دعا مركز التقدم الأمريكي "سنتر فور أمريكان بروغرس" الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالقيام بهجمات جوية محدودة على مواقع المسلحين الثائرين على الحكومة
العراقية، حيث يسيطر هؤلاء على مدن عراقية شمال وشرق البلاد إثر انسحاب القوات الموالية للحكومة منها.
ويشار إلى أن الصحف الأمريكية تحاول في تغطيتها الشأن العراقي أن تبرز تنظيم "داعش" بشكل ملحوظ من خلال نسب الانتصارات التي حظي بها ثوار العراق من أبناء العشائر وفصائل أخرى في عدة مدن عراقية إلى "داعش" ووصفها بالإرهاب، حيث يؤكد مراقبون أن الصحف الأمريكية تحاول "تبرير ضربة عسكرية أمريكية متوقعة في العراق للثوار المناهضين للمالكي، بحجة ضرب الإرهاب".
ويبرر مركز "سنتر فور أمريكان بروغرس" الأمريكي فكرة تدخل عسكري أمريكي من خلال اعتبار أن ما يحصل في العراق من ثورة مناهضة لحكومة المالكي "إرهابا".
ويحتفظ المركز ذو الميول اليسارية بعلاقات قوية مع إدارة أوباما.
وفي تقرير صدر الأربعاء دعا المركز البيت الأبيض "التحضير لعمليات مكافحة إرهاب محدودة ضد داعش بما في ذلك غارات جوية"، وهو ما يؤكد حسب مراقبين على أن أمريكا تستخدم التواجد الجغرافي لمقاتلي "داعش" في العراق لتبرير هجمة جوية متوقعة.
وتعتبر هذه واحدة من الخطوات التي يدعو مركز التقدم الأمريكي لاتخاذها لمنع ما أسماه "انهيار العراق وقتال الكارثة التي يمثلها داعش والتنظيمات الإرهابية التي تكبر في سوريا والعراق" على حد قوله.
ونقل موقع "ديلي بيست" عن مصادر عدة في واشنطن قولها إن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية زاروا مقر المركز للنقاش وأخذ الاستشارة حول الخيارات الجيدة للرد على "الأزمة العميقة" في العراق.
ويرى الموقع أن مراكز بحث قليلة تتمتع بعلاقات جيدة مع أوباما مثل مركز التقدم الأمريكي، حيث تم إنشاؤه من قبل جون بوديستا، وهو أحد كبار مستشاري أوباما، ويعمل فيه عدد من مستشاري الرئيس الأمريكي السابقين بمن فيهم نيرا تاندين، وهي مستشارة سابقة في البيت الأبيض، ولحملة أوباما الانتخابية، و مسؤول سابق في الخارجية والبنتاغون فيكرام سينغ، ووزير المالية السابق لاري سومرز.
ويقدم تقرير مركز "التقدم" نقاشا مدروسا فيما يتعلق بخيارات العمل العسكري الأمريكي في العراق، والظروف التي يجب أن تتخذ فيها، وحدود الفعل العسكري.
ويتم استخدام هذا النقاش لاحقا من إدارة أوباما للدفاع عن سياستها في استخدام القوة العسكرية في العراق، حالة اتخذت القرار.
ويقول الباحث الصحفي بريان كاتوليس: "يجب أن تكون هذه الحرب الخاطفة بمثابة جرس إنذار للحكومة العراقية، للمنطقة وللسياسة الأمريكية"، مضيفا: "تقوم الإدارة بتقدير كم من الخيارات المتعلقة بوضع متغير، وهذا هو تحليلنا الخاص وحاولنا تقديم رؤية متوازنة".
وترغب الإدارة الأمريكية بتقديم دعم عسكري للحكومة العراقية، ولكن بشرط تحقيق تقدم في مجال المصالحة بين السنة والشيعة.
وفي المقابل تقدم إيران كل ما يريده رئيس الحكومة في العراق نوري المالكي دون شروط أو حد للدعم.
وكان البيت الأبيض أعلن الاثنين عن إرسال 270 عسكريا للعراق في مهمة تتركز على حماية السفارة الأمريكية.
وتحتاج أي غارة جوية أمريكية لمعلومات استخباراتية من الأرض. ومن هنا يرى تقرير مركز التقدم أهمية إرسال بعض الخبراء إلى الميدان قبل الغارات.
ويرى التقرير أيضا أن الغارات ليست هي الحل النهائي لمشكلة المسلحين المناهضين للحكومة الحالية في العراق، وستكون ناجحة في إضعاف قوة الجماعات المسلحة في حالة تم اتخاذ إجراءات سياسية ودبلوماسية لإصلاح العراق ومشكلة الانقسام الطائفي.
ويقارن التقرير بين المهمة الجديدة التي سيقرر أمرها أوباما وبين عملية رقابة مناطق الحظر الجوي بعد حرب الخليج الأولى في عهد كل من جورج بوش وبيل كلينتون والتي أطلق عليها اسم "عملية مراقبة الشمال".
ويقول كاتوليس إن إدارة أوباما يجب أن تضع قيودا وحدودا على استخدام القوة الأمريكية داخل العراق، حالة رأت أنها ضرورية.
ويتابع: "يجب أن لا تكون طبيعة الغارات واسعة ومفتوحة النهايات، ويجب أن تكون قائمة على أهداف ومنضبطة"، مضيفا "لا يوجد ربح أو خسارة في هذا النزاع، ويجب التركيز على إضعاف قدرة داعش والجماعات الأخرى التي تهدد العراق ومصالح أمريكا القومية".
وتعتبر توصيات مركز التقدم الأمريكي مهمة، لأن المركز دعا لسحب القوات الأمريكية من العراق في عام 2005. وفي ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة تريد تحفيز الحكومة العراقية لتولي المسؤولية.
ويقول المركز الآن أن المالكي، "فشل في المهمة حيث كان انسحاب القوات الأمريكية في ذلك الوقت ضروريا لخلق حوافز للعراقيين ليتولوا شؤونهم بأنفسهم، وحوّل المالكي العراق تابعا ويعتمد على دعم أمريكي لا ينتهي من الجنود والأمن".
ويقول التقرير إن "فشل القادة بمن فيهم المالكي، لبناء نظام سياسي جامع كان سببا في تقدم المتشددين المدهش بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في أنحاء العراق"، على حد زعمه.
ويرى تقرير مركز التقدم أن الغارات الجوية المحتملة بالعراق "ستترك الفرع الآخر في سوريا سالما، ولهذا يدعو لتدريب وتعزيز قدرات المعارضة السورية المعتدلة وهو أمر ظلت الإدارة تقاومه خلال الأعوام الثلاثة الماضية".
ويدعو المركز إدارة أوباما إلى التعامل مع العمل العسكري بنوع من الحذر، "ويجب أن تكون واعية لآثاره غير المتوقعة، رغم أن كل العمليات العسكرية ليست واحدة".
ويضيف أن "قوات برية أو غزو للسيطرة على البلد تختلف من عمل عسكري محدود أو دعم يهدف للمساعدة لدفع المتطرفين وهزيمتهم.. الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تسيطر على مساحات شاسعة في العراق وسوريا والتي قد تقوم منها بمهاجمة المصالح الأمريكية وحلفائها، هو عمل عسكري يستحق القيام به إن كان محدودا، فعالا ويشمل غارات جوية محدودة".