وجهت قيادة الجيش
الجزائري تعليمات صارمة لوحداتها المرابطة على
الحدود مع
ليبيا، لتشديد المراقبة الأمنية، ومنع تسلسل مجموعات مسلحة إلى التراب الجزائري، بعد تدهور الوضع الأمني في ليبيا، وتصاعد حدة الاقتتال في أعقاب محاولة اللواء حفتر للانقلاب.
وجاءت هذه التعليمات الجديدة التي أرسلت إلى وحدات الجيش والدرك الجزائريين، على الحدود مع ليبيا، الثلاثاء، بعد غلق الحدود الجنوبية مع ليبيا، عشية الاثنين، لكن مخاوف الحكومة الجزائرية، مازالت قائمة إثر صعوبة التحكم بحدود طولها أكثر من ألف كيلومتر، كلها صحراء، ذلك أن سد ثلاثة منافذ حدودية وهي (تيت الكوم، وطارات، والدبداب) لا يكفي، لتأمين الجزائر من المجموعات المسلحة.
وقال مصدر دبلوماسي جزائري لـ"عربي21" الثلاثاء، إن "الوضع في ليبيا صار خطرا أكثر من أي وقت مضى، وبدأت الجزائر تتحسس فعلا هذا الخطر الداهم من الجارة الشرقية".
وأوضح الدبلوماسي الذي رفض الكشف عن اسمه، أن" الخطر ليس وليد اليوم، وإن كان قد تعاظم وأصبح يشكل تهديدا حقيقيا على بلادنا، وإنما يعود إلى الفترة التي تدخل بها الناتو لإسناد الثوار في ليبيا، للإطاحة بمعمر القذافي"، مضيفا "الحكومة الجزائرية حذرت من خطر تدخل الناتو، وهاهو عامل الوقت ينصف موقفنا الذي انتقدنا من أجله".
ورد المتحدث عن سؤال حول غلق الحدود إن كان مؤقتا أم أن القرار يتسم بالديمومة، قائلا: "الحكومة الجزائرية تصلها المعطيات دوريا حول طبيعة الوضع الأمني، ووصلتنا تقارير أمنية خطيرة عن تهديدات لجماعات مسلحة، ومحاولات تسلل إلى التراب الجزائري، موازاة مع تنامي الصراع بين القوى المؤيدة للمؤتمر الوطني المنتخب والقوى التابعة لحفتر، فاتخذنا القرار، وهو قرار سيادي بالنسبة للدولة الجزائرية، أما إعادة النظر فيه فهذا من شأن الحكومة، إن رأت أن تلك التهديدات قد زالت".
وقال العقيد المتقاعد بالجيش الجزائري والخبير الأمني، بن اعمر بن جانة، لـ"عربي21"، الثلاثاء، إن "القرار بغلق الحدود مع الجارة الليبية، قرار سيادي، وهناك مخاطر محدقة بالجزائر، سببها ليبيا، لكن هذه المخاطر كبرت كثيرا هذه الأيام، ما دفع الحكومة الجزائرية إلى البحث عن حل عملي، فكان غلق الحدود هو الأنسب".
وأضاف بن جانة: "القرار مهم، ونحن لا نريد أن نقع في نفس الإشكالات التي تعرضت لها السلطات الليبية، هناك اختطافات وتحركات خطرة لمسلحين، وجرى أن قامت حكومات بسحب سفرائها من طرابلس، ليقينهم بأن الوضع أصبح لا يطاق".
وأشار إلى أن "الجزائر تواجه تحالفا مكونا من الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وهذا يتطلب تكاثف جهود كل الدول المجاورة وعلى رأسها ليبيا".
وتابع بأن "العملية الأمنية الأخيرة التي تم فيها قتل 12 عنصرا من مختلف الجنسيات بإيليزي خير دليل على المخاطر التي نتحدث عنها".
وكان الجيش الجزائري قتل 12 عنصرا مسلحا في الخامس من أيار/ مايو الجاري، في محافظة إيليزي الحدودية مع ليبيا، وينتمي هؤلاء إلى جنسيات عربية وإفريقية مختلفة. كما تم حجز ترسانة حربية تتألف من أسلحة ثقيلة، وعتاد حربي متطور.
وفي السادس من أيار/ مايو الجاري، بعد يوم من العملية التي وصفت بـ"الكبيرة"، قال الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة في أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد انتخابه لولاية رابعة، إن "ما حصل بمحافظة إيليزي، اعتداء خارجي"، ودعا الجيش الجزائري إلى القيام بدوره كاملا "لحماية التراب الوطني، وإحباط محاولات مثيلة لتسلل عناصر مسلحة" من ليبيا إلى الجزائر.