نشرت صحيفة "واشنطن بوست" عريضة وقّع عليها عدد من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وشرحوا فيها أسباب رفضهم الخدمة.
وكتبت الناشطة يائيل إيفين التي كانت مسؤولة عن تقييم المرشحين للتجنيد في الجيش الإسرائيلي والمقيمة حاليا في نيويورك، قائلة: "عندما يتم استدعاء جنود الاحتياط الذين يتكونون من الجنود السابقين هناك دائما رافضين ومقاومين من القوات يستدعون للجيش. والآن وقد أرسلت القوات الإسرائيلية لغزة مرة أخرى وتم استدعاء جنود الإحتياط هناك العشرات منهم يرفضون تلبية النداء".
وأضافت: "نحن أكثر من 50 إسرائيليا ممن كانوا جنودا، والآن نعلن رفضنا المشاركة مع جنود الاحتياط. ونعارض الجيش الإسرائيلي وقانون التجنيد، وجزء من هذا الرفض لأننا نمقت العملية الحالية، ومعظم الموقعين أدناه هن من النساء ويرفضن المشاركة في المواجهات العسكرية. وبالنسبة لنا فإن الجيش مخطيء لأسباب أبعد من عملية الجرف الصلب (الصامد) أو حتى الاحتلال. نحن نرفض عسكرة إسرائيل وسياسات الجيش التمييزية/ العنصرية. وأحد من الأسباب هو أن النساء عادة ما يكلفن بالعمليات الدنيا مثل السكرتيريا، وسبب آخر هو التدقيق والتمييز ضد العرب اليهود "مزراحي" من خلال منعهم من العمل في مناصب ووحدات الجيش المميزة ففي إسرائيل تحدد الوحدة التي خدم فيها الشخص والمنصب الذي احتله فيها حياته المدنية بعد الخدمة في الجيش".
وتابعت: "بالنسبة لنا فالعملية العسكرية والطريقة التي تمت فيها عسكرة المجتمع الإسرائيلي أمران غير منفصلان، ففي إسرائيل، الحرب ليست فقط سياسة تدار بطرق أخرى، ولكنها تحل محل السياسة. ولم تعد إسرائيل قادرة على التفكير لحل سياسي للنزاع بطريقة غير طريقة استخدام التفوق العسكري، وليس غريبا أن تكون عرضة لعنف دائم، وعندما تنطلق المدافع لا يسمع أي انتقاد لها".
وأشارت إلى أن "هذه العريضة التي قضينا وقتا في إعدادها اقتضتها الحاجة الملحة بسبب العملية الوحشية التي يقوم بها الجيش الآن باسمنا. ولأن جنود الوحدات القتالية هم من ينفذون الحرب اليوم فعملهم لن يتم بدون أي دور إداري يقوم به الكثيرون منها وعليه فهناك سبب لمعارضة العمليات القتالية في
غزة، وهناك سبب لمعارضة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشكل عام، وهذه هي رسالة هذه العريضة".
وواصلت الكاتبة بالقول: "نحن جنود عملنا في عدد متنوع من الوحدات، وهي حقيقة نندم عليها اليوم، ووجدنا القوات التي تعمل في المناطق المحتلة ليست هي الآلية الوحيدة التي يتم من خلالها التحكم بحياة الفلسطينيين. ففي الحقيقة فكل الجيش متواطؤ بهذا. ولهذا السبب نرفض المشاركة وتنفيذ المهام المطلوبة من جنود الإحتياط، وندعم كل من رفضوا الدعوة للخدمة".
وقالت: "إن الجيش الإسرائيلي الذي يمثل جانبا رئيسيا من حياة الفلسطينيين يقوم أيضا بممارسة سلطة على حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967. وطالما ظل موجودا في شكله الحالي ولغته وعقليته التي تسيطر علينا: نقسم العالم حسب تصنيف الجيش للخير والشرير، فالجيش يمثل السلطة حول من له قيمة جيدة في المجتمع ومن لا قيمة له، ومن هو مسؤول عن الاحتلال ومن يسمح له بالتعبير عن معارضته له ومن لا يسمح له، وكيف سيقومون بها. لأن الجيش يلعب دورا مهما في كل خطة ونقاش وحوار وطني، وهذا يفسر غياب النقاش حول حل غير عسكري لنزاعات إسرائيل التي تديرها مع جيرانها".
وأضافت: "إن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة محرومون من حقوقهم المدنية وحقوق الإنسان، ويعيشون تحت نظام قانون مختلف عن ذلك المستخدم عند جيرانهم اليهود. وليس هذا هو خطأ الجنود الذين يعملون في المناطق المحتلة. فهؤلاء الجنود ليسوا مجبرين فقط على الرفض، فهناك الكثيرون منا ممن عملوا في ادوار لوجيستية ودعم بيروقراطي، فهناك وجدنا كل الجيش يساعد على تنفيذ عملية اضطهاد الفلسطينيين".
وقالت إن الكثيرين من الذين خدموا في مهام غير قتالية يرفضون المقاومة، لاعتقادهم أن أفعالهم عادة ما تكون روتينية ومملة بعيدة عن النتائج العنيفة في أماكن أخرى. وأعمال غير مملة- مثلا- عن الحياة والموت للفلسطينيين عادة ما تتخذ في مكاتب بعيدة عدة كيلومترات عن الضفة الغربية، وهي سرية ومن الصعب نقاشها بشكل عام. ولسوء الحظ لم نرفض دائما القيام بالمهام التي طلبت منا، ومن هنا فقد شاركنا بطريقة أو بأخرى بالعنف الذي ارتكبه الجيش".
واوضحت ذلك بالقول: "خلال فترة عملنا في الجيش رأينا عيانا أو شاركنا بممارسات الجيش التمييزية- التمييز البنيوي ضد المرأة والذي يبدأ بالمرحلة الأولى من التدقيق والتكليف بالمهام، والتحرش الجنسي الذي يعتبر واقعا يوميا لنا، ومراكز استيعاب اللاجئين التي تعتمد على مساعدة الجيش. وكما شاهد بعضنا عيانا كيف قامت بيروقراطية الجيش وبطريقة مقصودة بتكليف الطلاب من أصحاب الخبرة التقنية في مراكز تقنية بدون منحهم فرصة للخدمة في أماكن أخرى. ويتم وضعنا وتدريبنا مع الناس الذين يشبهوننا ولا يسمح لنا الاختلاط والتعارف كما يدعي الجيش".
وانتقدت العريضة الجيش بالقول: "يقدم الجيش نفسه على أنه المؤسسة التي تساعد على الحراك الاجتماعي، ونقطة انطلاق نحو المجتمع الإسرائيلي، وفي الحقيقة فإنه يقوم بتأبيد الانفصال. ونعتقد أنه ليست مصادفة أن يتم تجنيد أبناء الطبقات المتوسطة ومن أصحاب الدخل العالي أو المتوسط في وحدات أمنية. وبعد ذلك يذهبون للعمل في شركات تدفع لهم أجورا عالية. ونعتقد أنه ليس مصادفة أنه عندما يهرب الجنود من وحدات الصيانة أو وحدات الإمدادات بالهروب من الجيش وعادة ما يدفعهم لهذا هو الحاجة لإعالة عائلاتهم ويطلق عليهم "الهاربون من الخدمة". فيما يحاول الجيش تأكيد صورة "الإسرائيلي الجيد" والذي يشتق قوته من استعباد الآخرين".
وعللت ذلك بأن "مركزية الجيش في المجتمع الإسرائيلي والصورة المثالية التي يصنعها عن نفسه تعمل جنبا إلى جنب لمحو الثقافات ومقاومة المزراحي والأثيوبيين والفلسطينيين والروس والدروز، والمتدينين والبدو والمرأة".
واعترفت الكاتبة بالقول: "نحن نشارك بطريقة او بأخرى في هذه الأيديولوجية ونشارك في لعبة "الإسرائيلي الجيد" التي تخدم وبولاء الجيش الإسرائيلي. وفي العادة تعمل هذه الخدمات على تقدم مواقعنا في الجامعات وسوق العمل، ونقوم ببناء اتصالات ونستفيد من الإجماع الإسرائيلي، ولكن هذه لا تساوي الثمن للأسباب التي ذكرت أعلاه".
وقالت: "بحكم القانون لا يزال بعضنا مسجلا في قوات الاحتياط (مع أن البعض استطاع الحصول على إعفاء أو التسريح من الجيش) ويحتفظ الجيش بأسمائنا والمعلومات الشخصية المتعلقة بنا، ولديه السلطة القانونية لأمرنا بالعودة للخدمة، لكننا لن نعود ونخدم بأي طريقة".
واختتمت بالقول: "هناك عدة أسباب تجعل الأشخاص يرفضون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، مع أننا مختلفون في الأصول الاجتماعية والدوافع، ولكننا كتبنا هذه العريضة. ومع ذلك فضد الهجمات على من يقاومون التجنيد فإننا ندعم المقاومين، طلاب الثانوية الذي كتبوا رسالة رفض، طلاب المدارس الدينية الذين يرفضون قانون التجنيد الجديد، والرافضون من الدروز، وكل من لا يسمح لهم ضميرهم أو حالتهم الشخصية وضعهم الاقتصادي للخدمة. فتحت مقولة المساواة أجبر هؤلاء على دفع الثمن، ليس بعد".