اتصلت هاتفيا مساء الثلاثاء الماضي، الموافق 8 يوليو – حسب اتفاق مسبق – بصديق، لبحث أمر بعينه، وعلى مدى نحو ساعة كاملة فشلت محاولاتي في الوصول إليه، رغم أن هاتفه لم يكن يعاني من أي علة في حباله الصوتية بدليل أنه كان يرن بكفاءة عالية، فقررت العمل بمنطق "ونجهل فوق جهل المتجاهلينا"، ولم أحاول الاتصال به مجددا، فإذا به يبادر بالاتصال، معتذرا لعدم رده على اتصالاتي، ولما عاتبته على ذلك صاح: في أي كوكب تعيش؟ النتيجة سبعة – صفر لصالح ألمانيا.
هنا أحسست أنني أعيش بالفعل في كوكب آخر، لأنني لم أفهم ما هو ذلك الشيء الذي صار ل"صالح" ألمانيا، رغم أنني اعرف ان هناك الكثير من الأمور التي سارت وما تزال تسير لصالح ألمانيا، فسألت صاحبي عن النتيجة التي شغلته عن الاتفاق الذي بيننا بالتفاكر حول "الموضوع"، فإذا به يتساءل غاضبا: هل عندك تلفزيون؟ قلت له نعم عندي ثلاثة تلفزيونات، أحدهما يخص ام العيال تتابع فيه قنوات تعجبها ولا تعجبني، وآخر لي أتابع فيه نشرات الأخبار والقنوات التي تقدم برامج وثائقية أو علمية، وثالث لأصغر أولادي ليمارس فيه الرياضة الالكترونية، التي صار بارعا فيها، بدليل أن عضلات ساقيه صارت في متانة عضلات ساقي النعام، و.... لم يتركني أكمل: يا بني آدم حتى الآن نتيجة
المباراة سبعة لألمانيا وصفر للبرازيل، ولن استطيع بحث "الموضوع" معك إلا بعد نهاية المباراة، هنا تذكرت أن صاحبي ذاك عكسي تماما في أمر كرة القدم، فهو مهووس بها بينما علاقتي بها أسوأ من علاقتي بفاروق الفيشاوي وجورج دبليو بوش (وشعر كليهما يميل إلى الاحمرار، وقد حذرتني أمي في سن مبكرة من عدم الوثوق بذوي الشعر الأحمر).
ثم اتصل بي صاحبي لاحقاً وتكلم معي بصوت متهدج، حتى حسبت أن أباه تزوج بثلاث نساء فوق أمه في ليلة واحدة، وقال: انتهت المأساة، والبرازيل أحرزت هدفا يتيما فصارت النتيجة 7 -1، فكرت للحظة في سبه وشتمه بل والهتاف: عاشت ألمانيا والكولونيا وتسقط السامبا وكوبا، ولكنني أخزيت الشيطان، وقلت له إن المباراة التي كنت (أنا) أتابعها في تلك اللحظة، نتيجتها 17- صفر ولم تصل نهايتها بعد، فقاطعني: هل هذه مباراة بين منتخب عربي وآخر أوربي؟ قلت له: تقريبا.. إلى حد ما..
هي مباراة بين سلاح الجو
الإسرائيلي وأهل
غزة (المشاة)، وكان هجوم الفريق الإسرائيلي يتألف من 12 طائرة و"دفاع" ثابت اسمه القبة، ونجحت الطائرات الإسرائيلية في التهديف 120 مرة (طلعة)، سقط خلالها 17 شهيدا وبقي نحو 160 شخصا في قائمة "الانتظار" للشهداء، ولعدم وجود طاقم تحكيم فقد بدأ الإسرائيليون المباراة دون انطلاق صافرة بداية، ولم يحصل أي من المهاجمين الإسرائيليين حتى على بطاقة صفراء، رغم تعمدهم اللعب الخشن و"الفاولات" المتعمدة.
بينما لويس سواريز لاعب الأورغواي صار ممنوعا من ممارسة أي نشاط له علاقة بكرة القدم لثلاثة اشهر فقط لانه عض لاعبا المانيا (لم أشهد هذه الواقعة أثناء حدوثها بل رأيتها على يوتيوب)، وكان من اصدر العقوبة هي الفيفا وهي فيفي عبده كرة القدم الدولية (فيفي قالت عن نفسها قبل نحو عشرين سنة إنها هرم مصر الرابع وأتمنى ان تكون قد لحست كلامها هذا لأن الأهرامات الثلاثة ما تزال صامدة البنيان بينما فعلت فيها عوامل التعرية ما فعلته بأنف أبي الهول)، والمحزن يا صديقي أن المباراة غير المتكافئة في غزة، كانت غير متكافئة حتى من حيث جمهور المشجعين، إذ انشغل الجمهور الذي كان يعول عليه الفلسطينيون بإصابة نيمار البرازيلي، ولم تعد تعنيه إصابة شعب بأكمله بالمبيدات القاتلة، أما قوات الكشافة المسلحة العربية، فسلاحها "صاحي" للعروض العسكرية في المناسبات الوطنية أو لقمع "أعداء الوطن"، وإسرائيل ليست من أعداء الوطن..
قاطعني صاحبي: يا عزيزي هذا شيء، وهذا شيء! ولكن خسارة البرازيل بسبعة أهداف أمر محزن ونقطة سوداء في تاريخ الكرة، فقلت له: سوّد الله وجهك "كمان وكمان" يا زول، وداهية تأخذ الأرجنتين والبرازيل وإسرائيل ومارادونا ومادونا وميسي والبيبسي، وكريستيانو رونالدو وكريستيان ديور. وأغلقت خط الهاتف في وجهه بعد أن تذكرت أن "الدنيا رمضان" ولا يجوز لي توجيه شتائم من العيار اللبناني إليه.