انتقلت المواجهة بين الإسلاميين والعلمانيين المغاربة حول
الأمازيغية، إلى ردهات
الأمم المتحدة، إثر قيام "التجمع العالمي الأمازيغي" بتسليم المفوضة السامية لدى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، تقريرا "أسود" حول وضعية حقوق الإنسان والمواطن، والمجموعات والسكان الأصليين الأمازيغ في المملكة
المغربية.
ورسم "تقرير وضعية حقوق الانسان والمواطن والمجموعات والسكان الأصليين الأمازيغ في المملكلة المغربية"، صورة "قاتمة" عن وضعية المواطنين من أصول أمازيغية، وكذا عن الوضع التمييزي الذي يعانيه كل ما هو أمازيغي في المغرب.
ورصد التقرير، الذي تسلمته بيلاي أثناء زيارتها للمغرب نهاية الشهر الماضي، أربع مستويات للتمييز الذي يتعرض له الأمازيغ المغاربة.
وانطلق تقرير، "التجمع العالمي الأمازيغي"، الذي اطلعت عليه "عربي21"، من حالات اعتبرتها تجليا لرفض الأمازيغية وإقصاء الأمازيغ، من إبعاد الدكتور حسن أوريد عن القصر الملكي والدكتور سعد الدين العثماني عن وزارة الخارجية في التعديل الحكومي الأخير.
وتابع التقرير أن تهميش الأمازيغية يتجلى في ظروف حصول الأمازيغيين على وظائف، معتبرا أنه "للحصول على وظيفة في منصب المسؤولية، فإن المرشحين الأمازيغ يخضعون لعملية تحقيق شاملة من طرف الشرطة السياسية".
وحول ترسيم الأمازيغية سجل التقرير، عددا من الاختلالات التي يعرفها تطبيق النص الدستوري المرسم للأمازيغية، معتبرا الأمر مؤشرا على وجود تمييز عنصري ضد الأمازيغ، عرقل إخراج القوانين التنظيمية لهم وتنزيلها في مختلف القطاعات والمجالات السياسية والإدارية.
وتحدث التقرير عن التمييز ضد الأمازيغية، من خلال "استمرار الميز بخصوص دعم الدولة للسينما والفن والصحف والثقافة والكتاب الأمازيغي والجمعيات، بسبب حرمان الأنشطة الفنية والأدبية الأمازيغية من الدعم مقارنة بغيرهم من المغاربة.
وتحول التقرير إلى أرضية للتراشق بين الفعلين الأمازيغيين المغاربة، وخاصة بين تياريه الكبيرين الإسلاميين والعلمانيين، حيث بادر الإسلاميون للرد على ما وصفوها بـ"المغالطات" التي حملها التقرير إلى الأمم المتحدة.
في هذا السياق وجه الباحث الأمازيغي فؤاد أبوعلي، رئيس الإئتلاف الوطني لحماية اللغة العربية، المفوضة السامية لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، رسالة شديدة اللهجة حملت عنوان باسم :الأمازيغية هؤلاء لا يمثلوننا".
واعتبر أبوعلي في الرسالة التي حصلت "عربي 21" على نسخة منها، أن التقرير تضمن العديد من المغالطات والأوهام، مسجلا "ضحالته المنهجية والمعرفية واستحالة صموده أمام ابسط النقود العلمية والواقعية، مشددا على ضرورة فضح المتخفين بالأمازيغية، الباحثين عن نسف المشترك الجمعي.
وقال أبو علي إن التقرير سوق طابع المظلومية المؤسس للهوية الانغلاقية التي وسمت خطابه منذ انطلاقته، والتي تجعله خطابا هامشيا في مسار الأحداث التي تجاوزته بعد أن أثبت الدستور المغربي أن الأمازيغية ليست شأنا فئويا او طائفيا وإنما هي رصيد لكل المغاربة الذين يتميزون بانصهارهم الإثني والثقافي، وأن الحقوق الواجب الحديث عنها هي حقوق ثقافية لكل المغاربة.
وتابع الباحث الأمازيغي، أن كل متابع للشأن العام المغربي يعرف أن أوريد لم يستبعد من القصر الملكي بسبب أمازيغيته، والعثماني لم تستحضر أمازيغيته ولا حتى طرحه باستبدال المغرب العربي بالاتحاد المغاربي حين غيب في الحكومة الجديدة.
وأشار الباحث إلى أن "الغاية الثاوية من التقرير هي استعمال العديد من الأحداث وتوجيهها واستغلالها في سبيل إثبات أطروحة مزيفة، والأمثلة كثيرة على ذلك وإن لم تصل إلى فظاعة التقرير الذي يأخذ أحداثا للتضليل من أجل أجندات خاصة لا علاقة لها بنا كمغاربة وأمازيغ، ولشح الأحداث المساندة لأطروحة التشظي يتم توجيه كل حدث وتحريفه نحو رؤية هذا التوجه".
وفي ختام رسالته وبعد عرضه للمعطيات، قال أبوعلي: "أقول لك باسم المغاربة الذين يقطنون الحواضر والأرياف بأن هؤلاء لا يمثلوننا في شيء ولا يشرفنا تمثيلهم أو الحديث باسم الأمازيغية".
هذا وكانت نافي بيلاي قد زارت المغرب في أيار/ مايو الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها، بدعوة رسمية من الحكومة المغربية، عقدت خلالها سلسلة لقاءات مع مسؤولين رسميين، و لقاءات مع مختلف هيآت المجتمع المدني بما فيهم الفاعلين الأمازيغ.