تحتضن الغزيّة "سحر حمدان"، طفلها "محمد"، المرتجف خوفا من صوت الطائرات الحربية الإسرائيلية، وكأي أم في العالم، تحاول أن تكون ملاذا لمخاوف صغيرها.
غير أنّ مهمة حمدان (27 عاما) لا تكتمل، إذ يسكُت صوتها الذي يُهدهد أطفالها، ويتكفل ببث الطمأنينة إلى أجسادهم، بعد أن تتحول إلى جثة هامدة، محترقة جرّاء
الغارات الإسرائيلية المكثفة على مختلف أنحاء قطاع غزة.
وحمدان التي استشهدت برفقة طفلها محمد (12 عاما)، بعد أن قصفت الطائرات الحربية منزلهم الخميس الماضي في بيت حانون شمال قطاع غزة، واحدة من بين 16 امرأة تحولنّ إلى أرقام في قائمة
الاستهداف الإسرائيلي.
ويشن سلاح الجو الإسرائيلي، منذ مساء الاثنين الماضي، غارات مكثفة على أنحاء متفرقة في قطاع غزة، في عملية عسكرية أطلقت عليها إسرائيل اسم "الجرف الصامد".
وتسببت
العملية العسكرية ذاتها في استشهاد 166 فلسطينيا وجرح 1120 آخرين، حتى 16:00 (تغ) من اليوم الأحد، حسب ما أفاد به الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة.
وأكد القدرة أن الإحصائيات الأولية تكشف عن مقتل 16 امرأة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، معظمهن "أمهات" قتلن برفقة أطفالهن.
وكان أمس السبت الأكثر دموية بالنسبة لاستهداف النساء، منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، إذ أسفر عن مقتل تسعة من النساء من بين 50 مواطنا، قتلوا في مختلف أنحاء قطاع غزة.
وتخشى "رندة عبد الرحمن" (38 عاما) من القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم السادس على التوالي.
وتقول بعد أن أصيبت بجراح طفيفة جراء الغارات الإسرائيلية، إنّها لا تتخيل فكرة أن يبقى أطفالها "أيتاما" بعد رحيلها.
وتتابع: "إسرائيل تستهدف الأطفال والنساء، وفي كل يوم تُقتل امرأة، تُخلف صغارا، وأسرة تحتاج إليّها وإلى وجودها".
وتقول أميرة هارون وكيل وزارة المرأة الفلسطينية، إن استهداف إسرائيل للنساء في قطاع غزة، دليل على ارتكابها جرائم ضد "الإنسانية".
وأضافت هارون: "حتى في الحروب هناك قوانين وحدود، غير أن إسرائيل قامت بنسف وإلغاء هذه الحدود، عبر استهداف النساء والأطفال، والقتل المميت العشوائي، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها".
وأكدت هارون أن إسرائيل لا تراعي أي حقوق، أو أي بعد إنساني، وتضرب بكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية بعرض الحائط.
ودعت هارون، القائمين على اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، والمعروفة اختصار باتفاقية "سيداو" (معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة)، بنصرة المرأة الفلسطينية، والتصدي للانتهاكات التي تُمارس ضدها ليل نهار.
وطالبت هارون، المؤسسات الحقوقية الدولية، بحماية صغار
نساء غزة مما ترتكبه القوات الإسرائيلية، من انتهاكات متواصلة ترقى لجرائم الحرب، والإبادة.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإنّ النساء يشكلن نصف عدد السكان في الأراضي الفلسطينية.