بالقرب من الملعب البلدي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، اصطفت على جانب الشارع أكشاك احتوت على كتب ومنتوجات يدوية تراثية، وخصصت كل زاوية لمكتبة ومؤسسة وأفراد لتقديم أعمالها للزائرين، منها كتب ومطرزات ولباس شعبي وأشغال يدوية ومنتجات بيتية، إضافة إلى زاوية لإنتاج أشياء مبدعة من مخلفات ملوثة للبيئة.
ويأتي هذا نتاج
مبادرة طلابية جديدة من نوعها، أطلق عليها اسم "
شارع الثقافة"، لتحفيز
الشباب والجيل الناشئ على الاهتمام بالقضايا الثقافية والفكرية والتراثية والحفاظ على البيئة.
وجل أفراد المجموعة من طلبة
جامعة القدس المفتوحة بنابلس، وقدمت المبادرة إلى مؤسسة إنجاز العرب، التي رعتها بالتعاون مع إدارة الجامعة وبلدية نابلس ونشطاء من المجتمع المحلي.
وقالت الناطقة الإعلامية باسم المجموعة ساجدة أبو حمدان لـ "عربي21”، إن الهدف من المبادرة دفع الطلاب في الجامعات والكليات على إنشاء مشاريع ريادية تعالج القصور الثقافي في المجتمع، وقيامهم بالعمل التطوعي لخدمة القضايا المجتمعية المحلية من خلال تبني مبادرات إيجابية والعمل على تحقيقها بالاعتماد على القدرات الذاتية.
بدوره قال مدير جامعة القدس المفتوحة الدكتور يوسف ذياب لـ" عربي21"، إن الهدف من تبني المبادرة هو تعزيز ثقافة الاعتماد على النفس وإعادة الأمور إلى نصابها؛ من خلال تشجيع توجه الطلبة نحو الثقافة بأبعادها المختلفة، وإقامة جسور بين الطلبة انفسهم وصناع القرار، وسد حالة الفراغ الناشئة عن التأثر بالمحيط.
أما مسؤولة عمليات إنجاز العرب في الضفة غادة كتانة فقالت لـ "عربي21" إن مبادرة "شارع الثقافة" هي إحدى المجموعات المشاركة في برنامج أمواج فرح، الذي يهدف إلى تدريب طلاب الجامعات والكليات على تأسيس مشاريع ريادية وقيادية لتعالج قصور معين في المجتمع، حيث تم تدريب الطلبة على تنظيم وتخطيط وتنفيذ مشاريع، وذلك بالتعاون مع مؤسسات في المجتمع المحلي ومجموعة "شارع الثقافة"، وستشارك إلى جانب خمس مجموعات أخرى في فلسطين في مسابقة إقليمية على مستوى الوطن العربي ليتم اختيار أفضل مبادرة، وتقديم منحة مالية لها للاستمرار في المشروع.
وأوضح منسق مشروع إنجاز العرب مخلص سمارة لـ"عربي21" أنه تم استهداف مجموعة من طلبة جامعة القدس المفتوحة بنابلس من خلال التشاور مع دائرة شؤون الطلبة، حيث تم بلورة مجموعة من الجنسين وتعرضوا لدورات متعلقة بالتشبيك، والتنظيم، والتفاعل، والبحث، والتنسيق وتعميق روح المبادرة لدى الطلاب. وتحققت أهداف التدريب سريعا بين أبناء المجموعة مما جعلها تتقدم كثيرا بمبادرتها وشرعت بتطبيق المبادرة خلال فترة وجيزة.
وأضاف، أن الطلبة اظهروا قناعة تامة بفكرة شارع الثقافة إدراكا منهم للنقص في المجتمع الفلسطيني خصوصا والعربي عموما، جراء انعكاسات التغييرات الحاصلة عالميا، وانطلقوا لتحقيق أهدافهم في تعزيز العلم والعودة إلى القراءة والكتاب، والتعريف بالثقافة والتراث الفلسطيني الأصيل.
ويشارك في "شارع الثقافة" عدد من المكتبات، لعلها تجد ضالتها في الشباب المتعطش للقراءة، وهذا ما أشار إليه مندوب مكتبة الإعلام احمد ظاهر في حديث لـ "عربي21"، وقال أن الفكرة رائدة وتم التعاون مع المجموعة الطلابية، "لإدراكنا أن بيع الكتاب وتداوله يحتاج للعرض، وقد توفر ذلك في شارع الثقافة خاصة أن المنطقة التي يقع فيها الشارع تشهد إقبالا من الشباب لقربها من ملعب لكرة القدم ومتنزه ومركز ثقافي. لاحظنا إقبالا من الزوار على كتب الروايات والقصص أكثر من الكتب السياسية وهذا يظهر تعطش الشباب للأدب والثقافة الأصيلة".