بدأت إدارة الولايات المتحدة الأمريكية بتسليح القوات الكردية "
البيشمركة" التي تواجه هجوما كبيرا من قبل تنظيم داعش منذ أكثر من أسبوع في محافظة نينوى شمال
العراق، والذي اقترب من عاصمة
إقليم كردستان "أربيل"، وسط مشاورات دولية حول
تسليح هذه القوات.
وحظي موضوع دعم القوات الكردية بالسلاح في القتال وتنفيذ ضربات جوية على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، بدعم من المجتمع الدولي وخاصة من الولايات المتحدة الأميركية بعد سنوات من مطالبات حثيثة من قبل القيادات الكردية بتسليح قوة حماية الإقليم "البيشمركة".
لكن دعم واشنطن لم يتوقف عند تنفيذ الغارات الجوية والتي كان من المقرر أن تكون لأهداف محددة لإنقاذ الأقليات المحاصرة في جبل سنجار، بل تعدى الأمر إلى إبداء الرغبة الأمريكية في تسليح القوات الكردية.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "واشنطن بوست" أمس الثلاثاء، إن "قرار الولايات المتحدة بتسليح الأكراد جاء عبر قناة سرية أنشأتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، اتخذ رغم اعتراف مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية بأن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة كانت تشكل رادعا مؤقتا فقط".
وأكد هذا الأمر، تصريحات مسؤولين أمريكيين بارزين، حيث أبدى السيناتور الأمريكي جون ماكين رغبته وبشكل صريح في مقابلة له مع الـ"CNN" بتسليح القوات الكردية، مشيرا إلى أن غارات أوباما لا تكفي لردع "داعش" قائلا: "علينا تسليح الكرد".
من جانبه، قال السفير الأمريكي السابق في العراق زلماي خليل زاد في تصريح لـ"CNN" أيضا: "أظن أننا بحاجة لتطور جديد عبر قرار بدعم القوات في كردستان من أجل حماية نفسها وتخفيف العبء عن القوات الأمريكية".
لكن يبدو أن القضية لم تعد تعني الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها، بل دخلت فرنسا على خط المساهمة بتقديم الدعم العسكري للكرد، حيث أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن بلاده بدأت بمشاورات مع دول الاتحاد الأوربي لتدارس إمكانية تسليح الكرد لمواجهة هجمات تنظيم داعش.
إلا أن الكثير من وسائل الإعلام الألمانية أعلنت أن السلطات في برلين لم تحسم أمرها بخصوص إمداد الأكراد بالسلاح، وهذا الأمر كان مهيئا إلى بدء التجاذبات السياسية بين الأحزاب السياسية في ألمانيا، حيث يؤيد الحزب المسيحي تلك الخطوة، أما حزب الخضر فيعارض تلك الخطوة، معتبرا أنها قد تكون أداة للصراع بين دولتين متجاورتين وهما إيران وتركيا.
وكان الزعيم الكردي مسعود
البرزاني، طالب الاثنين الماضي المجتمع الدولي، بمد الأكراد بالسلاح لمواجهة تهديدات تنظيم داعش واسترجاع المناطق التي سيطر على التنظيم، قائلا إن "الأكراد لا يقاتلون منظمة إرهابية، بل دولة إرهابية".
يشار إلى أن المطالبات الكردية بالتسليح كانت قد بدأت بشكل قوي منذ أكثر من 10 سنوات، أي بعد احتلال العراق في عام 2003، ولكن هذه المطالبات لم تكن تلقى استجابة دولية وحتى محلية، بل كانت الكثير من الأطراف العراقية تبدي تخوفها من هذا الملف.
وكانت أهم عوامل التجاذبات السياسية بين بغداد وأربيل وحتى الفترة الأخيرة هي قوات البيشمركة إلى جانب النفط، حيث كان يعتقد الكرد أنه يجب منح 17% من ميزانية شراء السلاح للجيش العراقي إلى قوة حماية كوردستان، لكن بغداد كانت ترفض هذا الموضوع، حتى إن القوى السنية التي أصبحت اليوم قريبة من الجانب الكردي كانت تبدي تخوفها من هذا الموضوع، حيث كانوا يعتبرون تسليح الكرد بالأسلحة الثقيلة مخالفة دستورية.
ويعتقد مراقبون في الشأن العراقي أن السلطات الكردية كانت من أكثر المستفيدين من الأزمة الحالية بعد سيطرة تنظيم داعش على الموصل والمناطق التي حولها، حيث يقولون إن القيادة الكردية بدأت بتعزيز موقفها حيال المناطق المتنازع عليها حتى وإن خسرت بعضها في الفترة الحالية المؤقتة، وأنها اعتبرت ذلك فرصة لـ "ابتزاز" الولايات المتحدة الأمريكية لتسليحها، خصوصا أن واشنطن لا تريد أن يتعرض إقليم كردستان لأي خلل في الاستقرار وذلك لأسباب عديدة، أولها النفط.
الجدير بالذكر أن قوات البيشمركة الكردية تأسست عام 1958 وهي تعني بالعربية "الذين يواجهون الموت"، وخاضت تلك القوات حروبا طويلة مع السلطات التي كانت تحكم العراق، بالإضافة إلى حروبها فيما بينها، حيث جرت حروب بين البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني من جهة، وبيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البرزاني من جهة الأخرى.
ولم تمتلك قوات "البيشمركة" الحصول على الأسلحة الثقيلة إلا بعد الهزيمة التي مني بها الجيش العراقي في الموصل على يد داعش، حيث حصلوا على بعض من تلك الأسلحة، لكن كانت حصة تنظيم الدولة الإسلامية من تلك الأسلحة هي "حصة الأسد".