أفاد عقيد متقاعد من جهاز الاستخبارات
الجزائري، أنه "لا يمكن إحداث أي تغيير بالجزائر مالم يكن لمؤسسة
الجيش رأي فيه"، وتساءل العقيد إن كان "هناك أمور غير معلنة، تعليقا على جدل أثير بحدة في الأيام الماضية، حول احتمال انسحاب الجيش كليا من صنع القرار بالجزائر".
وقال رجل المخابرات الجزائري السابق، محمد خلفاوي لـ"عربي21" الاثنين، إن "الجيش عنصر فاعل في مرافقة أي مسعى للتغيير بالبلاد، وهناك ثنائية في المشهد السياسي بالجزائر لازمت القرار السياسي منذ استقلال البلاد العام 1962، وهي "الجيش" و"حزب جبهة التحرير الوطني" وهو الحزب الحاكم. وهما اللذان يديران شؤون الحكم في البلاد.
وكان ضابط المخابرات المتقاعد، يتحدث عن عدم الأخذ برأي الجيش بمشاورات المراجعة الدستورية التي قام بها أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، والتي انتهت الثلاثاء التاسع من تموز/ يوليو واستغرقت قرابة شهرين.
وأثير جدال واسع حول حدود وصلاحيات مؤسسة الجيش بالجزائر، في خضم تجاذبات وأحيانا صدامات بين السلطة و المعارضة، منذ انتخاب الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة بانتخابات 17 نيسان/ أبريل الماضي.
وطالب فصيل من المعارضة بالجزائر، الجيش، بأن يبقى محايدا وأن لا يوالي السلطة في صراعا مع المعارضة، لكن فصيل أخر دعاه إلى التدخل " لتأمين مسار التغيير والانتقال الديمقراطي الذي تعرفه البلاد.
لكن مولود حمروش، رئيس الحكومة السابق و أبرز الشخصيات السياسية بالجزائر ذات الثقل و النفوذ السياسي، دعا مؤسسة الجيش إلى المشاركة في مسار الانتقال الديمقراطي الذي بدأته "تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي، شهر نيسان/ أبريل الماضي.
وانتقد خلفاوي فترة حكم الرئيس بوتفليقة وقال "منذ 1999(وصول بوتفليقة إلى سدة الحكم) نشاهد تضييقا وتقويضا لعمل السلطات الرقابية، وإخضاعا للسلطة القضائية والتنظيمات المدنية".
وهناك من فهم عدم دعوة المؤسسة العسكرية لمشاورات مراجعة الدستور، أنها دليل على انسحاب المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية نهائيا بالجزائر.
وكان بيان لرئاسة الجمهورية بالجزائر أعلن، الثلاثاء الماضي، توقف مشاورات المراجعة الدستورية، التي جمعت ممثل الرئاسة بالجزائر، احمد أويحي، ب30 شخصية سياسية ووطنية و52 حزب و37 منظمة. وليس من بين المدعويين، ممثلون عن المؤسسة العسكرية.
وقال قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، في اجتماع بقادة العسكر قبل أسابيع قليلة إن "الجيش سيبقى على الحياد".
وأفاد العقيد المتقاعد من صفوف الجيش الشعبي الوطني، احمد عظيمي في تصريحات لـ"عربي21" الاثنين إن" الجيش لم يعد له دور في العمل السياسي، فالعديد من الجنرالات الذي كانوا يفعلون ذلك، توقفوا، عن التدخل بالقرار السياسي".
ورغم إقراره بانسحاب الجيش العام 2004، من خلال إعلان قائد أركان الجيش السابق، محمد العماري تخليه عن منصبه، فإن عظيمي يرى أن مرافقة الجيش لأي مسعى لانتقال ديمقراطي " أمر ضروري لان كل المؤسسات الدستورية الأخرى مهلهلة وغارقة بالفساد كما أن الأحزاب السياسية جرى إضعافها في السنوات الأخيرة".
وساق عظيمي مبررات الانسحاب في أن" طيلة 15 سنة من حكم بوتفليقة أحيل العديد من الجنرالات على التقاعد، وهؤلاء اغلبهم ينتمون الى فئة المجاهدين الذين حاربوا الاستعمار الفرنسي، لكن، هؤلاء استخلفوا بضباط جدد اكتسبوا شرعية جديد وهي شرعية محاربة الإرهاب، وهي فئة تكاد تحال كلها على التقاعد أيضا، أما الجيل الجديد الذي يقود الجيش فهو محترف ولا علاقة له بالسياسة".
لكن محمد خلفاوي لا يؤيد هذه النظرة، ويقول لـ"عربي21" إن " للجيش كلمته التي يقولها دوما، وهذا مقرون بتحمل مسؤولياته على أكمل وجه في حماية البلاد من أي عدوان، والجيش شريك في مسار الانتقال الديمقراطي لا ينبغي إقصاؤه".
وسبق لعمار سعداني، الأمين العام لحزب للحزب الحاكم بالجزائر"جبهة التحرير الوطني" أن دعا إلى ما اسماه بـ"الدولة المدنية" في إشارة منه إلى تحكم جهاز المخابرات بالقرار السياسي بالجزائر".
وأبعد من ذلك تهجم سعداني على مدير جهاز المخابرات، الجنرال محمد مدين، وقال إنه وراء حملة تكسير الأحزاب السياسية كما اتهمه في تصريحات صحفية، شهر آذار/ مارس الماضي، بـ"الفشل في حماية الرئيس الجزائري الأسبق محمد بوضياف".
ومعلوم أن محمد بوضياف اغتيل بالرصاص بمحافظة عنابة، شرق الجزائر أثناء إلقاءه لخطاب على المباشر، يوم 29 حزيران/ يونيو 1992.
لكن ضابط الاستخبارات السابق، خلفاوي ينزع كل مصداقية عن تصريحات مسؤول الحزب الحاكم ويقول إن ما صرح به بحق قائد الاستخبارات الجزائرية، "ليس أكثر من مغالطات".