أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن إعلان
الخلافة الإسلامية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية المعروف سابقا باسم "
داعش" للخلافة "إعلان باطل شرعاً".
وقال الاتحاد في بيان أصدره، اليوم السبت، مزيلا بتوقيع رئيسه يوسف القرضاوي وأمينه العام علي القرة داغي أن هذا الإعلان "لا يترتب عليه أي آثار
شرعية؛ بل يترتب عليه آثار خطيرة على أهل السنة في العراق، والثورة في سوريا".
وطالب جميع الفصائل الإسلامية في العالم باحترام المفاهيم الإسلامية التي لها جلالها بين الناس، وحذر من "فتح باب الفوضى في الاجتهادات، بعيداً عن أهل الحل والعقد للأمة الإسلامية من علمائها وفقهائها ومتخصصيها".
وحذر من أن ربط مفهوم الخلافة الإسلامية بتنظيم اشتهر بين الناس بالتشدد "لا يخدم المشروع الإسلامي أبداً".
وأعلن أبو محمد العدناني، الناطق باسم تنظيم "الدولة الإسلامية"، الأحد الماضي، عن تأسيس "دولة الخلافة"، في المناطق التي يتواجد فيها التنظيم في العراق وسوريا، وكذلك مبايعة زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، "خليفة للمسلمين" بعد مبايعته من قبل مجلس شورى التنظيم، حسب تسجيل صوتي منسوب له بثته مواقع جهادية.
ولاقى هذا الإعلان ردود أفعال متباينة من قبل جماعات إسلامية في عدد من البلدان العربية، بينها سوريا والعراق، ما بين مؤيد ورافض لـ"دولة الخلافة" التي أعلن عنها التنظيم.
وقال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في بيانه إنه "تابع التصريحات الصادرة عن تنظيم ما يسمى بـ (الدولة الإسلامية) والتي انطلقت من العراق، مع القوى العراقية الأخرى، مدافعين عن سنة العراق، وعن المستضعفين في هذا البلد، ففرحنا بهم ورحبنا بهذا الاحتشاد لرفض الظلم والتجبر في الأرض".
وتابع: "ولكن سرعان ما بينت انفصالها عن المجموع، وأعلنت عن (خلافة إسلامية) وتنصيب من أطلقوا عليه (خليفة المسلمين) مطالبين المسلمين في العالم بمبايعته والانصياع لأوامره، وكل ذلك من الأمور التي يراها الاتحاد بلا أي معايير شرعية ولا واقعية، وضرره أكثر من نفعه" .
وأوضح الاتحاد في بيانه أن "الخلافة من الناحية الشرعية والفقهية تعني الإنابة، فالخليفة -لغة وشرعاً- هو نائب عن الأمة الإسلامية، ووكيل عنها من خلال البيعة التي منحتها للخليفة، وهذه النيابة لا تثبت شرعاً وعقلاً وعرفاً، إلا بأن تقوم الأمة جميعها بمنحها للخليفة، أو من خلال ممثليها الذين سموا في السابق بأهل الحل والعقد وأولي الأمر، من
العلماء والأكفاء والمسؤولين وأصحاب القرار والجماعات الإسلامية".
وبين أن "مجرد أمر إعلان جماعة للخلافة ليس كافيا لإقامة الخليفة، وهو أمر مخالف لهذه الحقيقة الشرعية".
وقال الاتحاد إن "إعلان فصيل معين -مهما كان- للخلافة إعلان باطل شرعاً، لا يترتب عليه أي آثار شرعية؛ بل يترتب عليه آثار خطيرة على أهل السنة في العراق، والثورة في سوريا".
وحذر من أن هذا الإعلان "يؤدي إلى توحيد قوى الأعداء بمختلف أصنافهم لضرب الثورتين اللتين تطالبان بالحقوق المشروعة لهما في سوريا والعراق".
ودعا الاتحاد المنادين بحلم الخلافة "أن يكونوا واقعيين، وينظروا إلى ما يصيب إخوانهم هنا وهناك من جراء إصرارهم على موقفهم".
كما اعتبر الاتحاد "أن إعلان تنظيم الدولة الإسلامية عن ما أسموه بالخلافة الإسلامية ما هو إلا افتقار لفقه الواقع، وأشبه بالانقضاض على ثورة الشعب التي يشارك فيها أهل السنة بكل قواهم، من العشائر والفصائل المتنوعة من مناطق عديدة بالعراق".
وحذر من أن "مثل هذه الأمور تفتح باب الفوضى أمام تنظيمات أو حتى دول أن تنصب نفسها على أمر إسلامي جلل كالخلافة الإسلامية، من غير إعداد ولا ترتيب ولا تنسيق، ولا مشروع واحد، ومن ثم يفقد مفهوم الخلافة الإسلامية جلاله بين الناس، وهو خطر عظيم، لا يخدم سوى مخططات أعداء الأمة الإسلامية".
كما حذر من أن "ربط مفهوم الخلافة الإسلامية بتنظيم بعينه اشتهر بين الناس بالتشدد، والصورة الذهنية عنه سلبية، حتى بين أبناء الأمة الإسلامية أنفسهم، لا يخدم المشروع الإسلامي أبداً".
وقال إن "الخلافة الإسلامية وعودتها مرة أخرى أمر جلل، تتوق إليه أنفسنا جميعاً .. تفكر فيه كل عقولنا، وتهفو له كل أفئدتنا، لكن له ضوابطه الشرعية، وله من الإعداد الكبير والعميق على كل المستويات".
وبين أنه "يجب اتفاق الأمة على صياغة ذلك، وشكله، ومضمونه الذي هو اجتماع كلمة المسلمين في العالم، وليست مجرد إعلانات هنا وهناك لا واقع لها ولا شرعية".
وتسيطر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم "داعش"، على مدن بشمال وغرب العراق في هجمات مفاجئة شنتها أوائل الشهر الماضي، قبل أن تعلن قيام دولة الخلافة على الأراضي التي تسيطر عليها الأحد الماضي.