نشر موقع "غلوبز" الاقتصادي تقريرا قال فيه إن "شركة "بريتيش
غاز" البريطانية تسعى لعقد صفقة مع الشركة المالكة لحقل ليفاثان
الإسرائيلي لنقل الغاز من الحقل المذكور وتسييله على الأراضي
المصرية في محطة "أدكو" التي تملكها شركة "برتيش غاز".
وقال الموقع إن الشركتين المالكتين لحقلي تمار وليفاثان تتطلعان للانتهاء من إنجاز خط الغاز بين مصر وإسرائيل حتى تتمكنان من نقل الغاز ليتم تسييله في محطات التسييل في مصر.
وقد أعلن أصحاب رخصة حقل "
تامار" للغاز الطبيعي، الثلاثاء الماضي، عن التوقيع عن كتاب نوايا لبيع 4.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى الشركة الإسبانية "يونيون فينوزا"، التي تشغل مرافق تصدير الغاز الطبيعي المصرية في دمياط.
وتقدر قيمة الصفقة بـ 1.3 مليار دولار في السنة، وستعود بعدد من الفوائد على "تامار" منها أن المشتري سيتحمل مسؤولية إنشاء خط الأنابيب من منصة إنتاج "تامار"، وأن السعر الأساسي - وهو 6.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية- سيكون مربوطا بسعر برينت الخام، وهو ما كان متعارفا عليه في إسرائيل في السنوات السابقة.
وكانتت "يونيون فينوزا" قد تفوقت في المناقصة على مجموعة "بريتيش غاز"، التي تشغل مرافق تصدير الغاز المصرية في إدكو.
ومن الجدير بالذكر، أن معامل تسييل الغاز في المرفقين لا تعمل حاليا إلا جزئيا، وذلك بأمر من الحكومة المصرية، والتي منعت تصدير الغاز بسبب النقص الحاد في الكميات المطلوبة لتوفير الاحتياجات المحلية.
وكبّد قرار الحكومة الشركتين خسائر تقدر بعدة مليارات من الدولارات، بسبب انتهاكهما لعقود طويلة الأجل مبرمة مع زبائن أوروبيين وآسيويين.
وبحسب غلوبز، فإن مجموعة "بريتيش غاز" ترغب بشراء كمية أكبر من تلك التي ستشتريها "يونيون فينوزا" -تقدر بسبعة مليارات متر مكعب سنويا- وذلك ضمن عقد لمدة تتراوح من 15 إلى 20 عاما، أي ما قيمته إجماليا 40 مليار دولار.
ويقول "غلوبز" إنه بسبب خسارة المجموعة، فإن الشركة مضطرة الآن إلى الاعتماد على الغاز المستخرج من حقل ليفياثان، والذي لن يتدفق قبل حلول عام 2017.
ولكن، وقبل أن يتمكن الغاز من التدفق من حقل ليفياثان، سيتوجب على أصحاب رخصة استخراج الغاز منه التغلب على بعض التحديات، وأهمها على الإطلاق تمويل تطوير حقل الغاز.
وتضيف أن الطريقة الرئيسية لضمان تمويل مصرفي هي إبرام صفقات طويلة المدى لتوريد الغاز، وأفضل شيء هو صفقة مثل تلك التي أبرمت مع مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية، "إلا أن زبونا كبيرا ومستقرا مثل مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية يتعذر إيجاده في منطقة شرقي المتوسط، بحسب تقرير الموقع.
ويحتاج "ليفياثان" إلى إبرام عقد توريد لما لا يقل حجمه عن خمسة مليارات متر مكعب في العام من الغاز الطبيعي، (وذلك بمعدل 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية)، وذلك لضمان تمويل المرحلة الأولى من مشروع تطوير حقل الغاز بتكلفة تقدر بخمسة مليارات دولار.
والاختيارات المتاحة لمثل هذا العقد ستكون إما مع مجموعة "بريتيش غاز" أو مع واحدة من عشر مجموعات تركية، وسوف يختار الشركاء في حقل ليفياثان مع أي واحدة من هذه المجموعات سيكون التفاوض داخل تركيا خلال الشهور الثالثة القادمة.
ويقول تقرير "غلوبز" إن إبرام مثل هذه الاتفاقيات لا يخلو من مجازفة سياسية، "وخاصة في البلدان التي تنتشر فيها مشاعر العداء لإسرائيل، وتحيط به العديد من الأسئلة ذات الطابع الاقتصادي.. فمثلاً، يعتبر الأردن زبونا صغيرا ومن غير المحتمل أن يرغب في الالتزام بشراء كل احتياجاته من الغاز من مورد إسرائيلي.. وبالمقابل فإن بناء خط أنبايب إلى تركيا يتطلب موافقة قبرصية، كما أن التفاوض مع مجموعة تجارية تركية قد يكون صعبا ونتائجه غير مضمونة".
وخلص التقرير إلى أنه ومن الناحية الاقتصادية، "يبدو الخيار المصري هو الخيار الأكثر منطقية".
ويضيف التقرير: "هنا يأتي عنصر المخاطرة السياسية، إذ لا يمكن توقيع عقد مع أي شركة تعمل داخل مصر دون موافقة الحكومة المصرية.. وتعتقد المصادر الإسرائيلية أن الجنرال عبد الفتاح السيسي، إذا ما تم انتخابه رئيسا لمصر هذا الصيف، فلن يثير أي عقبات، لكن التجربة علمتنا أن مصر لا يمكن الاعتماد عليها".
ويشير التقرير إلى بعض الصعوبات التي قد تواجه تطبيق الاتفاقات المعلنة، "لا داعي للتفصيل في سجل مصر، فيما يتعلق بالوفاء بالاتفاقيات المبرمة معها.. إضافة إلى ذلك، تعتمد الاتفاقيات المبرمة مع الشركات العاملة داخل مصر على الضعف المصري.. حاليا، يخدم الغاز الإسرائيلي الحكومة المصرية التي تواجه دعاوى ضخمة رفعتها ضدها شركات الطاقة الكبرى العاملة داخل أراضيها، ولكن في المستقبل قد تصبح إسرائيل غير ضرورية".
ويعرض التقرير أسباب لجوء مصر لخيار استيراد الغاز من إسرائيل بالإشارة إلى أن "لدى مصر احتياطي مثبت من الغاز الطبيعي يقدر حجمه بضعف حجم الاحتياطي الإسرائيلي، ولكنها غير قادرة على تطوير حقولها بسرعة كافية، بحيث تتمكن من توفير الاحتياجات المحلية من الغاز، والذي يصل المستهلك بأسعار مدعومة".
ويتساءل موقع "غلوبز": "ما الذي سيحدث لو تمكن المصريون من حل هذه الأزمة، هل سيسمحون لإسرائيل بالاستمرار في توريد الغاز إليها على حساب موارد الخزينة المصرية من الضرائب؟".
وتقول المصادر الإسرائيلية -وفق التقرير- بأنه حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلا فلن يتمكن المصريون من التغلب على الشح في كميات الغاز المطلوبة محليا قبل عشرينيات هذا القرن، ويضيفون أن الحكومة المصرية شريك في مرافق تسييل الغاز، وهذه من المفروض أن تعود عليها بالربح".
ويختتم التقرير بالإشارة إلى أنه في الوقت الراهن، فإن أكثر ما يهم مجموعة "بريتيش غاز" وشركة "يونيون فينوسا"، هو ضمان مورد للغاز على المدى البعيد، وهذا ما تستغله بشكل جيد شركات الغاز الإسرائيلية، ويضيف نقلا عن مصادر إسرائيلية: "إن الموضوع لن يكون مجرد نزهة، إلا أن خطاب النوايا كان خطوة أولى جيدة".