ستشكل الاندفاعة
الانفصالية في كاتالونيا أحد التحديات الكبيرة التي سيواجهها
ملك اسبانيا الجديد فيليبي السادس، وواحدا من مفاتيح شرعية يتعين عليه حيازتها، فيما يتفشى الشعور الجمهوري في البلاد.
وكشف الخبير السياسي انطون لوسادا ان "المشكلة الكبرى التي يواجهها فيليبي هي إرساء شرعيته، لأنه يرث عرشا وليس شرعية ولا الاحترام الذي ناله والده"، مشيرا بذلك الى الموجة الجمهورية التي تزداد قوة منذ الاعلان عن تنازل الملك عن العرش في الثاني من حزيران/ يونيو.
فقد تظاهر آلاف الاسبان ذلك المساء للمطالبة باجراء استفتاء حول مستقبل الملكية. وفي برشلونة، رفرف العلم الانفصالي (استيلادا) الذي تتوسطه نجمة بيضاء مع الاعلام الجمهورية الحمراء والذهبية والبنفسجية.
وكان خوان كارلوس الذي اصبح ملكا في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1975، بعد يومين على وفاة الديكتاتور فرنشيسكو فرنكو، حصل على التقدير والاحترام في اسبانيا باختياره طريق الديموقراطية التي افضت الى تبني دستور 1978 عبر استفتاء.
أما فيليبي فيصبح رئيس دولة في بلد أرهقته الأزمة الاقتصادية، ويشكك في مؤسساته القائمة. ومن بين تحدياته الكبيرة، إعادة تلميع صورة الملكية ومواجهة الأزمة الكاتالونية، فيما تنوي هذه المنطقة تنظيم استفتاء حول استقلالها في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال انطون لوسادا "هذه فرصة تتاح لإرساء سلطته".
ومنذ بداية السنة، زار فيليبي الذي يبلغ السادسة والأربعين من العمر، ست مرات كاتالونيا، والتقى أربع مرات الرئيس الانفصالي ارتور ماس.
والتقى الأمير أيضا، كما تقول الصحافة، عشرات من رجال الأعمال الكاتالونيين الذين تثير قلقهم عواقب الانفصال على اقتصاد المنطقة والبلاد.
وقال خوسيه انطونيو سارساليخوس، المدير السابق لصحيفة ا.ب.ث المحافظة "يمكنه أن يكون ملكا نشيطا لكاتالونيا من خلال حوار دوري مع السلطات الكاتالونية ومع الهيئات الاقتصادية والاجتماعية، والاضطلاع بدور الوساطة في النزاعات".
إلا ان انطون لوسادا قال إن التنازل المفاجئ لخوان كارلوس عن العرش في السادسة والسبعين من عمره، يؤكد ضرورة اعتماد نموذج الدولة التي ولدت من دستور 1978.
وأضاف أن "التحليل الذي أجراه الملك توصل إلى خلاصة مفادها أن نموذج انطلاق الفترة الانتقالية لم يعد صالحا ولم يعد قادرا على حل مسألة الأراضي على سبيل المثال" مع بعض المناطق من أصل 17 منطقة ما زالت تطالب بمزيد من الحكم الذاتي.
إلا أن هامش المناورة المتاح للملك الجديد سيكون أضعف من الهامش الذي كان يتمتع به والده.
وأكد جوزب رامونيدا الفيلسوف والخبير والسياسي: "عندما توج خوان كارلوس بعد وفاة فرنكو، كان يتمتع بصلاحيات مطلقة، كان قادرا على فعل ما يشاء، وبالتالي أيضا إجراء تغييرات بالغة الأهمية".
واضاف أن "الإمكانات المتاحة للملك الجديد محدودة جدا، لأن دوره في الدستور دقيق جدا، دور الحكم ودور المنسق".
وقال: "لا يستطيع ان يأمر رئيس الوزراء بإجراء استفتاء. ولا يستطيع أن يقرر وحده فتح ورشة تعديل الدستور".
وفي المقابل، يرى خوسيه انطونيو سارساليخوس أن ما يستطيع الملك جديد القيام هو "تغيير الاجواء، تغيير الموقف من مشكلة كاتالونيا". وقال إنه يستطيع "تسهيل الحوار"، مشيرا إلى أن "على الحكومتين الكاتالونية والاسبانية التوصل بعد ذلك إلى اتفاق".
وحتى الآن، ما زال رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي، وارتور ماس متصلبين في مواقفهما.
وأعلن الرئيس الكاتالوني أنه قد لا يحضر الاحتفال الذي سيقسم فيه فيليبي السادس اليمين بسبب رحلة مقررة إلى الخارج، وسيتغيب حزبه "التلاقي والاتحاد" وهو تحالف قومي، خلال التصويت في البرلمان على تنازل خوان كارلوس.
وقد طلب ماريانو راخوي الأربعاء عدم ممارسة "السياسة الضيقة".
ورد ارتور ماس "نعرف في كاتالونيا كيف نتقدم سوية في الأوقات العصيبة. ولقد أثبتنا ذلك حتى الآن، ليس من خلال السياسة الضيقة بل من خلال السياسة الكبيرة بكل معنى الكلمة، طالما توافرت الثقة الضرورية للقيام بخطوات كبيرة".