أقعده المرض ومنعه من العمل، فوجد نفسه بين عشية وضحاها يفترش العراء ويلتحف السماء، هو وعائلته المكونة من 8 أفراد.
إنه المواطن الأردني "حفناوي"، والذي - بحسب وصفه لحاله - يتجرع مرارة الأسى وظلم ذوي القربي ممن تخلوا عنه، وتركوه وزوجته وأطفاله الستة يعيشون على بقايا رصيف في قارعة الطريق.
ويعبر الأربعيني القاطن في لواء الرمثا (شمال) عن دهشته، حين "تنكر" له جميع أبناء وطنه، بينما "تبرع" له أحد
اللاجئين السوريين بخيمته، بعد أن غادر الأخير المخيم، واستأجر منزلا يبعد بضعة أمتار عن مكان عائلة حفناوي المنكوبة.
يتابع "حفناوي" قوله: "لساني عاجز عن شكر هذا اللاجئ على نبله وكرم أخلاقه، واللسان ذاته عاتب وناقم وساخط على كل من تسبب في جعل السكان الأصليين أسوء حالا وأكثر فقرا من اللاجئين، فالأصل أن نمد نحن يد العون والمساعدة لهذا الهارب من ويلات حرب طاحنة تدور رحاها في بلاده، بدلا من أن يحدث العكس".
"حفناوي" الذي كان يعمل قبل سنوات حمالا بأجرة يومية زهيدة، لم يعد قادرا على العمل بسبب إصابته بانزلاق غضروفي في عموده
الفقري، علاوة على إصابته بأمراض نفسية جراء الأوضاع المادية الصعبة، على حد تعبيره.
وبحسب روايته، فقد كان يستأجر منزلا قديما آيلا للسقوط، لم يقدر على دفع إيجاره، فما كان من صاحب المنزل إلا أن طرده "دون وازع أو رادع من دين أو ضمير"، على حد قوله، ليضطر للمكوث في العراء، دون أن يقدم أي من أقاربه على مساعدته.
عبير، زوجة "حفناوي"، قالت بدورها والدمع ينساب على خديها: "لم يساعدنا أحد غير لاجئ سوري عجز عن احتمال رؤية أطفالنا وهم بلا طعام أو كساء أو حتى سقف يقيهم حرارة الصيف وبرد الشتاء".
وتابعت عبير التي تعاني من مرض الثلاسيميا (فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط) "جاء إلينا اللاجئ السوري الذي خرج من مخيم الزعتري (شمال شرق) واستأجر منزلا في منطقتنا، وأعطانا
الخيمة التي كان يسكنها فجزاه الله خيرا".
وناشدت المسؤولين في البلاد، "النظر إلى حالتهم البائسة وتقديم مأوى آمن يحمي أطفالهم من خطر الحيوانات الضارية التي تتوثب حولهم ليلا وتقض مضاجعهم".
ويبلغ إجمالا عدد السوريين في الأردن أكثر من مليون و300 ألف، بينهم أكثر من 600 ألف مسجلين كلاجئين، ويعيش أكثر من 127 ألف منهم في المخيمات المخصصة لهم، بحسب إحصاءات رسمية.
ويوجد في الأردن 5 مخيمات للسوريين، هي مخيم الزعتري، ومخيم الأزرق، والمخيم الإماراتي المعروف "بمريجيب الفهود"، ومخيم الحديقة في الرمثا، ومخيم سايبر ستي الذي يأوي عددا من فلسطينيي سوريا، بالإضافة للاجئين سوريين.
والأردن من أكثر الدول المجاورة لسوريا استقبالا للاجئين اللاجئين منذ اندلاع الأزمة في عام 2011، وذلك لطول الحدود البرية بين البلدين، والتي تصل إلى 375 كم، وفيها عدد من المعابر الشرعية التي يدخل منها اللاجئون.