كتب المعلق في صحيفة "
التايمز" البريطانية روجر بويز مقالا دعا فيه إلى عدم حظر جماعة
الإخوان المسلمين، والسماح لها بالبقاء في
بريطانيا.
وقال إن بقاء الإخوان أو ناشطيهم في لندن يسمح لهم بتقييم تجربتهم في الحكم، والبحث عن بدائل ديمقراطية، بدلا من إرسالهم للمشانق وتقديم المجرفة لرئيس حفاري القبور -المارشال السيسي- الذي يريد هدوءا يشبه هدوء المقابر في
مصر؛ حتى يعود السياح والمستثمرون.
وأضاف أن بريطانيا كانت ملجأ دائما للسياسيين، فكما منحت اللجوء لكارل ماركس والزعيم الفيتنامي هوشيه منه؛ فيجب أن تعطي الملجأ للإخوان، بدلا من ترحيلهم وإرسالهم للمشانق. وقال إن الجماعة الإسلامية تلعب دورا مهما في الديمقراطية، ولذلك علينا أن نقدم لها يد المساعدة.
وجاء في المقال "منذ أن انتقل الإخوان المسلمون إلى كريكل وود (شمال لندن) اهتز كيان الحي الذي لم يألف أن يكون مكانا لجماعات مثيرة للجدل، ولكنه الآن أصبح مكانا تلتقي فيه أقوى الأصوات المفكرة حول الإسلام السياسي والتي تجلس في شقة فوق مطعم للكباب يقع على الشارع الرئيسي".
وأشار إلى التحقيق الذي طلبه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من السلطات الأمنية للتحقيق في نشاطات الإخوان، وإن ثبت أن الجماعة تشكل تهديدا أمنيا على بريطانيا؛ فقد يتم ترحيلهم أو قد يواجهون قيودا مشددة على تأشيرات الإقامة.
ويقول إن محاكمة وإدانة أبو حمزة المصري في نيويورك ذكرت الحكومة بالمعركة القضائية الطويلة والمهينة لترحيله، ولا أحد يريد معركة جديدة من ذلك النوع.
ويتساءل مويز إن كان يجب السماح للإخوان بالبقاء في بريطانيا أو يجب أن يرحلوا؟ ويجيب: لقد حرقنا أيدينا في قضية (أبو حمزة) كيف كان من السهل على أصولي استخدم القانون بذكاء لإظهارنا بمظهر الضعف، و"لكن يجب علينا أن لا نبالغ في استخدام قضيته. ففي بعض الأحيان من الصائب التحقيق في نشاطات المنفيين السياسيين، وفي بعض الأحيان من الصواب السماح لهم بالبقاء لحماية المصالح الأمنية، أو موازنة المشاكل الدبلوماسية وما إلى ذلك" و"بالنسبة لي فالإخوان المسلمون يستحقون المخاطرة، ويجب السماح لهم بالبقاء في كريكل وود، باستثناء حالة ما إذا ثبت أنهم أو بعضهم متورط بنشاطات إجرامية".
ويضيف مويز إن رئيس الوزراء سيتسلم التقرير حول الإخوان المسلمين في تموز/ يوليو، وفي ذلك الوقت سيكون المشير عبد الفتاح السيسي المتوقع انتخابه نهاية هذ الشهر في مركز الحكم، وستكون المحاكم المصرية المثيرة للسخط قد بدأت تعمل على إتمام محاكماتها للإخوان المسلمين، مشيرا للمحاكمات السريعة التي حكم فيها بإعدام 529 شخصا شنقا بعد جلسة سريعة لم تستمر ساعة واحدة. وفي محاكمة أخرى حكم فيها على 683 منهم المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع بالإعدام في محاكمة مماثلة.
ويعلق الكاتب على المحاكمات بأنها الطريقة التي يتميز فيها النظام الديكتاتوري، وتجعل من السماح للإخوان المنفيين البقاء في بريطانيا قضية إنسانية.
ويقول الكاتب "بعد عقود من العمل السري والتآمر بدأ الإخوان المسلمون في السنوات الأخيرة من حكم مبارك بالانفتاح، وفاز مرشحهم للرئاسة محمد مرسي وانتخب بطريقة ديمقراطية، وبعد عام من الحكم العاجز تمت الإطاحة به بطريقة غير ديمقراطية، واليوم أصبحت الإخوان جماعة محظورة، وفي حالة ترحيلهم من بريطانيا فإننا نقوم بإرسالهم للمشانق".
ويضيف مويز "إن الأمر لا يتعلق بإنقاذ الإخوان، فالمارشال السيسي كان واضحا من أنه لن يتوقف عن سجن الإسلاميين، فيما تم حظر جماعة 6 إبريل التي ساعدت على الإطاحة بالرئيس مبارك، كما يتم سجن أعضاء نقابات العمال الذين يضربون عن العمل بناء على قانون يحظر التظاهر، فيما لا يزال صحافيو الجزيرة يحاكمون بناء على تهم الإرهاب، والهدف على ما يبدو هو تحقيق هدوء كالهدوء الذي يطبع المقابر من أجل جلب المسثتمرين والسياح، وليست هذه هي اللحظة التي يجب أن نغطي فيها الجريمة لرئيس حفاري القبور" أي السيسي.
ويضيف أن "مصر تقوم بقمع النقاش حول دور الإسلام في مجتمعات الشرق الأوسط، فأين هو الفضاء المسموح به لكي يعبر من خلاله المعتدلون الإسلاميون بحرية عن مواقفهم؟ فقد تحولت جماعة الإخوان المسلمين لقوة شعبية من خلال عملها الخيري وفهمهما لمشاكل الفقر والفساد، ودائما ما وقفت ضد البيروقراطية المعوقة والقوة الخفية للعسكر، ورغم كل مشاكلها -وأهمها عدم ثقتها بالتعددية الحزبية- إلا أنها فهمت قوة المجتمع ويجب والحالة هذه أن تكون جزءا من النقاش حول مستقبل مصر".
ويقول مويز "في النهاية سنبني نفوذا أكثر في الشرق الأوسط لو انضممنا للنقاش حول اليوم الذي يأتي بعد غد في العالم العربي بدلا من بيع لمصر وداعميها من الدول العربية".
ويختم بالقول "علينا أن نمنح الإخوان المسلمين ملجأ آمنا تماما كما منحنا كارل ماركس والثوري الفيتنامي هوشيه مين... وسيعطي المنفى في لندن الإخوان المسلمين الفرضة لدراسة أخطائهم في الحكم وتطوير بدائل ديمقراطية لمصر.. وفي حالة طردهم فستتمزق الحركة إلى جماعات هامشية يدفعها الإحباط لتبني العنف، وهناك أوقات يجب أن تتميز بريطانيا بالطيبة ولكن عليها أن تكون مضيفا حذرا".