لم تفلح كل التهديدات والحشود العسكرية التي انخرطت في الإعداد لها الحكومة
العراقية بقيادة نوري
المالكي المنتهية ولايته، وأيضا فتاوى بعض المراجع الشيعية في إخماد تحركات الجماعات المحسوبة على المناطق السنية.
وزاد من حدة المخاوف الأمنية لدى العراقيين وحلفائهم سواء الإقليميين أو الدوليين، أن احتجاجات المحافظات السنية التي لم تتوقف منذ نحو تسعة أشهر تقريبا، أن عددا من القيادات العسكرية من الصف الأول التحقت بصفوف الغاضبين وألقت السلاح الحكومي، وأمرت أتباعها بذلك ما سهل على كتائب الثائرين الذين لم تخمد نار معارضتهم للاحتلال الأمريكي وتوابعه بعد، ومعهم من تبقى من البعثيين الأوائل مهمة السيطرة على مناطق شاسعة من محافظات شمال بغداد، لا بل إنهم الآن يهددون أبواب بغداد.
وبينما يختلف العراقيون والمهتمون بشؤون الوضع السياسي في العراق في تحديد أسباب هذه التطورات الدراماتيكية هناك عقب الانتخابات التشريعية التي عادت وأهّلت ائتلاف "دولة القانون" بزعامة المالكي، ليتصدر المشهد السياسي في العراق، فمنهم من يعتبر أن هذه أحد ثمار سياسات حكومة المالكي القائمة على سياسة الاجتثاث الطائفي، والفساد الإداري والمالي.
وهناك من يراها لعبة استخباراتية محلية وإقليمية ودولية، هدفها اختراق الحراك الثوري في المحافظات السنية، على اعتبار أن تنظيم دولة العراق والشام مخترق من أجهزة استخباراتية عراقية وإيرانية وسورية وحتى أمريكية، فإن ما لا تخطئه العين أن ضحايا هذه المعارك هم المدنيون من المحافظات السنية، وأن النازحين عن ديارهم الفارين من جحيم البراميل المتفجرة هم أيضا من أهل المحافظات السنية.
أما على صعيد المخارج، من
الأزمة السياسية والأمنية الحالية في العراق، كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أن غالبية السياسيين يقللون من أهمية المبادرات السياسية المطروحة من طرف عدد من القيادات السياسية الحالية، ويعتقدون أن مرحلة المالكي أصبحت وراء ظهور العراقيين، وأن ما هو مطروح لا يخرج عن ثلاث سيناريوهات ليس من بينها بقاء المالكي في المشهد.
وقالت المصادر المطلعة إن أول السيناريوهات المتوقعة أن يتم إقرار تقسيم العراق، وهو
سيناريو مستبعد حاليا على الرغم من أن السنة لن يعارضوه، وذلك بسبب ما لاقوه من اضطهاد في ظل حكم المالكي.
أما ثاني السيناريوهات وفق هذه المصادر والذي يبدو أكثر قبولا من الأطراف الدولية وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فهو النظام الفيدرالي وفقا لخريطة الأقاليم التي ينقسم العراق فيها إلى سبعة أقاليم "إثنان في الجنوب وإثنان في الوسط وإقليم كردي، بالإضافة إلى عاصمتين هما بغداد والموصل".
أما السيناريو الثالث، وهو غير مستبعد في ظل حالة التجييش التي انخرطت فيها المراجع الدينية، فهو
الحرب الأهلية، وهي حرب سيكتوي بنارها الجيران أيضا، على حد تعبير المصادر.