مع بدء شهر رمضان الكريم، بالنسبة لسنة
العراق اليوم الأحد، مازالت المئات من العوائل النازحة من المحافظات السنية الملتهبة تنتظر دخولها مدينة كركوك (شمال) خوفا من العمليات العسكرية التي تشهدها مناطقهم، وهم يقفون في العراء أمام مداخل كركوك وسيطراتها (نقاط التفتيش).
عوائل مصطفة في العراء، يجلس أفرادها على حافة طريق غير معبد، بعد أن فقدوا الأمل في البحث عن حائط أو شجرة للجلوس في ظلها، مستسلمون لحرارة الشمس الحارقة والسمة التي تجمعهم هي السكوت والنظر نحو المجهول.
"أم أحمد" سيدة عراقية من تلك العوائل، لم تتمالك نفسها من البكاء قالت "إلى أين نذهب بهؤلاء الأطفال، كما أن أخي الكبير مريض وفي كل لحظة يفقد الوعي، بالإضافة إلى أن أخوتي مشردون".
وعبر أحمد ياسين وهو أحد النازحين عن معاناته قائلا "نحن نستقبل شهر رمضان الكريم في العراء، حرارة الشمس تقترب من 50 درجة مئوية، ناهيك عن الغبار، ما ذنبنا أن نقضي رمضان في هذه الظروف".
وأضاف ياسين والدمع يملئ عينيه "أطفالنا ينتظرون قدوم المساعدات والمواد الغذائية، وهذا ما لا يتمناه المرء أن يرى طفله جائعا أو في حالة التسول."
من جانبه، قال ياسين عبدالله (44 سنة) أحد النازحين من ديالى (شرقي العراق)، "مضى علينا 10 أيام ونحن نتعرض للقصف في منطقة منصورية الجبل في ديالى حيث ترك الجيش معداته وآلياته وانسحب من المنطقة، ولم نر المسلحين بعد انسحاب الجيش الذي بدأ قصف المنطقة بحجة وجود مسلحين."
وأضاف عبد الله "اضطررنا لترك مكاننا ومساكننا وجئنا إلى سيطرة (نقطة تفتيش) كركوك وطلبوا منا كفيل لدخول المدينة، ومنعونا من الدخول ولا نعرف ما هو مصيرنا ومصير أطفالنا ونسائنا مع بدأ الصيام والشهر الكريم."
فيما قال نازحون آخرون بان القوات الحكومية تستهدف المدنيين وليس المسلحين .
وقال أبو توفيق (40 سنة) "سبب خروجنا من ديارنا هو قصف الطائرات التي استهدفتنا دون أن يكون لنا ذنب في ما يحدث بمنطقتنا، وهم لا يستهدفون المسلحين بل يستهدفوننا نحن المدنيين والسيارات المدنية والبيوت الآمنة دون أن نعرف سببا لذلك".
القرى القريبة من كركوك بدورها استقبلت العشرات من تلك العوائل وقدمت ما يمكن تقديمه غير أنهم طالبوا إدارة المدينة بوضع حل لتدفق
اللاجئين.
وقال رامي عبد الرزاق من قرية جرداخلوا القريبة من كركوك "قمنا بفتح المسجد والمدرسة لاستقبال هؤلاء النازحين ولكن بعد يوم أو يومين أو عشرة أيام ماذا سنفعل؟".
وأضاف "نحن لا نقصر في تقديم الخدمات لإخواننا ولكن الأمر فوق طاقة المواطنين ".
ومضى قائلا "لا يجوز أن تبقى الأوضاع على ما هو عليه الآن، فهؤلاء النازحين يحتاجون الى خدمات ورعاية ومستلزمات ولا يجوز أن يبقوا في هذه الأماكن".
وأضاف "نطالب بوضعهم (النازحون) في أماكن وخيام تلبي متطلباتهم ونقص احتياجاتهم، وربما يطول بهم البقاء لأكثر من سنة ويجب أن تقوم الحكومة بوضع حل لهم ".
من جهته، قال محمد أحمد محمد من دائرة الهجرة والمهجرين في مدينة كركوك (شمال) "طالبت إدارة كركوك ومجلسها منظمة الهجرة الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" وفريق بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" مساعدة النازحين بإنشاء مخيم موحد في المدينة، لكن تلك الجهات لم ترد على الطلب حتى الآن."
وكانت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة كركوك أعلنت قبل يومين، استقبالها نحو 7140 عائلة نازحة من المحافظات المضطربة وناحية تابعت لها. وبينت أنها استقبلت 4708 عائلات من الأنبار (غرب) و1062 عائلة من صلاح الدين (شمال) و207 عائلات من نينوى و1133 عائلة نزحت من ناحية تازة جنوب محافظة كركوك إلى مدينة كركوك المركز.
ومنذ بداية عام 2014، تخوض قوات من الجيش العراقي
معارك ضارية مع مجموعات مسلحة سنية وعناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في أغلب مناطق الأنبار، ذات الأغلبية السنية، خاصة في مدينة الفلوجة والكرمة وبعض مناطق الرمادي، التي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وأعلنها التنظيم، منذ بداية عام 2014، "إمارة إسلامية".
ومنذ 10 يونيو/ حزيران الجاري، تسيطر قوى سنية عراقية، تتصدرها "داعش"، على مدينة
الموصل بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، بعد انسحاب الجيش منها وترك أسلحته، وتكرر الأمر في مناطق أخرى بمحافظة صلاح الدين (شمال) وديالى (شرق)، ما تعتبره قيادات عشائرية سنية "ثورة ضد الحكومة التي يتصدرها الشيعة".