ردت قيادة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بالجزائر، بشدة، السبت، إزاء تصريحات أحمد أويحي مدير ديوان الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، الذي أكد بمؤتمر صحفي الجمعة، 20 حزيران/ يونيو، أنه "لا مجال للحديث عن عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، إلى العمل السياسي بعد حل التنظيم العام 1992".
وخاطب
علي بن حاج، نائب رئيس "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، السبت، أحمد أويحي المكلف بإدارة مشاورات المراجعة الدستورية بالجزائر، تعقيبا على تصريحاته التي وصفت بالمستفزة: " هل تقصد يا أويحي بعدم عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ مجرد الاسم أم عدم عودة الاسم وقادتها وإطاراتها للممارسة حقوقهم السياسية والمدنية؟".
ونبه بن حاج، ببيان تحوز صحيفة "عربي21" نسخة منه، أويحي بالقول: "هذه حقوقنا السياسية والمدنية لا يمكن التنازل عنها، لأنها حقوق شرعية وسياسية وإنسانية ودستورية، بل طبيعة تولد مع الإنسان، وهي فوق السلطة والقانون والدستور ذاته"، وواصل: "وأي دستور وقانون يصادر هذه الحقوق الأصلية يفقد الشرعية والمشروعية، وسنتابع النضال من أجل استرجاعها بحول الله تعالى أو نهلك دونها".
وكان أويحي رد عن سؤال صحفي بمؤتمر صحفي، الجمعة، استعرض خلاله تقدم مشاورات المراجعة الدستورية مع الطبقة السياسية، بشأن إمكانية عودة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" إلى العمل السياسي، بالقول: "الجبهة لن تعود، هذا أمر مفصول به".
ومنذ فترة وجيزة، رجحت مختلف الأطياف السياسية، بمن في ذلك، المنتمون لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" احتمال عودتها إلى العمل السياسي، واستندت هذه الأطراف، في تفسيرها إلى دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مدير ديوانه احمد أويحي، استضافة ممثلين عن الجبهة بمشاورات المراجعة الدستورية.
لكن دعوة رئاسة الجمهورية لم تتوجه رأسا إلى رئيس "الجبهة" عباسي مدني، أو نائب علي بن حاج، ولكنها وجهت لقيادات وجدت لها تقاربا مع السلطة خلال الأشهر الماضية، ويتعلق الأمر بالهاشمي سحنوني والقائد السابق لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ"، مدني مزراق.
ورغم أن عباسي مدني وعلي بن حاج رفضا أن يكون هناك تمثيل لـ"الجبهة" في مشاورات مراجعة الدستور، إلا أن كلا من الهاشمي سحنوني ومدني مرزاق التحقا بطاولة احمد أويحي، وأدليا بدلوهما بشأن ما يقتضيه مراجعة الدستور.
وقرأت دعوة لقاء القياديين المذكورين بجبهة الإنقاذ، مع أحمد أويحي المعروف بـ"الرجل الاستئصالي"، الذي كان يدعو إلى "استئصال " ما يسميه بـ"الإرهاب" وعرض العام 1995، مكافئة لمن يقبض على مدني مزراق بالجبال، على أنها "بداية لقبول عودة
جبهة الإنقاذ إلى الساحة السياسية".
إلا أن أويحي شدد خلال المؤتمر الصحفي، الجمعة على أن دعوة الهاشمي سحنوني، كانت بسبب إدانة الأخير للإرهاب، ومدني مزراق بدعوى أنه "استجاب لدعوة الهدنة العام 1997".
وليست قيادة "جبهة الإنقاذ" وحدها من ندد بتصريحات مدير ديوان الرئيس، بل أيضا أطراف ما يعرف بـ"تنسيقية الانتقال الديمقراطي" التي نظمت، قبل أسبوعين "مؤتمر الانتقال الديمقراطي".
فأويحي، قال خلال المؤتمر الصحفي إن "الجزائر ليست بحاجة الى مرحلة انتقالية" ردا على مطلب دعاة المرحلة الانتقالية وعلى رأسها التنسيقية.
وترى قيادة التنسيقية أن "مؤتمر الانتقال الديمقراطي" قد "أثر على السلطة، لذلك أفرد أحمد أويحي، وقتا معتبرا للحديث عنه".
وأفاد عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، لـ"عربي21"، أن "حديث السلطة على لسان هذا الرجل، عن مؤتمر الانتقال الديمقراطي ينم على أنها متأثرة بالتوصيات التي خرجت بها، بل ينم على أن أفكار المؤتمر توغلت في عمق السلطة".
وطالبَ مقري الذي يمثل حركته بـ"تنسيقية الانتقال الديمقراطي"، بما أسماه "ضمانات حقيقية" -في رده على سؤال حول طمأنة السلطة- طالبَ أطياف
المعارضة بانفتاح أكبر على المعارضة وفقا لما سيتضمنه دستور الجزائر الجديد.
لكن مقري يؤكد أن هذه التطمينات "اعتدنا عليها كما أنها مكرسة كتابيا في الدساتير السابقة"، وتساءل: "لماذا تحاشى مدير ديوان الرئيس إثارة قضايا الاختلاف بين السلطة والمعارضة، وعلى رأسها ملف تزوير انتخابات الرئاسة لـ17 نيسان أبريل".
كما خاطب مقري، منشط المؤتمر الصحفي بالقول "أنتم تقولون إن الشعب إلى جانبكم، فلماذا تخشون استحداث لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات؟".
من جانبه، اتهم جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" الحداثيين، السبت، وهو أيضا عضو في تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي هاجمها أحمد أويحي، اتهم السلطة بـ"ممارسة الدكتاتورية والاستبداد"، وقال سفيان في تصريح لـ"عربي21" السبت: "أتأسف لكون رجال النظام بالجزائر لا يفقهون بمعنى الديمقراطية، فهم يرتكزون على نظام استبدادي مبني على قوة المال".
وعن موقف القائم بمشاورات المراجعة الدستورية، وانتقاده الشديد لـ"مؤتمر الانتقال الديمقراطي"، الذي نظمته المعارضة بالجزائر، قال سفيان: "من يهدد الأمن القومي بالجزائر هو النظام القائم وليس المعارضة، وإذا كانت السلطة تدعو إلى التوافق الوطني كما ندعو إليه نحن ويقول أويحي إن النظام أيضا يدعو له، فلماذا لا يكرس بالميدان؟".
نصدق خطابات السلطة التي تدعي أنها تسعى إلى التوافق، والدليل على ما أقول ممارساتها السابقة، وعلى الرئيس بوتفليقة أن يثبت لنا عكس ما اعتدنا عليه من تضليل سياسي.. إن السلطة تتحاور مع نفسها وحسب".
وبالموازاة، أعلن، السبت، معارضون للنظام بالجزائر، في المهجر، عن تأسيس "مؤتمر التغيير الوطني"، يقترب كثيرا في أطروحاته السياسية مما طرحه مؤتمر الانتقال الديمقراطي، بالجزائر، خاصة بما يتعلق بـ"تبني المرحلة الانتقالية".
وأورد المؤسسون ببيان، السبت، أن الحل للأزمة بالجزائر يكمن في تبني: "مجلس رئاسي يتكون من شخصيات وطنية من المقام الأول، مشهود لهم بالوطنية والنزاهة ولم يعرف عنهم أية روابط سلطوية أو علاقات مصالح مع النظام الآيل إلى السقوط" إضافة إلى "حكومة مؤقتة تضم شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتغطي معظم القطاعات التابعة عموما لمسؤوليات الحكومة"؛ الإشراف على المرحلة الانتقالية.
وأهم مؤسسي هذا الفضاء المعارض الجديد: الضابط السابق في الجيش أحمد شوشان، والضابط السابق بالحماية المدنية عمر سعادة، بالإضافة إلى حليم فدال وهو عضو الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد، وكذلك صلاح الدين سيدهم، رئيس المرصد الجزائري لحقوق الإنسان.