اعتقلت السلطات العمومية بمدينة الدار البيضاء وسط
المغرب، 24 شخصا وأحالتهم إلى
القضاء بتهم عرقلة تنفيذ وتحقير المقررات القضائية المختصة، وممارسة العنف في حق القوات العمومية أثناء مزاولة مهامها.
ووفقا لإفادة بلاغ لولاية جهة الدار البيضاء الكبرى، فإن السلطات العمومية بالولاية قامت في الثالث من الشهر الجاري بتنفيذ الأحكام القضائية بالإفراغ، الصادرة في حق قاطني 42 براكة (كوخا صفيحيا) من المستفيدين من بقع أرضية بالقطب الحضري لمنطقة الهراويين، وذلك بحضور ممثل النيابة العامة وبمؤازرة من مأموري التنفيذ المنتدبين من طرف المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء.
وتابع المصدر ذاته، بأن هذه العملية عرفت بعض المناوشات، تجلت في منع بعض السكان المشمولة بالإفراغ لمأموري التنفيذ من القيام بمهامهم، مستعينين ببعض النسوة والقاصرين وأشخاص مسنين.
وأوضح البلاغ استنادا إلى إحصاء سنة 2008، أن عدد المنازل العشوائية المحصية بمنطقة "كريان سنطرال" هو 4640 براكة كانت تقطن بها 6902 من الأسر، هدمت منها إلى غاية الثاني من الشهر الجاري 3926 براكة، أي بنسبة تقارب 90 في المائة.
وتابع المصدر شارحا، بأن كل الأسر المستوفية للشروط استفادت إما من بقعة أرضية، أو من شقة لا يتعدى سعرها الـ 100 ألفي درهم (12 ألف دولار)، علما بأن ثمنها في سوق العقار يفوق الـ 350 ألف درهم (43ألف دولار).
ويضيف البلاغ، أن كل الأسر القاطنة بالبراريك المحصية والمستوفية للشروط المطلوبة، تلقت منذ بداية عملية إعادة إيواء قاطني "كاريان سنطرال" يوم 18 أيار/ مايو 2010، عرضا للاستفادة من بقع أرضية تفوق مساحتها الـ 80 مترا مربعا (طابق أرضي + 3)، على أساس قطعة أرضية لكل مستفيدين اثنين بمنطقة الهراويين مقابل أداء مبلغ 20 ألف درهم لكل واحد منهما (علما بأن ثمنها الحقيقي يناهز الـ8000 درهم للمتر المربع)، مع تسهيلات للمستفيدين تتمثل في فتح المجال لهم للتعاقد مع شريك ثالث كي يتمكنوا من بناء بقعهم الأرضية.
وسجل بلاغ ولاية جهة العاصمة الاقتصادية للمغرب، أن بعضا من الأسر المستفيدة من البقع الأرضية أو الشقق "انتهجت أسلوب الابتزاز، تمثل في رفضها الانخراط في عملية إعادة الإيواء، حيث طالبت باستفادة أفراد أسرها خارج الإحصاء والمعايير المعتمدة، ما استدعى اللجوء إلى القضاء الذي أصدر حكمه في الموضوع".
بناء على كل ما سبق يضيف البلاغ، أنه "يمكن القول إن مطالب الرافضين في الانخراط في عملية إعادة الإيواء المذكورة سلفا هي مطالب تعجيزية، لا تستند على أي أساس قانوني، تحركها أطماع شخصية ومضاربات عقارية، في الوقت الذي قدمت لهم فيه المصالح المختصة كل التسهيلات وفق ما يسمح به القانون".
وبسبب ظاهرة السكن العشوائي التي تعرفها بالمغرب 85 مدينة وفقا لمعطيات رسمية، فقد تم خلال سنة 2004 إطلاق برنامج وطني لمحاربة الظاهرة حمل عنوان "مدن بدون صفيح" والذي يهدف إلى تحسين ظروف عيش ما يناهز المليون و800 ألف نسمة في 85 مدينة، بدعم من الدولة، وبتكلفة إجمالية ستصل إلى 25 مليار درهم.
وقد سبق لمسؤولين حكوميين أن صرحوا بأن هذا البرنامج مكن من تحسين ظروف عيش أزيد من مليون نسمة، أي ما يزيد على 55 في المائة من الأسر المعنية. كما أنه تم الإعلان عن 45 مدينة بدون صفيح، فيما ما تزال 40 مدينة تنتظر دورها، منها عاصمة المغرب الرباط وجارتها سلا اللتان ما زالتا تعرفان انتشارا كبيرا لدور الصفيح.
ومن مفارقة هذا البرنامج "مدن بدون صفيح" وفقا لتحقيقات صحفية وتصريحات رسمية، أن عددا من المناطق يتضاعف فيها عدد دور الصفيح في الوقت الذي يفترض أن تؤدي "جهود" الحكومات المتعاقبة إلى الحد منه، وتوجه أصابع الاتهام بهذا الخصوص إلى العديد من أعوان السلطات المحلية الذين يسهلون مهام إقامة دواوير الصفيح مقابل مبالغ مالية على شكل رشوة.
الاختلالات تجاوزت تصريحات الخبراء، إلى مستوى اتهم فيه نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، أعوان السلطة المحلية بعرقلة البرنامج الوطني لمحاربة السكن غير اللائق، مؤكدا ما عبر عنه أعضاء فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب من أن جزءا كبيرا من اختلالات برنامج "مدن بدون صفيح" تتحمل مسؤوليته السلطات المحلية بمختلف المدن.