علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في افتتاحيتها، الأربعاء، على زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة، واجتماعه مع الجنرال عبد الفتاح
السيسي، ووصفت النفاق في الموقف المتملق لكيري الذي وصف ‘مهزلة‘ الانتخابات المصرية بـ"التاريخية" و"وعد بإعادة كاملة للدعم الأمريكي بوصول مروحيات الأباتشي في وقت سريع جدا.
وقالت الصحيفة إنه "لم تكد طائرة كيري تخرج من الأجواء المصرية عندما أهانه النظام المصري والولايات المتحدة من خلال الحكم على ثلاثة صحافيين لمدد طويلة، ما دعا كيري لإصدار تصريحات غاضبة، كما ولو أن الأحكام ليست من طبيعة النظام الذي قدم له التهنئة".
وأضافت الصحيفة أن "السيسي كان حتى وقت قريب، جنرالا يقود القوات المسلحة، ووصل للسلطة العام الماضي عبر انقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة بأغلبية بقيادة محمد مرسي. ومنذ ذلك الوقت قتل النظام ما يزيد عن ألفين من مواطنيه وأصدر أحكام إعدام على مئات أخرين، في محاكمات جماعة تسخر من النظام القضائي".
وأشارت الصحيفة إلى أن نظام السيسي "قام بإسكات الإعلام، وداهمت قواته منظمات المجتمع المدني ووجه تهمه لأمريكيين ومصريين، وهناك عشرات الألوف من المعتقلين في السجون، ومن بينهم احمد ماهر الذي أعلن عن إضراب عن الطعام، ويواجه تهما بالخيانة لكتابته مقالا في هذه الصحيفة (واشنطن بوست) ينتقد فيها تصريحات كيري ومحاولاته تبييض صفحة النظام".
وكان رد وزير الخارجية على هذه الممارسات والأدلة "التعبير المتكرر عن ثقته بالنظام وأنه يسير في طريق الديمقراطية. وعندما سئل عن الأحكام بإعدام 100 من أعضاء جماعة الإخوان، أجاب كيري " أعتقد أنه من المناسب أن يتحدث الرئيس السيسي عن هذه في الوقت الذي يراه مناسبا.. ولكنني أقول إنه قدم لي التزاما قويا بحقوق الإنسان".
"في اليوم التالي صدر الحكم على ثلاثة من صحافيي الجزيرة بتهمة دعمهم الإرهاب، الأسترالي بيتر غريست، ومحمد فهمي الذي يحمل جنسية مزدوجة كندية ومصرية حكم عليهما بالسجن لمدة 7 أعوام، أما باهر محمد وهو مصري فحكم عليه بالسجن 10 أعوام لأنه تم العثور على رصاصة فارغة في بيته احتفظ بها كتذكار"، بحسب الصحيفة.
وبعد ثلاثة سنوات من بداية الربيع العربي، وتأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن ما يعارضه فيه هو "محاولة أي جماعة لتقييد حقوق الآخرين والوصول للسلطة عبر الإكراه وليس الإجماع"، تخلى أوباما عن هذا الإلتزام لصالح
الاستقرار أكثر من "الكرامة" التي دافع عنها.
وتقول الصحيفة: "نعتقد أن الوعد بتحقيق الاستقرار ما هو إلا سراب، فالإخوان المسلمين الذين حكموا بشكل سيء، ولكنهم فازوا في الانتخابات، ودفع الحركة للعمل السري، سيؤدي للعنف، وإسكات الإعلام وقمع ما تبقى من المعارضة الليبرالية وعودة الجيش الذي يسيطر على الاقتصاد لن يؤدي للنمو الذي تحتاجه مصر".
وتختم الصحيفة المقال بقولها "قد نكون مخطئين وأوباما مصيب بالعودة لإرضاء الديكتاتورين العرب، لكن لا تهين كل واحد، خاصة السجناء السياسيون الشجعان، من خلال التظاهر بأن حقوق الإنسان هي الأولوية".