تساءل الكاتب البريطاني
ديفيد غاردنر عن طبيعة الوعود التي يقدمها الجنرال عبد الفتاح
السيسي، مرشح الرئاسة في
مصر لشعبه، وهو الذي يسير بخطى سريعة ليتوج رئيسا لمصر الأسبوع المقبل، وكذلك طبيعة مواقفه.
وفي مقالته التي نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" يرى غاردنر أن المصريين لا يعرفون طبيعة وبرنامج "منقذهم" الذي يزعم أنه حماهم من الحزبية المدمرة، وحكم محمد مرسي السري، الذي أطاح به في انقلاب تموز/ يوليو العام الماضي، ولا يعلمون الكثير عن برنامجه، وماذا سيفعل لينقذهم من الفقر وانقطاع الكهرباء.
كما لم يظهر رئيس المخابرات العسكرية السابق في تجمعات جماهيرية يختلط فيها بالمصريين البالغ عددهم 85 مليون نسمة ويلمس أيديهم، فلم يخرج السيسي للعلن في حملات انتخابية، بل واستقبل وفودا من كل أنحاء البلاد، ومنح مجموعة مختارة من المحطات التلفزيونية والصحف لقاءات عقدها في الفنادق المتوفرة له فيها كل الحراسات الأمنية، والذي يملكه الجيش بعد أن كشف أنه تعرض لمحاولتي اغتيال.
ويقول غاردنر "إن السيسي يبعث بالنصائح ويقدم التعهدات الغامضة، وأحيانا يصدر التهديدات بدلا من تقديم سياسة صلبة للناخبين، بحيث يمكنهم فحصها والحكم عليها وعلى مرشحها، وإن كان لهم حظ في السلة الوطنية، من الاستثمار إلى توفير فرص العمل، والبنى التحتية للتعليم والرفاه الاجتماعي والصحة، وهي القضايا التي تسكت عنها حملة السيسي".
وتقول الصحيفة إن "الرأي العام المصري لم يكن يعرف إلا القليل عن السيسي حتى بدأت الاضطرابات، وكان عنصرا غير معروف في النخبة العسكرية التي أدارت شؤون البلاد بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في شباط/ فبراير 2011، حتى انتخاب مرسي بعد عام. وبعد الانقلاب العسكري على مرسي والتظاهرات التي اندلعت في صيف العام الماضي، بدأت شخصية الرجل تتشكل، فقد ظهر الجنرال السيسي ببدلته المهندمة والشارات عليها وقام بتهدئة المزاج العام، لكن شخصيته كانت تتغير".
ثم جاء "القمع الدموي ضد الإخوان المسلمين ثم حظر الجماعة التي حكم على مئات من مؤيديها بالإعدام في الأشهر الأخيرة، وكذلك ملاحقة المعارضة، حيث قامت ببناء صورة الرجل المعبود، وربطته بالماضي والرجل القوي جمال عبد الناصر والسادات، حدث كل هذا بدون أن يتكلم الرجل كلمة واحدة، والآن وقد بدأ بالحديث فاللهجة بدت قاسية وفظة".
ويضيف الكاتب "شهدت فترة السيسي ما قبل الرئاسية إعادة لحكم فترة مبارك ودولته الأمنية، باستثناء أن الجيش زادت قوته. وبدون أحزاب سياسية، فهو يعتمد على الجيش والرعاية من نظام مبارك وشبكة الموالين له كي يحصل على الأصوات، وعليه فهو يحاول جاهدا تجنب الحديث أو تقديم صورة عن السياسة، ويواصل الظهور بمظهر الرجل الذي يلبي احتياجات كل شخص".
"فهو يقول لحلفاء مصر في الخارج، خاصة الولايات المتحدة التي جمدت جزءا من المساعدة العسكرية السنوية 1.3 مليار دولار إنه يقوم بحرب على الإرهاب، والفشل بتقديم الدعم له يعني تحول مناطق خارجة عن القانون مثل سيناء إلى ملجأ آمن للجهادية؛ مما يهدد المنطقة والعالم. ويقول إنه ينوي محو الإخوان المسلمين من على ظهر البسيطة، وينحي جانبا أي اقتراح يقول إن سياساته تقوم بإثارة التطرف الإسلامي. وهذه طريقة تتسم بالدهاء من الناحية التكتيكية. ويبدو واضحا أن الولايات المتحدة وحلفاءها الآن قلقون من آثار الجهادية الدولية، من سوريا وسيناء أكثر من اهتمامه بإنهاء الاستبداد الذي يشعل التطرف".
ويشير التقرير للقاءات السيسي المنفصلة مع قنوات تلفزيونية مصرية ووكالة أنباء رويترز، حيث كانت رسالته واضحة "الديمقراطية تعتبر بالنسبة لمصر حاجة كمالية إن أرادت أن تقف على قدميها، وسيلعب الجيش الذي يملك العديد من الاستثمارات الكبيرة، دورا مهما في الاقتصاد، بل وألمح السيسي أنه كان متسامحا مع النقد وهذا سيتغير".
وأخيرا يقول غاردنر "لا نزال لا نعرف ما هي طبيعة الحكومة التي سيشكلها السيسي، وما هي السياسات التي سيتبعها، وسيحاول الجيش الظهور بمظهر أنه عجلة الإحياء الوطني، ولكن من الصعوبة بمكان معرفة الكيفية التي ستتعافى فيها مصر إن كانت المؤسسة الوحيدة في البلاد هي الجيش. ويقول المارشال السابق "الهدف الاستراتيجي" هو "الحفاظ على الدولة المصرية"، قال لمحرري الصحف المصرية إن مطالبهم غير واقعية لأننا عندما نمارس الديمقراطية فإننا لن نعثر على الشعب، وكانت هذه بمثابة رسالة تحذير للمصريين والعالم".