نشرت "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها ليز سلاي من بيروت، قالت فيه إن الرئيس بشار
الأسد يستعد للفوز بفترة ثالثة في الحكم بانتخابات قال عنها الغرب إنها زائفة.
وقال التقرير: "شهدت الأيام القليلة الماضية إعلانات مسؤولين
إيرانيين كبار يحتفون بتأكيد استمرار سيطرة الأسد على السلطة ممثلا في الذهاب إلى انتخابات، وكذلك الهزيمة للسياسة الأمريكية في
سوريا، التي كانت واضحة في هدفها الرامي إلى إسقاط الأسد".
وأضافت أن الولايات المتحدة أعربت أكثر من مرة عن رفضها للانتخابات الرئاسية لأنها مجرد "مسرحية هزلية" نتائجها مضمونة مسبقا بالقواعد التي حددها نظام الأسد. فليس هناك منافسون حقيقيون يمنعون انتخابه مرة ثالثة لفترة رئاسية تمتد سبع سنوات أخرى، ولن يكون هناك مراقبون مستقلون وجزء كبير من البلاد يقع تحت سيطرة الثوار أو يعاني من الاقتتال.
وترى الصحيفة أن إيران مع ذلك "أرسلت بفريق يوم الاثنين لمراقبة
الانتخابات كجزء من محاولتها عكس فشل السياسات الأمريكية في سوريا والقيام بمبادرات تؤكد سيطرتها على الأزمة".
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمام مؤتمر لأصدقاء سوريا عقد في طهران خلال نهاية الأسبوع: "على القوى الأجنبية التخلي عن أوهامها في تحقيق رغباتها الشخصية واستراتيجياتها من خلال أساليب عسكرية في سوريا". ويبدو أن اختيار الاسم للاجتماع كان عبارة عن "نخزة" متعمدة لتحالف أصدقاء سوريا المدعوم أمريكيا، والذي تم إيجاده لدعم المعارضة السورية.
وقال ظريف خلال اجتماع حضره ممثلون عن 30 بلدا صديقا لإيران: "يجب عليهم أن يعترفوا بأن الطريق الوحيد لحل الأزمة في سوريا يتمثل في إرادة الشعب السوري التي ستظهر في صندوق الاقتراع". أما مستشار آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى، فأعرب بصراحة عن شعوره بالنصر.
وقال الجنرال رحيم صفوي "إن استراتيجية أمريكا والسعودية وتركيا وقطر والدول الأوروبية في الإطاحة ببشار فشلت، وهذا فشل إستراتيجي للجبهة التي ضمت الغرب والعرب والصهاينة ونصر كبير للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "الانتخابات تبرر إصرار إيران على دعم النظام السوري الذي يخدم كمحور لاستعراض قوتها في العالم العربي منذ ولادة الجمهورية الإسلامية عام 1979".
وتتابع بأن إيران "تعهدت منذ بداية الصراع ألا تسمح بسقوط الأسد، ووفت بتعهدها إلى حد الآن بضخها مليارات الدولارات في الاقتصاد السوري وتوفيرها السلاح والتدريب للقوات الموالية. كما أنها دربت ومولت ميليشيات شيعية من العراق واستخدمتها لتوفير الطاقة البشرية لدعم القوات الحكومية المنهكة. وإيران هي التي تدعم حزب الله الذي لعب دورا مهما في وقف تقدم قوات الثوار على مدى السنة الماضية".
ومع أن إيران أنكرت أكثر من مرة إرسال عسكريين إلى سوريا، إلا أن الإعلام الإيراني أعلن مقتل الجنرال عبدالله اسكندراني، أحد كبار قيادات الحرس الثوري الإيراني، والذي قتله الثوار في حماة، ما يدل على أن إيران متورطة في الحرب أكثر مما هي مستعدة للاعتراف.
ولهذا "وكون الأسد ينظم انتخابات بعد ثلاث سنوات من الثورة ضده، فهذا يعتبر شاهدا على التأييد القليل الذي قدمه الغرب للمعارضة السورية، وعلى جلد حلفاء النظام بما في ذلك إيران وروسيا بحسب المحللين".
وقد أعلن الرئيس أوباما الأسبوع الماضي عن زيادة غير محددة للمساعدات التي تقدم للثوار، لكنه اعترف أيضا خلال مقابلة مع إذاعة (إن بي آر) بأن المشروع في بداياته وأنه قد يأخذ وقتا حتى التطبيق.
وسخر مسؤول إيراني عالي المستوى من المساعدات التي يعرضها أوباما، فقال رئيس الأركان الإيراني الجنرال فيروز أبادي في تصريح نشرته وكالة أنباء فارس شبه الرسمية: "أمريكا تبني قلاعا في الهواء في سوريا.. المعارضة السورية هزمت".
ويقول الدبلوماسيون الغربيون إنهم يأملون أن يكون من الصعب على إيران الاستمرار في التورط في سوريا وستجد أن ثمن دعم الأسد في وجه ثورة مستمرة سيكون باهظا.
وفي هذا السياق "ستحاول إيران أن تفرض صيغتها للحل في سوريا مقابل المقترحات الأمريكية التي فشلت في جنيف هذا العام بحسب إبراهيم حميدي مراسل الحياة اللندنية، وهو سوري، وتتضمن الخطة إعادة انتخاب الأسد واتخاذ بعض الإجراءات المحدودة التي تتضمن وجود عناصر معارضة مقبولة رسميا والتوصل إلى هدنات محلية".
وقال حميدي إن الانتخابات "تشكل نصرا من وجهة النظر الإيرانية.. فهم نجحوا في منع النظام من السقوط ونجحوا في منع سوريا من التحول من محور إلى محور آخر".
وفي الوقت ذاته، تستثمر إيران المكاسب العسكرية للأسد في علاقاتها مع الدول العربية السنية التي تدعم المعارضة السورية، فأمير الكويت التقى يوم الاثنين مع خامنئي في اليوم الثاني من زيارة تاريخية تهدف إلى تخفيف التوتر، والكويت على علاقة قوية بالسعودية عدو إيران اللدود، والتي أيضا أبدت استعدادا للدخول في محادثات مع إيران.
وتفاخر وزير الداخلية الإيراني الأسبوع الماضي بأن تزاحم الدول الأجنبية للحوار مع طهران يقابله تضاؤل في نفوذ "أعداء إيران". وقال دون تسمية هؤلاء الأعداء: "إنهم واقعون في شرك الأزمة التي اختلقوها بأنفسهم واضطروا للانسحاب من أفغانستان والعراق وسوريا".