال الشهرين التاليين لعزل الرئيس مرسي، وأن معظم هؤلاء الضحايا سقطوا أثناء فض اعتصام رابعة، في واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم خلال يوم واحد في التاريخ الحديث".
وأكد التقرير - الذي حمل عنوان "حسب الخطة: مجزرة رابعة والقتل الجماعي للمحتجين في مصر" - أن عملية الفض مثلت جريمة ضد الإنسانية واتهمت قوات الجيش والشرطة بقتل المتظاهرين عمدا وفقا لخطة موضوعة مسبقا أشرف عليها قادة الانقلاب، وطالب بمحاكمة مجموعة من المسؤولين - حددهم بالإسم - على رأسهم
السيسي ومحمد إبراهيم.
أبشع من تيانانمن
وقالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن فض اعتصام "رابعة" كان أبشع هجوم مدبر منذ مذبحة "تيانانمن" التي قتل فها مئات الطلاب الصينيين عام 1989 أثناء مطالبتهم بالديمقراطية.
ونقلت "غارديان" عن شهود عيان، أن الرصاص كان ينهمر عليهم من كل اتجاه كما لو كانوا داخل إحدى ألعاب الفيديو.
ولاحقا، انتقد الكاتب "باتريك كينغسلي" - في تغريدة له عبر "تويتر" - تصريحات أدلى به الإعلامي المؤيد للانقلاب وائل الإبراشي دعا فيها للاحتفال بذكرى فض رابعة.
وكتب "كينغسلي" فيه قائلا، "إنه (أي الإبراشي) يريد الاحتفال بأبشع مذبحة في العالم منذ تيانانمين".
وكان الإبراشي قد طالب في برنامجه على قناة "دريم" مساء الثلاثاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن يجعل يوم فض الاعتصامين "يوما احتفاليا" لأنه "يوم استعادة هيبة الدولة والانتصار على الإرهابيين"، وتمنى أن "يستجيب الرئيس لهذا الاقتراح".
وتعليقا على التقرير الذي أصدرته "هيومن رايتس ووتش" حول أحداث مجزرة رابعة، قالت "ماري هارف" نائبة المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، إن ما حدث في أغسطس الماضي من حالات قتل متظاهرين واضح للعيان وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب تلك
الجرائم.
وأضافت "هارف" خلال مؤتمر صحفي للخارجية الأمريكية مساء الثلاثاء، أن بلادها تشعر بالانزعاج الشديد من نتائج التقرير، ومن المثير للقلق، أنه بعد مرور عام على تلك الأحداث، لم تخضع القوات الأمنية للمساءلة، في أحداث أسفرت عن وفاة 1000 مصري تقريبا.
توريط للسيسي
من جهتها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن التقرير أثبت تورط كبار المسؤولين المصريين، بينهم السيسي، جراء القتل الممنهج واسع النطاق ضد محتجين مدنيين.
وأشارت الصحيفة في تقرير لـ "ديفيد كيرك باتريكس" - مدير مكتبها في القاهرة - إلى أن التقرير هو أحدث المحاولات المستقلة من منظمات حقوقية لتوثيق القتل الجماعي الذي وقع الصيف الماضي ويبدو أن الحكومة المصرية عاقدة العزم على إبقائه طي النسيان".
وتابعت "نيويورك تايمز" قائلة: "لم يخضع أي مسؤول حكومي للمحاكمة في حوادث قتل مئات المتظاهرين أو اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم إسلاميون ونشطاء علمانيون ويساريون".
واعتبرت الصحيفة أن رفض السلطات المصرية السماح بدخول مسؤولين بارزين من "هيومن رايتس ووتش" هو انعكاس لقلق الحكومة من تقرير المنظمة حول فض رابعة.
وقالت صحيفة "إندبندنت" إن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن أحداث رابعة والذي اتهم فيه مسؤولون كبار بالتورط في "جرائم ضد الإنسانية" ومنهم عبدالفتاح السيسي، يسلط الضوء من جديد على رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وأوضحت الصحيفة أن بلير قدم الدعم للانقلاب الذي قام به الجيش على الرئيس محمد مرسي وعمل كمستشار غير رسمي للسيسي في قضايا الإصلاح الاقتصادي.
ونقلت الصحيفة عن "كريس دويل" - مدير جمعية التفاهم العربي البريطاني - قوله: "ليست هذه هي المرة الأولى، ولن تكون المرة الأخيرة، التي يرتبط فيها بلير بأنظمة لديها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان".
وتساءل دويل: "ما هي الرسالة التي يريد بلير إرسالها من علاقته مع نظام السيسي المتهم بقتل ألف شخص كانوا يعتصمون بطريقة سلمية؟".
رهان خاسر
أما صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فعلقت على التقرير بقولها إن ما شهدته أحداث الفض من أعمال قتل تتجاوز كل الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، خلال ما يقارب الشهر من العدوان المستمر.
وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها الأربعاء أن أكثر نتائج التقرير صدمة، هي أن قادة الانقلاب كانوا يعرفون أن فض الاعتصام سيسفر عن خسائر بشرية كبيرة، وخططوا لذلك، وبعد مرور عام على الأحداث، تنكر السلطات ارتكاب أي فعل خاطئ، ولم يتم توجيه الاتهام ?ي من رجال الشرطة، بل على العكس، أقامت السلطات نصبا تذكاريا في ميدان رابعة احتفالا بفض الاعتصام.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يحافظ على الشراكة الاستراتيجية مع النظام المصري الجديد ويواصل وزير الخارجية جون كيري زعمه أن الطاغية عبد الفتاح السيسي يقود مصر ديمقراطية حقيقية، لكن تقرير "هيومن راتس ووتش" أكد أن حليف الإدارة الأمريكية في القاهرة متورط في أكبر جريمة قتل جماعي في العالم لمتظاهرين في يوم واحد في التاريخ الحديث، ويستحق المحاكمة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتابعت: "مصر ينبغي أن تكون "منبوذة" لقمعها الدموي للمعارضين، وبدلا من ذلك فإن إدارة أوباما تتعامل مع مهندس المذبحة السيسي كشريك يستحق التقدير بدلا من أن يكون منبوذا، اعتقادا منه أن ذلك يعزز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، لكنه رهان خاسر".
أما مجلة "فورين بوليسي" فأجرت مقابلة مع "كينيث روث" مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الذي قال إن مزيجا من الإنكار والخوف، هو ما دفع بالحكومة المصرية إلى رفض دخوله - وزميلته سارة لي واتسون - البلاد.
وأوضح "روث" أن الحكومة المصرية ترغب في طمس ذكريات فض اعتصام "رابعة"، إلا أن الأمور لن تمر بهذه البساطة، مطالبا المجتمع الدولي بالتدخل لو استمرت مصر في تجاهل هذه الجريمة.