كتب الصحافي البريطاني
روبرت فيسك معلقا على انتخابات الرئاسة السورية بقوله، إن المسألة لها علاقة بالنسب، ففي مصر حصل المشير السابق عبد الفتاح السيسي على نسبة (تقترب من
97%) من أصوات الناخبين في الأسبوع الماضي، ويجب أن يتغلب عليه بشار الأسد في الانتخابات التي جرت أمس (الثلاثاء)، بخلاف أن أجواء دمشق كانت مليئة بصوت المروحيات العسكرية، وصوت ارتطام القذائف وانفجارها في الوقت الذي رقص فيه المواطنون وغنوا خارج مراكز الاقتراع.
وتمت "إضافة سياسيين اثنين لم يكونا معروفين، بلا لون ومملين، للحفل"، بعد أن كان التصويت يتم على شخص واحد. وقال فيسك: "عندما سألت وزير الخارجية وليد المعلم عما إذا كانت هناك مخاطر لخسارة الأسد الانتخابات، أجاب بحكمة: هذا يعود للشعب السوري". ويعلق بأن "الشعب السوري هذا قد سحق وأهين وعذب وسجن وذبح، ويصرخ منذ مدة طويلة طلبا للحرية".
ويوضح أن نسبة 60% من السكان كان بإمكانهم التصويت في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والتي تشكل نسبة 40% في أكثر من 9 آلاف مركز اقتراع كان معظمها عرضة لإطلاق النار من المعارضة السورية. ويقول إن الفصائل المسلحة العلمانية متشرذمة، فيما تثير الخوف الجماعات الإسلامية، ولكنها تبدو جميعا مثل زجاج سيارة مهشم، ووعدت هذه القوى بتدمير الانتخابات التي تراها والقوى الغربية مهزلة. وبدأت المعارضة بإمطار وسط دمشق بقذائف الهاون مع طلوع الفجر حتى قامت مقاتلات النظام بقصف أحياء المعارضة.
وأشار فيسك إلى اقتراع الأسد وزوجته أسماء التي ارتدت جاكيتا أبيض تلبسه العرائس، وصوتت في صندوق أبيض، فيما تسابق الموالون للأسد على الإدلاء بأصواتهم "ويمكن للواحد الافتراض أن الرجال الموالين مثل المعلم (الذي يتعافي من عملية قلب) ونائبه المتحدث اللبق فيصل مقداد، ووزير الإعلام عمران الزعبي منحوا أصواتهم للأسد. وكانت هناك ستائر لحماية خصوصية الاقتراع، ولأن الجدران التي تحيط بوزارة الخارجية من الأكثر تحصينا في دمشق، فقد كانت المركز المناسب للتصويت فيه.
أما الجماهير فقد صوتت في المدارس ووزارات الحكومة، وحتى في مكاتب الطيران "وقضيت وقتا أمس (الثلاثاء) أحاول شراء تذكرة سفر محلية في غرفة مزدحمة بالميليشيات حيث كان المقترعون يقترعون على مرشحهم الفائز؟ احزر من هو؟ في الوقت الذي كانت المقاتلات تذرع الفضاء، وسألني كاتب: هل تريد التصويت؟ وفهمت النقطة. هل كان من المفترض أن أصوت للسيسي؟". ويستدرك: "لكنّ هناك فرقا بين الفرعون والجنرال السابق الذي سيحكم مصر، وبين طبيب العيون السابق الذي سيحكم سوريا ولسنوات، ففي الوقت الذي طبعت فيه عملية انتخاب السيسي صناديق الاقتراع الفارغة وقلق الجماهير من حرارة الجو، جاء المقترعون السوريون بالآلاف، حاملين صورا جديدة لذلك الرجل بالزي العسكري، وكانت هناك طوابير طويلة من الشباب ورجال بالزي البدوي، والسؤال كان عما إذا كان الحضور عفويا، أو إجباريا؟ لحد ما هذا صحيح، هل كانوا سعداء؟ من يستطيع قراءة ما خلف الابتسامات والهتافات "بالروح بالدم نفديك"، وكل واحد كان يعرف من (أنت)؟".
وأشار الكاتب إلى الشائعات التي انتشرت عن اجتياز اللاجئين السوريين في لبنان الحدود للتصويت في سوريا، ومعها انتشرت شائعات بأنهم سيخسرون وضع اللاجئ. و"قيل لي في دمشق إن السلطات اللبنانية تطلب 200 دولار أمريكي من أي شخص يريد العودة لبلدهم".
ويرى الكاتب أن الشائعات ليست صحيحة. ولكن الحقيقة تقول إن من حشر في أرض الأسد من العلويين والدروز وقطاع من السنة التي تتكون من 40% من مساحة البلاد، ألا يصوتون للأسد؟
ويشير الكاتب للمرشحين الآخرين ماهر حجار وحسان النوري، حيث يقول إن 24 مرشحا تقدموا بطلبات لخوض الانتخابات الرئاسية، لكنه تم تخفيض العدد لثلاثة بمن فيهم الأسد نفسه. ويتساءل الكاتب هنا عما إذا كان المؤرخون سيفسرون الانتخابات بكونها لكمة كي تتوافق مع الإنجازات التي حققتها جيوشه والتي تضم الكثير من مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني. وأشار الكاتب هنا إلى الهجمات التي شنت على الانتخابات السورية من خارج سوريا والتي بدت الحياة الأشد فيها، وأشار لمقال حازم صاغية الذي قال إن قرار عقد الانتخابات أكثر وحشية من الاضطهاد الذي مورس عليهم. فالعنف أصاب أجسادهم لكنه لم يصب عقولهم ولكن الانتخابات تعتبر مهزلة مهينة، بحسب ما كتب صاغية.
ويقول فيسك: "عندما سألت المعلم كيف تدافع عن هذه المهزلة، أجابني إجابة واضحة: لست بحاجة للدفاع عن نفسي". و "أطلب من الناس مشاهدة التلفزيون السوري لمعرفة ماذا يريده الشعب السوري، هذه ديمقراطية الشعب السوري عندما ذهبوا للتصويت". و"ما كنت أريد معرفته وما نريد كلنا معرفته، هو لماذا تعقد هذه الانتخابات، أولا في مصر والآن في سوريا، هل هي محاولة لتقليد النظام الديمقراطي الغربي والتفوق عليه بنسب غريبة كهذه".
ويختم بالحديث عن الأرقام التي سنسمعها من دمشق هذا الأسبوع، فحسب مصدر موثوق قال إن الأسد قد يحصل على 65%، فيما قال آخر 90%، وسنرى أنه فاز بنسبة 95% بالمئة، وهو "
نصر على الورق وسط
حرب دموية".