رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحيتها أن جذور العنف في
غزة تعود إلى عام 2005، وهو عام الانسحاب
الإسرائيلي من القطاع.
وقالت الصحيفة في تقرير لها السبت، "كل من إسرائيل وحماس سيعلنان النصر قريبا في غزة. وفي كلا الحالتين فهذا الزعم سيكون فارغا والنصر أجوف".
وأضافت الصحيفة "ستقول إسرائيل إنها دمرت العديد من الأنفاق ومواقع إطلاق الصواريخ وكميات كبيرة من الذخيرة وقتلت العديد من المقاتلين. وستؤكد إسرائيل على أن البنية التحتية التي تطلق عليها إسرائيل إرهابا وتسميها
حماس مقاومة قد ضيعت لدرجة أنه لن يتم استئناف القتال لوقت طويل وربما للأبد".
أما حماس، بحسب الصحيفة، "ستقول إنها استطاعت الحصول على تنازلات من الإسرائيليين تتعلق بالتجارة وحرية الحركة، وأنها كسرت الحصار عن غزة، وإنه تم حرمان إسرائيل من قوتها العسكرية بصمود مقاتلي حماس الشجعان".
وأوضحت الصحيفة أن "كليهما سيكونان محقين في الزعم ومخطئين في الوقت نفسه، لأن أيا من الإنجاز لو سمحنا لأنفسنا باستخدام الكلمة، سيكون مساويا لثمن الأرواح التي ضاعت في الأيام الثمانية الأخيرة في مدارس ومستشفيات وبيوت غزة".
وتساءلت الصحيفة عن سبب عدم توقف القتال حتى هذا الوقت بعد ارتفاع عدد الضحايا، بمن فيهم الضحايا الذين سقطوا في المواجهات بين الإسرائيليين والمحتجين في الضفة الغربية.
وقالت "لكنها نفس القصة التي سمعناها من قبل: الإسرائيليون يريدون إنهاء المهمة وتحطيم الأنفاق، وحماس لن تستسلم حتى تؤمن مطالبها بتحرير غزة من القيود التي فرضتها عليها إسرائيل (مصر) والتي تقوم بخنق الاقتصاد. فيما يعمل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جاهدا للتوصل لوقف إطلاق النار، ولكن وقف إطلاق النار لا يعني شيئا حتى يقوم المجتمع الدولي والولايات المتحدة وإسرائيل بالتصدي للجذور العميقة المسببة للأزمة".
وأشارت الصحيفة إلى سلسلة المسببات التي تقف وراء الأزمة الحالية وقرار أرييل شارون الانسحاب من غزة في عام 2005، حيث كان الانسحاب فعلا تكتيكيا يسمح له بتأجيل التفاوض حول مستقبل الضفة الغربية ويضعف منظمة التحرير
الفلسطينية. فالانسحاب كان محاولة من شارون لكسب بعض المديح وفي الوقت نفسه دفع الأمريكيين لتقديم التزامات حول ما يمكن لإسرائيل الاحتفاظ فيه عند بداية التفاوض حول الضفة الغربية.
وتعتقد الصحيفة أن قرار شارون كان مناورة سياسية ماهرة بل وشجاعة على المستوى السياسي المحلي والدولي، ولكنها سيئة النية وذات آثار سلبية.
"وهذا بالفعل ما كان أراده شارون لأنه لم يكن يريد أن تكون غزة حرة بالمعنى الحقيقي. فقد احتفظت إسرائيل بالسيطرة على المجال الجوي، والمياه الإقليمية والتجارة وحركة الناس والحدود البرية لغزة مع إسرائيل، وبهذا المعنى ظلت غزة أرضا محتلة"، تقول الصحيفة.
وأضافت أن "سياسة إسرائيل "فرق تسد" تركت آثارها من خلال تقوية منافسي منظمة التحرير الفلسطينية. فقبل الانسحاب حاولت إسرائيل تصفية القيادات المتشددين. عسى أن تميل حماس للتعايش، لكنها لم تفعل هذا، ومضت للفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006، وفي عام 2007 فتحت سيطرة حماس على القطاع لفترة مواجهات متقطعة، كانت مواجهات هذه الشهر هي الأخيرة، ولكنها لن تكون بالتأكيد الأخيرة".
وقالت "أولئك الإسرائيليون الذين يصورون عملية الانسحاب باعتبارها فعلا كريما لم يلقوا الثناء الكافي عليه لم يفهموا ما يحدث. فقد أضعف الانسحاب من جانبٍ واحدٍ المعتدلين الفلسطينيين، وسمح للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بجر قدميها في عملية التسوية، بل واستخدمت من قبل بنيامين نتنياهو الذي عارضه في حينه من أجل تحديد المطالب الأمنية الإسرائيلية لأي عملية انسحاب قادمة في الضفة الغربية، وهو ما يجعل أي عملية سلام في المستقبل مستحيلة. وعليه فالاحتلال سيتواصل بالتحكم عن بعد "ريموت كونترول" وهو يشمل ما يمارس في غزة، ولكن الاحتلال كما استنتج مؤرخ إسرائيلي "أدى لتشدد من هم خاضعون لسلطته" ولهذا السبب تظل غزة مشكلة عصية على الحل".